في مدينة كربلاء.. تنتشي الأرواح المتعبة التي أنهكتها الحياة للموالين والمحبين حينما يلوذون إلى الحرم المقدس للجلوس بمحاذاة قبر ابن بنت رسول الله الإمام الحسين (عليه السلام) لتتبرك بقدسية المكان واستنشاق عبيره الأخاذ..
وللتعرف أكثر عن مشاعر الزائرين الوافدين من المدن المجاور والبلاد الأخرى أجرت (بشرى حياة) هذه الجولة الإستطلاعية:
شهداء المذهب
ما زالت تأن القلوب لشهدائنا الأبرار ولا ننسى بالذكر شهداء المذهب حيث أفجعتنا وأدمت قلوبنا مجزرة سبايكر المشهد الذي لا يفارق الذاكرة بالتناسي فالواقعة الأليمة تنكأ الجرح لمجرد ذكر اسمها.
وهنا يستكن القلب.. استهلت الحاجة أم عصام زائرة من مدينة البصرة حديثها قائلة: حينما أدخل الحرم الحسيني المقدس يستكن قلبي من الوجع فبعدما فقدت ابني في فاجعة سبايكر أمست روحي لا تهدأ إلا هنا تحت قبة أبا عبد الله.
وأضافت: في الماضي كنت أحضر مع ابني الشهيد وأبناء عمومته في موكبهم لإحياء زيارة الأربعين وخدمة الزائرين، ولكن بعد استشهاده تردى وضعي الصحي ولم أستطع الحضور في أوقات الزيارة كالسابق لهذا أسافر إلى كربلاء قبل وقتها لأجري طقوس الزيارة لي وبالنيابة لابني رحمه الله.
من جانب آخر قال الحاج سرمد: من أجمل الطقوس لدي هي أداء الزيارة إلا أن الأمر لا يقتصر على الدخول للحرم المطهر والدعاء فحسب.
فكلنا نعرف أن الزيارة يجب أن تكون مشترطة بالنية الخالصة باليقين والطهارة والخشوع فالحسين (عليه السلام) كانت رسالته واضحة لنا ففي صلاته الأخيرة وتلاوته للقرآن الكريم قبل ليلة شهادته كان يرم بذلك إخبارنا أن أساس الدين وعموده هي الصلاة وتلاوة القرآن.
وأضاف: لذلك يجب أن تقترن زيارة كل المعزين الوافدين بأداء فروضها على أتم وجه وأصدق عقيدة كالصلاة وغيرها من الطقوس التي ترتقي من خلالها دعواتهم إلى عنان السماء تحت قبة أبا الأحرار (عليه السلام).
فيما قالت الزائرة أمل شبيب من دولة لبنان: أنا أعتبر لزيارة الحسين (عليه السلام) مناسك خاصة، كمناسك الحج المقدس فلا يقتصر هذا المكان البهي جمالا عن جمال بيت الله الحرام فالقداسة أشعر بأنها تملأ جميع بيوت الله من مساجد وأضرحة لأهل البيت (عليهم السلام) لهذا يتوجب على الزائرة أن تقتدي بآداب الزيارة بلباسها الفضفاض وعدم التبرج المبتذل والتطهر لدخولها الحرم الشريف .
وأضافت: هذا العام الثاني الذي يكتب الله لي به السفر إلى العراق لإحياء مراسيم زيارة عاشوراء حيث سنبقى هنا ونسافر إلى مدينة النجف الأشرف لزيارة المراقد المقدسة في المدينة ثم نعود مرتجلين إلى مدينة كربلاء المقدسة لإتمام زيارة الأربعين.
ختمت حديثها: الشعور الذي ينتابني لا يوصف، الطمأنينة والسكينة تملأ ثنايا روحي المتعبة، أسأل الله أن يتقبل منا صالح أعمالنا ويكون الحسين ابن علي (عليهما السلام) شفيعنا يوم القيامة.
وكانت لنا هذه الوقفة مع الشيخ عبد الكريم هادي الحمداني حدثنا من خلالها قائلا: تنقل لنا الأحاديث النبوية الشريفة أن لزيارة الحسين (عليه السلام) فضل وشأن كبير عند الله العلي القدير، فقد روي أن من زار الإمام وهو عارف بحقه كتب الله له ثواب ألف حجة وألف عمرة، وكأنه زار قبر الرسول (ص) كما أن زيارته تزيد الرزق وترفع درجته في الجنة وتطيل العمر وتغفر الذنوب ويستجاب تحت قبته الدعاء وتدفع السوء والهموم، ويرزق الجنة تحت لواء الحسين (عليه السلام) ويأمن من هول القبر ويأتي كتابه في يمينه.
وأضاف: كما يتوجب على الزائر التمسك بآداب الزيارة والتي لا تمثل الجانب المادي وإنما تتميز بالجانب النفسي والروحي وما يتبعه من سلوك منعكس من تأثيرات الإمام على حياتنا وشخصيتنا.
فالزيارة هي الإستعداد النفسي والروحي للقاء الإمام الذي افتدى الدين والإنسانية بكل ما يملك، لذا علينا أن نستهل الزيارة بخطوات تشخص أخطاءنا وتطهير أنفسنا من آثام حب الذات واتباع الهوى والتردي في المكاسب المحرمة وظلم الناس والإيمان العميق بمظلوميته متمسكين بالعروة الوثقى.
وتابع الحمداني: ومن المهم أن ندرك ما له من حق في أعناقنا كمحبين وتوطين النفس على مناهضة الذنوب عند الدخول إلى حرمه المقدس، لذا يتوجب علينا أداء الزيارة بشروطها والتمسك ببركتها حتى بعد مغادرة المرقد الشريف، فزيارتنا للإمام الحسين وسائر أهل البيت (عليهم السلام) مقرونة بأعمالنا واجتهادنا، فهنيئا لمن فاز بجهاد نفسه وهو في طريقه إلى زيارة الإمام الحسين (عليه السلام).
اضافةتعليق
التعليقات