ارتفع سوق الطب التجميلي بعشرات الأضعاف بعد وضع مقاييس الجمال من طول الأنف والمسافة بين الشفاه والأذن والفك المنحوت والعيون المسحوبة أو المفتوحة والجسم المثالي وفقاً للطول ووضع أساليب الحصول وامتلاك هذه التفاصيل بواسطة عمليات التجميل التي انتشرت في السنوات الخمس الأخيرة كالنار في الهشيم رغم تكلفتها العالية وجودتها التي بدأت تدق ناقوس الخطر وتعرض حياة الكثير من الشابات والشباب على حدٍ سواء للخطر بحكم سوء التخدير وعدم تخصص العاملين في هذا المجال الحساس وتأثر النزعة والرغبة المادية وسوء الرقابة الصحية.
فكم من شاب وشابة فقدوا حياتهم بسبب خطأ طبي تجميلي كان من الممكن جداً تجنبه لكن الهوس المتجه نحو التجميل والاهتمام بالمظاهر نتيجة للخواء الروحي وفقدان الاشباع المعنوي وسطحية الفكر والانجرار الشعبي لهذا الطريق الذي لا تحمد عقباه وغياب الروادع الفعلية وعدم القدرة على دفع هذا الجيل وما بعدهُ لما هو بديل ويجب أن يكون البديل روحياً ومعنوياً في اقناع الشابة والشاب على أن الجمال ليس بطول الأنف وانتفاخ الشفاه إنما لما يحملهُ من فكر وعقل مستنير.
وهذه الفكرة تتطلب فترات لا محدودة لإعادة صياغتها وتقديمها وقابلية هذه الأجيال على تقبلها واحتوائها ومحاولة توصيل فكرة أن الوجوه المتشابهة تفقد جماليتها والخيوط الذهبية لسحب بعض عضلات الوجه تعدم ردة الفعل العاطفية من الضحك والحزن وبذلك توصل الكثيرين إلى الشك في مدى مصداقية الإحساس بالمفاجئة أو الفرح والاستياء فإن المبالغة في هذه العمليات هي سرقة لعاطفة الإنسان بإرادة غير واعية دون إدراك لما قد يفقده الإنسان.
فإن قضية ضعف وانعدام الثقة بالنفس تُعتبر أساس المشكلة ونقطة الحل في ذات الوقت لذا يقول الطبيب النفسي جيرار لوغويز إن المراهقين والمراهقات يجدون أحيانا صعوبات من تقبل الانتقال من سن الطفولة والمراهقة إلى سن البلوغ والنضج، وأحيانا تختلط عليهم الأمور ويعتقدون مثلا أن عدم الثقة بالنفس نابعة من وجود أنف أعوج وتصحيح «مسار» الأنف وتقويمه قد يعيد ثقتهم بأنفسهم واجراء العمليات الجراحية لن يساعد المراهقين على تغيير نظرتهم إلى أنفسهم فالخطر يكمن في أن يظن الإنسان بشكل عام والمراهق بشكل خاص أن الحل هو أن يغير شكله أو جسمه ليعجب الآخرين وأن العملية الجراحية التجميلية ستساعد على ذلك، بينما الحل يجب أن يكون داخل نفس المراهق وعقله وعليه أن يقتنع بأن في مقدوره أن يحوز إعجاب الآخرين كما هو وليس كما يريده الآخرون.
فإن الوجوه المتكررة باتت مملة جداً وتفقد جماليتها الخاصة وتنعدم فيها الفطرة البشرية التي خلقنا الله تعالى بها حيث قال تعالى في سورة التين: (ولقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم)، فإن المفهوم الحقيقي لـ(إن الله يحب الجمال) يجب أن نضيف له كلمتين في هذا العصر لكي تكون العبارة (إن الله يحب الجمال لا التجميل) وشتان بين هذا وذاك.
اضافةتعليق
التعليقات