لن نتحدث عن أهمية القراءة التي من المفترض أن نكون قد انتهينا منها، وكما نقول دائمًا إننا الأمة الوحيدة في العالم وفي التاريخ المطالبين شرعًا وفكرًا بالقراءة، فنحن أمة (اقرأ) ومن العار ألا نقرأ وألا تكون حياتنا الفكرية والوجدانية والروحانية مرتبطة بالقراءة.
وعلى الرغم من ذلك، وعلى الرغم من هذه العبارات الإنشائية والمثالية الجميلة نجد أن الحقائق تشير إلى عكس ذلك، فقد وجد أن متوسط معدل القراءة في العالم العربي لا يتعدى ربع صفحة للفرد سنويًا، وذلك بحسب نتائج خلصت إليها لجنة تتابع شؤون النشر، تابعة للمجلس الأعلى للثقافة في مصر. ويعتبر هذا المعدل منخفضًا ومتراجعًا عن السنوات الماضية.
كما إن محور حديثنا هو عن الركن المهمل والمنسي دائماً عند بناء أو تصميم بيت جديد: المكتبة المنزلية، إن في كل بيت يوجد مكان مخصص للأدوية تُعرف بالصيدلية المنزلية والتي تتوفر فيها العلاجات الضرورية لعلل الجسد ولكن يا ترى هل أوجدنا بل هل خصصنا ركنا لعلاج العقل والروح؟!
فإن الكثير من منازلنا تفتقر إلى وجود المكتبة المنزلية، أو حتى ركن صغير – ربما تحت السلم – يمكن اعتبارها خزانة كتب، وهذا في معظم منازلنا، حيث إن الكثير منها يتم تصميمها وبناؤها من غير أن يفكر الوالدان في وجود مكتبة وهذا مؤسف جداً.
تُعد المكتبة الشخصية أو المكتبة المنزلية من أهم أنواع المكتبات، لأن وجودها في المنزل يخلق جوًا ثقافيًا لأفراد المنزل، وهي تعمل على غرس حب القراءة في أفراد المنزل، ولذلك فهي تستحق منا الاهتمام الدائم لأنها من الضروريات اللازمة لكل منزل، فنجد من الناس – الذين يهتمون بالكتب – من يمتلك في منازلهم غرفًا كاملة يخصصونها للكتب، ومنهم أيضًا من يحتفظ بالكتب في غرفة بسيطة.
أما الذين لا تسمح ظروفهم بتخصيص غرفة للكتب فيحاولون إيجاد مكانا لها في أي زاوية من المنزل، وصفوف الكتب في أي غرفة على اختلاف ألوانها وأحجامها تثير في النفس شعورًا بالارتياح، لذلك نجد أن المنزل الذي يحوي ضمن ردهاته غرفة للمكتبة الشخصية فهو المنزل الأمثل الذي يفخر به المجتمع ويكون رمزًا لتقدم الأمة ورقي المجتمع شرط أن تكون هذه الكتب وهذه المكتبة ليست ديكوراً للتفاخر في مواقع التواصل بل مكاناً حقيقياً خاصاً للقراءة والتعلم لكل ساكني البيت من الأطفال حتى الكبار.
فالقراءة هي مفتاح المعرفة لأنها الطريق الذي يمدنا بالمعلومات عما يقع في الكون من أحداث، وما يدور في المحيط من وقائع، وما وصلت إليه العقول من خبرات، وهي إلى جانب ذلك متعة تعين على ملء أوقات الفراغ بنشاط مثمر رشيد ولا شك أنه لا يوجد بين أغراض وأساليب التربية أسلوباً أبعد أثرًا وأكثر فائدة من توجيه الأطفال إلى الكتب حتى ينشأ بينهم وبين الكتب منذ حداثتهم جواً من الصداقة والألفة السعيدة.
اضافةتعليق
التعليقات