• الرئيسية
  • كل المواضيع
  • الاتصال بنا
facebook twitter instagram telegram
بشرى حياة
☰
  • اسلاميات
  • حقوق
  • علاقات زوجية
  • تطوير
  • ثقافة
  • اعلام
  • منوعات
  • صحة وعلوم
  • تربية
  • خواطر

ترانيم الألم

ضمياء العوادي / السبت 18 آيار 2024 / منوعات / 1674
شارك الموضوع :

دقّتْ الساعة الواحدة ليلا بدأتْ قواي تنفد، لم أعد أطيق الألم، خرجنا إلى المشفى، انتظر دوري في غرفة مطلة على السماء

لم يكن مقياس تلك الليلة الوقت بل كانت تُقاس بحجم الألم المُنوع فيها، ليلة بدأت بألم بسيط يمكن لأي فرد يحمله كنتُ حينها فرِحة بهذا الشعور حيث سأجرب أن أكون أمًّا للمرة الأولى، فكنتُ على أهبة الاستعداد لأي وجع يمرُّ بي، شغلتُ نفسي عن وجعها بدعاء الجوشن الصغير، والطلق يشد.. ببكاء قرأتُ دعاء التوسل لأول مرة أشعر بلذة هذا الدعاء، شعور مختلف مع كل إمام، تبعته بدعاء المشلول وأدعية أخرى، شعرتُ بخجل أمام الباري فهذه الجمعة أحييتها بما يليق بها فقط لأنتي أتالم، أين كنتُ في ليال الجمعات الأخرى، لازمني الحياء وأنا أدعو الله (عز وجل) فنحن لا نعرف حقّ العبادة إلا عندما نتألم أو نصاب بمصيبة.

دقّتْ الساعة الواحدة ليلا بدأتْ قواي تنفد، لم أعد أطيق الألم، خرجنا إلى المشفى، انتظر دوري في غرفة مطلة على السماء، أُسبِّحُ وأناجي وأقضي وقتي ذهابا وجيئة، الدقائق لم تكن تمر فكيف بالساعات، شعرتُ بوقوف الساعة أخبروني أن الطبيبة ستأتي مع آذان الفجر، راقبتُ الساعة، أنتظر مرور وقتها، ازداد الألم أضعافاً، شعرتُ لأول مرة بعظمة أمي، وراودني ألم مع كل موقف كنتُ أغضب عليها أو نتخاصم أو حتى أتسبب بألمها، ألم الحياء الثاني اعتراني، وقفتُ أقبل يدها ببكاء وصرخات حروفي (يمة ببيش أجازيج)، (سامحيني يمة)، وكنت أتوسل بها أن تجد لي طريقة لأتخلص من هول الألم.

الساعة الثالثة وخمس وأربعون دقيقة، ارتفع آذان الفجر، أسمع صوت الأذان وأنا منهكة القوى أنظر إلى السماء تزدحم غيومها، بدأت أدعو بدعاء الإمام موسى بن جعفر (عليه السلام): (يا مخلص الشجر من بين رمل وطين وماء، ويا مخلص اللبن من بين فرث ودم، ويا مخلص الولد من بين مشيمة ورحم، ويا مخلص النار من بين الحديد والحجر، ويا مخلص الروح من بين الأحشاء والأمعاء، خلصني بحولك وقوتك)، ذهبتُ لتأدية صلاة الفجر محنية الظهر والوجع يفترسني بقوة، أتممتُ الصلاة، وعدتُ إلى النافذة، اتأمل بطول هذه الليلة، أعلم بأنها ستنتهي وستكون مجرد ذكرى، لكن أميالها وقفتْ، ولم أعد أطيق الألم.

طول تلك الليلة أخذني حينها إلى ليلة الحادي عشر، طفقتُ أتحدث مع مولاتي السيدة زينب (عليها السلام) (يعينج الله مولاتي) وأردد مقطع (بس ليلة الحادي عشر احملها عني.. احملها عني)، بزغ الفجر وبدأت الغيوم تشتد كما وصبْ الألم، شغلتْ أمي دعاء العهد وأنا أسمعه بعين مسدلة الجفن ثم تبعته بدعاء الصباح، الجميع يخبرني بأن أصرخ حتى أعبّر عن الوجع عسى وإن يتم استعجال الطبيبة، لكن لساني انعقد لا أستطيع أن أتحدث، اتصلتُ بزوجي أخبرته أن يذهب لحرم الإمام الحسين (عليه السلام) كي يدعو لي، وجدته ذاهباً هناك منذ صلاة الفجر يتوسل ويناجي.

لم يكن مشهد أختي الكبرى بأقل من أمي حيث كانتْ تأتي لتُصبرني وتُخبرني بأن فرحة لقاء الطفلة سينسيني كل هذا الألم، أخبرتها بأني أفهم كل ما تقولين لكني لم أعد أطيقُ وجعا، كانت تذهب لتخفي دموعها عني، فهي عاجزة عن تقديم الحلول.

لأول مرة استشعر الاحتضار، نطقتُ الشهادة، الآن أيقنتْ بسبب اعطاء رتبة الشهيدة لمن توافيها المنية بالولادة، كما عرفت ماذا تعني الجنة تحت أقدام الأمهات.

جاءتْ أمي بتسجيل دعاء الندبة من أحد المجالس النسوية التي أحبها وبدأتُ أفكر بطول كل هذه السنوات على قلب صاحب الزمان وهو يتألم لكل فرد ويشاركه معاناته، فضلا عن ألم الأخذ بالثأر بكيت كثيرا مع ارتفاع صوت الرعد الذي زلزل الغرفة، السادسة والنصف جاءتْ الطبيبة توسلت بها أن تُخلصني مما أنا فيه.

الساعة السادسة وسبع وأربعون دقيقة اشتد المطر، أسمع ضجيجه على النافذة، مع صراخي بيا علي سمعت صراخ ابنتي، وُلدت طفلتي (فاطمة) رأيتها من بعيد تبسمتُ لشبهها الكبير بوالدها.

انتهت الولادة وخرجتُ إلى غرفة الاستراحة وسط مباركات الجميع وفرحهم، كنتُ أحاول السيطرة على دموعي، فرحا بانقضاء تلك الليلة وكمية الدروس والمشاعر التي حصدتها منها، تركوني للفراش لأغط في نوم عميق.

قصة
الأم
الطفل
الحمل
الحمل
الولادة
الايمان
الامل
شارك الموضوع :

اضافةتعليق

    تمت الاضافة بنجاح

    التعليقات

    آخر الاضافات

    إشراقة السيدة الزهراء .. معجزة الشمس الخالدة

    تجاوز سطح الخلاف: كيف يختبئ الاتفاق خلف سوء الفهم؟

    الحشمة المهدورة خلف ستار القرابة

    مع تغيّر الفصول… الصحة النفسية في الخريف تحت المجهر

    ‏ ما بعد الرومانسية: اختيار يصنع العمر

    دخلاء العلاج الطبيعي.. بين وهم المعرفة وخطورة الممارسة العشوائية

    آخر القراءات

    سبحان ربي الأعلى… حيث تلتقي الروح بالعلم

    النشر : الثلاثاء 02 ايلول 2025
    اخر قراءة : منذ 7 دقائق

    هل أنت مصاب بالنوموفوبيا؟

    النشر : الثلاثاء 16 تشرين الثاني 2021
    اخر قراءة : منذ 7 دقائق

    الاحتواء ومعناه العميق عند السيدة الزهراء

    النشر : الخميس 12 كانون الثاني 2023
    اخر قراءة : منذ 7 دقائق

    تجاهل أم عنصرية؟ ويكيبيديا ترفض إنشاء صفحة لعالمة حازت على جائزة نوبل للفيزياء

    النشر : الأربعاء 17 تشرين الاول 2018
    اخر قراءة : منذ 7 دقائق

    استطلاع رأي: ماسبب تفشي النفاق الاجتماعي؟!

    النشر : السبت 02 شباط 2019
    اخر قراءة : منذ 7 دقائق

    كيف ترتبط الديمقراطية بحقوق الإنسان؟

    النشر : الأثنين 18 تشرين الاول 2021
    اخر قراءة : منذ 7 دقائق

    الأكثر قراءة

    • اسبوع
    • شهر

    من درر شيخ الأئمة: "أن تنجو بنفسك… هو أرقى رد"

    • 553 مشاهدات

    تجاوز سطح الخلاف: كيف يختبئ الاتفاق خلف سوء الفهم؟

    • 475 مشاهدات

    الولادة النبوية.. رسالة كونية غيبية

    • 423 مشاهدات

    الحشمة المهدورة خلف ستار القرابة

    • 416 مشاهدات

    الإمام الصادق: رؤيته لقضايا المجمتع ومعالجة مظاهر الإنحراف

    • 380 مشاهدات

    محاولة الانتقال إلى الأفضل..

    • 377 مشاهدات

    بحر الزائرين: ذكرى استشهاد الإمام العسكري تعيد رسم خريطة الولاء في سامراء

    • 1200 مشاهدات

    الشورى: وعي ومسؤولية لبناء مجتمع متكامل.. ورشة لجمعية المودة والازدهار

    • 1166 مشاهدات

    الإمام الحسن العسكري: التمهيد الهادئ لعصر الغيبة

    • 1105 مشاهدات

    العباءة الزينبية: رمز الهوية والعفاف في كربلاء

    • 1087 مشاهدات

    اللغة الإنجليزية عقدة الجيل: لماذا نفشل في تعلمها رغم كثرة الفرص؟

    • 1069 مشاهدات

    مشاعرُ خادم

    • 677 مشاهدات

    facebook

    Tweets
    صحيفة الكترونية اجتماعية ثقافية بادارة جمعية المودة والازدهار للتنمية النسوية

    الأبواب

    • اسلاميات
    • حقوق
    • علاقات زوجية
    • تطوير
    • ثقافة
    • اعلام
    • منوعات
    • صحة وعلوم
    • تربية
    • خواطر

    اهم المواضيع

    إشراقة السيدة الزهراء .. معجزة الشمس الخالدة
    • منذ 20 ساعة
    تجاوز سطح الخلاف: كيف يختبئ الاتفاق خلف سوء الفهم؟
    • منذ 20 ساعة
    الحشمة المهدورة خلف ستار القرابة
    • منذ 20 ساعة
    مع تغيّر الفصول… الصحة النفسية في الخريف تحت المجهر
    • منذ 20 ساعة

    0

    المشاهدات

    0

    المواضيع

    اخر الاضافات
    راسلونا
    Copyrights © 1999 All Rights Reserved by annabaa @ 2025
    2025 @ بشرى حياة