قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: " ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد من يملك نفسه عند الغضب".
وقد قيل للإمام الحسن عليه السلام: ما الحلم؟
قال: كظم الغيظ، وملك النفس. أي أن يسيطر الإنسان على نفسه، حينما يواجهه الآخر بتصرف مستفز، ذلك إن غريزة الغضب تتحرك عنده، لتحميه من الإسفزاز الموجه إليه.
ولكن الحليم هو من يتحكم في توجيه هذه الغريزة، ولا يستخدمها إلا في ظرفها المناسب، لأن إتاحة الفرصة لهذه الغريزة أن تتفجر على شكل تصرف غاضب قد يضر الإنسان بدلاً من أن يفيده.
فكم من مظلوم تصرف تصرفاً طائشاً، وتحول بسبب ذلك التصرف إلى ظالم مدان.
فعلى الإنسان أن يداوي غضبه بلجوئه إلى العبادة، فصلاة ركعتين قربةً إلى الله تعالى تزيل غضبه.
فليتنا نتعلم الحلم من الإمام الحسن عليه السلام.
فقد برزت هذه الصفة في الظروف التي عاشها بشكل واضح حين كان يواجه إستفزازات من جهتين:
الجهة الأولى: خارجية، وتتمثل في معاوية بن أبي سفيان، وجهة الشام، حيث سعى معاوية بكل جهده وقوته وإمكانيات سلطته وحكمه إلى أن يشوه سمعة الإمام الحسن عليه السلام لعزله شعبياً.
ويتعمد كثيراً أن يسمعه بعض الإسفزازات.
والجهة الثانية: داخلية، حيث أن قرار الإمام الحسن عليه السلام بالصلح مع معاوية، والذي فرضته عليه الظروف، ورعاية مصلحة الأمة أثارت مشاعر بعض المحيطين بالإمام، ونظروا إلى الصلح على إنه موقف ذل وخنوع وإستسلام فراحوا يوجهون لومهم العنيف وعتابهم الشديد بعبارات مسيئة وغير لا ئقة.
حتى قيل له: أخرجتنا من العدل إلى الجور.
وقيل: السلام عليك يا مذل المؤمنين. ومن هذا الكلام.
فمثل هذا الكلام لا شك إنه يستفز الإنسان ويؤجج غضبه، ولكنه عليه السلام واجهه بحلم وأناة بالغين، وإستطاع بذلك إمتصاص الآثار والنتائج السلبية.
فلقد كانت جبهته بحاجة إلى التماسك والتلاحم. ولقد كان حلمه عليه السلام منهجاً سلوكياً، ومعلماً بارزاً، وكان يتعامل به في مقابل الإستفزازات الفردية المعادية.
فقد كان عليه السلام عنده شاة، فوجدها يوماً قد كسرت رجلها، فقال لغلامه: من فعل هذا بها؟ فقال الغلام: أنا. فقال له: لما ذلك؟ فقال: لأجلب لك الهم والغم. فقال له الإمام: لأسرك، فأعتقه وأجزل له من العطاء.
فالعاقل هو الذي يملك الحلم. يقول الإمام علي عليه السلام: "عليك بالحلم فإنه ثمرة العلم".
فالعالم هو الذي ينبغي أن يتحلى بالحلم لأنه يفهم سلبيات الجاهلين ودوافع أخطائهم.
فالسلام على الحسن المجتبى المظلوم، الكريم، الحليم.
اضافةتعليق
التعليقات