"شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ". ها قد أقبل علينا شهر الله، شهر فيه ليلة القدر التي هي عند الله خير من ألف شهر، شهر الصبر على الطاعات والصبر عن المعاصي والمحرمات، شهر المواساة بين الغني والفقير، شهر فيه فرصة عظيمة للتحلي بالفضائل والتخلي عن الرذائل، شهر تقوية الإرادة ومقاومة النفس الأمارة بالسوء، وبعبارة أدق "شهر التغيير".
والتغيير يكون على نوعين: تغيير داخلي وتغيير خارجي، ويمكن أن نقول أن هناك ترتباً طولياً بين هذين النوعين، فالتغيير الداخلي يقع بالرتبة الأولى والخارجي في الرتبة الثانية، وعلماء الحضارة والاجتماع يؤكدون أن كل التغييرات التي حدثت في التاريخ تقدمها تغيير داخلي، وقبل علماء التاريخ والاجتماع والحضارة نجد هذه الحقيقة جلية بالقرآن الكريم في قوله تعالى: "إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم".
فالمخترع والعالم كلاهما لديهم نفس القوة الشهوية والقوة الغضبية الموجودة في غيرهم من الأفراد ولكن الفرق هو ب "المقاومة"، فهؤلاء يقاومون ويتحكمون بالقوى الداخلية للوصول إلى أهدافهم
وتحقيق نجاحاتهم، فلولا التحكم لما كان لأي إنتاج وإنجاز حضاري مهما كان متواضعاً أن يرى النور في هذه الحياة.
وكذلك هناك نقطة مهمة لا ينبغي أن نغفل عن ذكرها وهي أن التغيير بحاجة إلى طاقة داخلية، ونحن نظن بأن إحدى أهم أهداف نظام العبادات بالدين هو إيجاد هذه الطاقة، فربما يكون بالبداية على شكل إيجاد ولكن مع مرور الأيام العبادة توجد هذه الطاقة ثم تتحول إلى حالة ثم تتحول إلى ملكة، فنحن عندما نقوم كل ليلة لنافلة الليل فهي توجد طاقة التغيير في نفسنا، وكذلك قراءة القرآن وتدبر آياته تشعر الإنسان بهذه الطاقة.
وشهر رمضان إحدى مواسم العبادات المتنوعة، فيه الصيام ومقاومة الشهوات وقراءة القرآن بتدبر آياته والأدعية الخاصة بهذا الشهر بما فيها أدعية السحر، كل هذه العبادات تشكل بمجموعها أفضل وأسرع فرصة نحو التغيير واكتساب الطاقة الداخلية للارتفاع عن الأنانيات والشخصيات
والنزاعات الشخصية، فلنجرد عباداتنا وأعمالنا عن الأنا وحب الذات.
لنمنح أنفسنا فرصة في هذا الشهر للتوقف على أعمالنا وعباداتنا، ومعرفة أهدافنا وإلى أين نسير.
اضافةتعليق
التعليقات