هل جربت أن تركض وأنت مغمض العينين أم هل فاض كأسكَ بشَرابٍ لم يملأ العين، أو هل زارك طيف حبيبٍ بينما قلبك مصلوب الذراعين، وهل راودكَ حديث المجانين على حين؟ كلنا تراودنا الأسئلة ونجيب بكذبة أو بحقيقة يشوبها الإبهام فهل جربت أن تقرأ مقالاً أنت تجيب على سؤاله وتضع الخاتمة فيه.
جميع الأمم التي تحيا على هذه الأرض لها موروثها الثقافي الخاص، وهذا الموروث بدوره يعبّر ويصور الكثير من الوقائع والمناسبات، والتي حصلت خلال التاريخ، ولعل من أكثر أنواع التراث شهرة “الأمثال الشعبية” والحكم، ويقوم الناس باستخدام هذه الأمثال أو الحكم إذا مرّوا بظرف أو حدث مشابه للحدث الأصلي الذي قيلت فيه تلك الأمثال، فيعبرون عنه بمثل أو حكمة، وهكذا تبقى محفوظة، ويتداولها الناس جيلًا بعد جيل مع إضافة ما استجد من أمثال تعبر عن أحداث الحاضر وكلنا نعرف الحكمة التي تقول: خذوا الحكمة من أفواه المجانين، وأظن أن الناس ما قالوا ذلك إلا لأن بعض المجانين أفضل بكثير ممن عطلوا عقولهم
ومن ذلك قصة طريفة لمجنون حيث تأخر خطيب الجمعة، فما كان من أحد المجانين إلا أن صعد المنبر، فأراد بعضهم إنزاله، لكن أحد المسؤولين أمرهم بتركه ليخطب بالناس، فخطب المجنون وقال: الحمد لله الذي خلقكم من اثنین وقسمكم قسمین، فجعل منكم أغنياء لتشكروا وجعل منكم فقراء لتصبروا، فلا غنيكم شكر ولا فقيركم صبر، تبا لكم جميعا وقوموا إلى صلاتكم أیها المنافقون.
هذا المجنون قال حقا وإن كان في أسلوبه جلافة فاليوم كلنا يسعى ليتفقه بنفسه حتى أصبح نصف العالم جوع ونصفه الآخر يرثى له بتناقضات غريبة تطول فيها كل الأحداث إلا الفساتين وكل خلاعة تحمل معناها إلا على المسرح تدعى فنا كلما قصرت وضاقت تتوافد على مرتديها الأدوار وعلى الشاطئ رياضة وثقافة وفي كتاب تغيير أسلوب وحبكة وأصبحت النصيحة فضيحة والقول فلسفة وما كانت هذه التناقضات وليدة اليوم فقد كان محمود درويش يهاجم اسرائيل في شعره ولكن حبيبته كانت اسرائيلية وديل كارنيجي الذي ألف "دع القلق وابدأ حياتك" الشهير.. مات منتحرا! وجان جاك روسو ألّف كتب في التربية وأودع أبنائه في ميتم وأغلب علماء وسادة العراق يتكلمون عن الفساد والأخلاق والدين، وهم الفساد والدجل والكذب والسرقة والحرام بجميع أجزائه وربما حتى هذه المسميات لو نطقت لقالت فاقونا فانعتوهم بما ينزهنا من هكذا أشخاص فلا انسان تمت لهم ولاهم ببشر وأخيراً ستجد من مونديال 1986 مارادونا مكتوب على قميصه "لا للمخدرات" وبلاتيني مكتوب على قميصه "لا للفساد" بعدها مارادونا أصبح أكبر مدمن مخدرات وبلاتيني أصبح رجلا فاسدا.!
وكل من حظر مجلسا تصدر رأيه وصب عليهم جم أحاديثه وقصصه دونما اكتراث إن كانت ذات معنى أو ذات سم يشوه الحقيقة وإن لم يكن عارفا ففي الحاضر لا يوجد من هو ليس بفقيه بينما ببساطة عندما تحضر نقاشا ما، لا يكون عليك أي التزام أخلاقي أو قانوني بتأييد أي طرف؛ وإنما كل ما عليك هو ممارسة قدر من العدالة الفكرية والقيمة الأخلاقية التي تتطلب منك الاعتراف بجهلك بموضوع النقاش، حتى ولو كان هذا الاعتراف داخل نفسك ودونما إفصاح عنه، ثم التفضل على الحياة باتخاذ موقف سلبي منه، بعبارة أخرى، العارفون لا يطلبون الدعم من غير العارفين؛ كل مايحتاجون إليه منهم هو أن يكفوهم عبء إرباك المشهد بتدخلاتهم غير المستنيرة، حتى وإن كانوا حسني النية، "فالطريق إلى جهنم محفوف بالنوایا الطيبة ماذا لو علمتم أولادكم أن المشي بجانب الحائط خوف وليس أمان، وأن من علمني حرفا صرت له محبا وليس عبدا، أن يكونوا أحرار بعقولهم، أن يدركوا أن يدًا واحدة تغرسُ وتكتُب وتربي، ولا يُعطلها عدم استخدام اليد الأخرى، وأن من الممكن أن يمدوا أرجلهم خارج اللحاف ويصنعوا لحافًا أطول، ولا يستكينوا لقصره".
ماذا لو كل منا أخذ العلم من معلمه والفقه من الفقيه ماذا لو بكل بساطة كل منا تكلم من موقعه فلا يتجاوز على ما لاعلم له به.
هل تعتقد أن العالم سيتغير؟
هل من الممكن أن نصبح في يوتوبيا؟
اضافةتعليق
التعليقات