اسم الكتاب: استراتيجيات إنتاج الثروة ومكافحة الفقر في منهج الإمام علي (عليه السلام)
الفئة: اداري - اقتصادي - سياسي
الكاتب: سماحة السيد مرتضى الشيرازي
عدد الصفحات: 312 ورقي
يُعد الكتاب من الكتب الاقتصادية، التنموية، الغنية بالمعلومات وهو شرح تفصيلي لجزء من وصية الإمام علي لمالك الأشتر بعد تسلمه ولاية مصر والآلية المُتبعة في عصر أمير المؤمنين حيث كانت البلاد الاسلامية في تلك الفترة آنذاك في أوج ازدهارها وغناها وقلت نسبة الفقر بل وحتى شبه انعدمت في عصر أبا الحسن (عليه السلام) بعد تطبيقه مجموعة من الاستراتيجيات الاقتصادية التي ورثها عن النبي (صلى الله عليه وآله) والتي بدورها ارتقت بالمجتمع وهو ما لم يفعلهُ الولاة السابقين للدولة الاسلامية.
يتكون الكتاب من بابين وملحق، يتناول الباب الأول منطوق الفقر ومحور وأسباب ونتائج على مستوى الفرد والمجتمع ضمن ثلاثة محاور فالأول يناقش العوامل الاقتصادية لإيجاد الثروة وتنميتها والمحافظة عليها وهو دراسة للجوانب المادية لموضوع الفقر ويناقش الفصل الثاني العوامل الأخلاقية والغيبية لإيجاد الثروة وتنميتها والمحافظة عليها، وينحصر نطاق الفصل الثالث في محاصرة عوامل تبديد الثروة وملاحقة بواعث الثروة وهو دراسة في معالجات الفقر بعد نشوئه بهدف رفعه ومعالجة كينونته.
أما الباب الثاني يتمركز حول الفقير وأحواله ضمن ثلاثة محاور أيضاً، الأول عن الرؤية العامة تجاه الفقراء وكيف يجب أن تكون ثقافة الفقير، المحور الثاني يتناول واجبات الفقير ومسؤولياته أما الثالث فيتكلم عن سبل وآليات الاثراء المشروع والخروج عن دائرة الفقر عبر الالتزام بالتعاليم السامية الدينية.
ويذكر المؤلف مدى الفقر كونه لا ينحصر على الجانب المادي وحسب إنما يشمل جميع مفاصل الحياة وله امتدادات أوسع مما هو شائع فهو في جوهره الحرمان والحاجة لكل من (الحب، العاطفة، التعليم اللائق، الرعاية الصحية، التربية البدنية التي يحتاجها الإنسان، متطلبات العيش الكريم، الأمان الاقتصادي والسياسي وغيرها مما لا يحصر ذكره).
وهذه الشمولية ركزت على الفقر العلمي بقول أمير المؤمنين (عليه السلام): (لا غنى كالعقل، ولا فقر كالجهل) والجهل بحد ذاته سبب ومسبب للفقر المادي الاقتصادي لأن قلة العلم والتوقف عن التعلم بحد ذاته قد يؤدي إلى الفقر وأبسط مثال على ذلك لو مات أب وترك لأولاده ثروة دون أن يعلمهم كيف يحافظوا عليها ويستثمرونها فهذا سيؤول بها إلى الضياع بالتالي فإن العلم هو سبب في تكون الثروة أو ضياعها.
وقد وضع أمير المؤمنين 14 عاملاً لإيجاد الثروة والمحافظة عليها وتنميتها وشملت هذه العوامل كل ما يمت بصلة بالناس بشكل مباشر أو غير مباشر وما يضمن حقوقهم:
(منح الأرض والمعادن والثروات كلها للناس، أن تعطى الأولوية للإعمار والتنمية والاستثمار في البنية التحتية، ترشيد الإنفاق، الضمان الاجتماعي، خلق التوازن بين الريف والحضر، التكافل الاجتماعي، وضع معايير موضوعية للمسؤولين الاقتصاديين وإلزامهم بها، تكريس مبدأ المساءلة والمحاسبة، تنشيط حركة الأموال، تقليص ساعات العمل، المرونة في الضرائب، توفير الحريات، على الدولة التخطيط والإشراف لا الإنتاج، مكافحة كافة عوامل تبديد الثروة أو تحطيم الاقتصاد).
كما أنه ركز على أن الحرية تعد العامل الأساسي في تفجير الطاقات وظهور المواهب والإبداعات، مما يعني فرصة أكبر للابتكار، ومساحة أوسع للعمل التكنلوجي، زراعياً وصناعياً، وبالنتيجة تكون الفرصة أكبر لمكافحة الفقر بشكل أقوى وأسرع.
كما وقد ذكر العوامل الغيبية والأخلاقية وهي عادات معينة بين العبد وربه تستجلب البركة الإلهية غيبياً وتستدعي لطف الله لروق العباد من خزائن غيبه، ومن هذه العوامل (التقوى، تقديم الاستخارة، اتخاذ السهولة منهجاً، التقرب من العملاء، التزين بالحلم، النهي عن اليمين، الصدق والانصاف، الابتعاد عن الظلم، اجتناب الربا، النزاهة، تاجروا الله بالصدقة، صلة الأرحام، الاستعانة بمفاتيح الغيب، ترك العادات المفقرة).
عن الإمام الصادق (عليه السلام): إن الكسب فريضة بعد الفريضة.
الفريضة المعروفة هي الصلاة وهي عمود الدين وهناك فريضة أخرى وهي الكسب فإن العمل والإنفاق على العائلة واجب كما أنه يعد الجهاد الاقتصادي وأن طالب الرزق كالمجاهد في سبيل الله كما نقلته الأحاديث وهو لا يقل عن الجهاد العسكري وهو العلة المتبقية لما يتحقق بالجهاد العسكري من مكاسب وانجازات، كما يذكر هرم السعادة المتكون من التقوى والصحة والمال، وإن الغنى لا يحمل قيمة ذاتية بل قيمته طريقية إذ يهدف بتخفيف أثقال الناس وصيانة الأعراض والإنفاق في طاعة الله.
كما أن العمل باليد بما يصحبه تعب وعرق وكد هو سنّة الأنبياء وله كثير من الفوائد الصحية والنفسية والمادية مذكورة بشكل تفصيلي في الكتاب، وذكر الحديث (الرزق رزقان: رزق تطلبه ورزق يطلبك) والمراد به لن يفوتك ما قسم لك وبأن الأرزاق لا تُنال بالحرص والمغالبة أي كن متوازناً فلا تترك الطلب والكسب بالمرة ولا تكن شديد الحرص شرهاً بل أجمل بالطلب بحكمة واعتدال.
وذكر المؤلف واجبات الفقير ومسؤولياتهُ في فصل كامل فهل عليه أن يستسلم لفقره؟ أم عليه واجبات عقلية وشرعية تكفل له أن يلتزم بها على المدى البعيد للخروج من دائرة الفقر ومن جملة هذه الواجبات: (الاكتفاء الذاتي أي لا تسأل ولا تستجدِ، والعفاف عن الحرام، تكتم عن ضرك فمن كشف عن ضره زاد في ذله، ترك السؤال فإن خير الغنى ترك السؤال، القناعة، التميز بين الاسراف والاقتصاد، السعي دون حرص وشراهة، عليك بلقة الرغبة والإجمال في الطلب، التعامل بالحكمة، طيب المكسب وهذا له دلالتين وهما الكسب عبر الطرق المشروعة وتجنب الحرام والكسب عبر الطرق المعلومة وتجنب الشبهة، التحلي بالصبر الإيجابي، لا تسيء الظن بالله ولا تجحد الحقوق ولا تقتر، طرق أبواب الرزق الشرعية) وغيرها من الأمور التفصيلية المذكورة في هذا الفصل.
كما وإن أهم سبل الخروج من دائرة الفقر هي:
التفكير الإبداعي والمغامرة المدروسة اللذان سيعتبران من أهم سبل اكتشاف طرق جديدة نحو الثراء والتغلب على العقبات غير المتوقعة التي قد يواجهها أرباب العمل والشركات.
المحافظة على ما في يدك أي ما في يد الإنسان من الشركة، المعمل، المال وغيرها فعليه أن يصونها عن الخراب والتلف وإلّا فإنه سيضطر لطلب المساعدة.
التزام الرفق في المعيشة فالرفق يعد من أهم طرق الحصول على المال والحفاظ على الثروة وتنميتها والرفق عكس العنف هو لين الجانب وهذا يجعل العامل علاقته تتوسع وسمعته ستتوسع وتمنحهُ المزيد من المصداقية ويتهافت الناس عليه.
كما وذكر جملة من الطرق منها: (عليك بالاقتصاد دائماً، عليك بحسن التدبير، اتجه نحو التجارة وتجنب الوظائف، اتقن الأعمال واحتط، استثمر حتى النواة، استثمر في الزراعة، عليك بالاكتفاء الذاتي المنزلي، ساعد أهلك، اعمل ثم اعمل، استثمر المياه والأراضي، اتبع سياسة التفويض وتوزيع الأدوار، تفقه في المكاسب، عليك باختيار الأكفاء، تمسك بالدعاء واذكر الله تعالى، عليك بالسماح فإنه الطريق للأرباح، اعط أكثر وستربح أكثر، اختر الموقع المتميز، تجنب القسم بالله تعالى، عليك بالمحافظة على الممتلكات، تجنب الغش، اعمل في بلدك شارك ذوي الحظوظ والناجحين، أحسن انتخاب من تستعين بهم، لا تتعامل مع السفلة، أبكر في الرزق، عليك بالأمانة والاتقان، اكتف بالضروري، كن سهلاً ولا تتشدد، احذر الكسل، اترك الأماني وأقبل على العمل، عليك بالأحلام الإيجابية، قاوم النوم، ضع جدولاً لأعمال الليل والنهار، تجنب كثرة الأكل، اطلب الرزق بين الطلوعين).
إن كل ما ذكر يُعد رؤى عملية وعلمية ضمن تطورات استراتيجية على نطاق دولة تكون ضمن عوامل سياسية واقتصادية وثقافية تشمل كل قطاعات ومؤسسات الدولة والمجتمع المدني، واعتمد منهج الكتاب تحليلي، تركيبي، إحصائي يستند إلى معطيات بيانات موضوعية، فضلاً عن المنهج النقلي الاستدلالي.
اضافةتعليق
التعليقات