لكل إنسان-في الغالب- دفتر مذكرات، وفي اليوم الذي يُقلب صفحاته الفارغة منها والتي لم يَكتب فيها؛ لابد وأن يَنتابه شيء من الشعورِ بالأسفِ، وكأنه مؤشر أنَها أيام قد مَرت من دون أنْ يَحصل فيها شيء يستحق أنْ يُدون ويُحفظ أو يُستذكر، أو إنه انغمس بالحياة وبكل ما فيها من مُشغلات ومُلهيات لدرجة لمْ يَكن لديه وقت يَخلو به مع نفسه، لِيَكتب به شيء ولو للحظات!.
فكرة مهدوية
وهنا ماذا لو جربنا أنْ نُسقط هذا الشيء على دفتر نخصصه ليكون مدونتنا الخاصة نحفظ بها لحظات ذكرنا وتذكرنا لإمام زماننا المنتظر(عج)؛ فنراقب به مدى ذكرنا له، ونراقب مسير حياتنا به، لنقيم أنفسنا هل نحن ممن هم غافلين طوال أيامنا عنه، أم لا؟
فهناك فرق كبير بين أن نتذكر إمامنا، كأن نرفع طرفنا للسماء، فنسلم عليه، ثم نمضي وقد تُنسى تلك اللحظات، وبين أن نؤرخ لتلك اللحظات، فنجد أننا في كذا يوم سلمنا على إمامنا بجوامع السلام وقلنا له شيء ما، لنشم من تلك الصفحات عطر عهد ووفاء كنا قد عشناه.
فلعل تلك اللحظات التي نخلو بها لنكتب لإمامنا شيء، أو لنكتب عنه شيء جديد كنا قد عرفناه في ذلك اليوم، تكون خطوة شفيعة لنكون من الذاكرين له (عج)، تكون مداداً لتقربنا أكثر منه (عج).
فكما إن النفس تحتاج إلى المُحاسبة، ولزوم عدم إخراجها من حد التقصير لتكدح في مسيرها، كذلك تحتاج للثقة بأنها من أهل السير في دربِ الحبيبِ، تحتاج أن تتذوق حلاوة وجمال المَسير إليه، وتستذكر ما تقدمه وتعمله في كل يوم لتواصل وتزيد.
لذا المهم أن لا نستهين بأي عمل وخطوة، بل علينا أن نُدرك أن كل عمل نعمله طالما أنه له (عج)، وقد رَبطنا به، وجعلنا غير ناسين لذكره، فهو كبير.. وكبير جداً، وبالمقابل إن كل عمل نقوم به لأجل كسب رضاه (عج) مهما كَبُر يَبقى صغير، فلا نُخرجَ أنفسنا من دائرة التقصير.
فكم هو جميل أن يَجمع المنتظر/المنتظرة بين ذكره اللساني وبين الذكر الوجداني، وبين ذلك الذكر الخفي الذي تترجمه الدمعات في الخلوات، وبين ما تترجمه المشاعر بالحروف المصطفة بالكلمات، تلك التي تجمع شتات قلوب الولهى فتكون مُذكرة للمُحبين، ومؤنسة للمشتاقين، وزوادة للمتذكرين.
الكتابة للإمام(عج) فرصة متاحة للجميع
فهذا الفعل لا يقتصر على أصحاب الأقلام، كلا! بل هو فرصة متاحة لكل إنسان، يَكفي أن يكون دافع الواحد منا أن يَكتبَ لإمامه الذي لا يراه بالعيان، فيُذَكِر نفسه أن له إمام يَسمعه ويَراه، يَقرأ ما في قلبه قبل أن يسطره بقلمه، فهو إنما يكتبها لنفسه؛ فإذا ما حَصل بُعد أو غفلة يعود ليقرأ ما كتب، لِيُذكر قلبه بأن هناك لحظات وصل وقرب نالها يوماً ما، فلا يفقد الأمل بصلاح الحال، ولا ييأس من صعوبة التوجه الدائم نحو إمامه كما في سالف الأيام، فيعود من جديد لِيُجدد العهود، ويوثق العلاقة بالموعود.
ويكفي أن يكتب له (عج) لأنه الأولى بالقصد ليبث شكواه وهمومه، أفراحه وأحزانه، همومه وأهدافه، لينال نظرة وعناية منه، فيَمسح على قلبهِ فيُرضيه، ويُسدده ويَقيه من السير بغير ما قد لا يرتضيه.
جرب واغتنم
لذا الكتابة خير مشروع وبداية في المسير للإمام (عج)، بلى؛ هي أجمل ميثاق وتذكار لكل خواطر تعيشها، مشاعر تحس بها، خطوات تتحرك نحوه بها، هي كالعلامة التي تراقب بها مسيرك، علاقتك، مدى تذكرك وذكرك لإمامك، فقط ابدأ وتذوق جمال هذه التجربة..
اضافةتعليق
التعليقات