• الرئيسية
  • كل المواضيع
  • الاتصال بنا
facebook twitter instagram telegram
بشرى حياة
☰
  • اسلاميات
  • حقوق
  • علاقات زوجية
  • تطوير
  • ثقافة
  • اعلام
  • منوعات
  • صحة وعلوم
  • تربية
  • خواطر

شفق الروح

مروة حسن الجبوري / الثلاثاء 26 كانون الثاني 2021 / ثقافة / 3537
شارك الموضوع :

في مساء اليوم أغمضَتِ السيّدةُ عينيها قليلاً لعلّها تجدُ بقايا صوَرِهم

في أزقّة المدينة القديمة منزل صغير.. علّقَت على جدرانها راياتٍ خُضر، هناك بِرْكة ماء وعلى سطح دارها علَمٌ أبيض، لهذا البيت  قصّة خلّدَتْها سيّدةٌ بدويّةٌ بتلك الشواهد، أقصُّها عليكم من الليلة الأولى وحتّى الفجر الأخير.

في مساء اليوم أغمضَتِ السيّدةُ عينيها قليلاً لعلّها تجدُ بقايا صوَرِهم، اشتدّتِ الرياحُ في الخارج، أخذَت تلاعبُ الأشجار وتقلعُ ثنايا الأبواب حتّى طرقَت بابَ حجرتِها، كانَت تعلمُ أنّها ريحٌ كاذبةٌ لا تحملُ شيئاً، وأنّ البابَ لم يعدْ من يطرقُها، فقد رحلوا جميعا، الرياحُ تأتي عندها فتصبح بعد هيَجانها ناعمةً تداعبُ وجهها، تشهقُ بتلك الشهقة وتردّد: "آه يا هوى الهاب"..

تجعل حسراتِها تتطايرُ بقوّةٍ نحوَ سماء الحجرة، فتحَت ذراعيها وهي تحاول أن تحيطَ الهواءَ من حولها وتحتضنه، شعرَت بأنّ هذه الرياحُ قد حملَت لها أرواحَ الراحلين فصدقَت لأوّل مرّة معها.

هل سينتهي ما كان يؤرّقها وينغِّصُ أيامها؟ هل يعود الراحل بكفنٍ مرّةً أخرى؟! بين تمتماتِ الروح وأمنياتِ القلب، تمسكُ بحبّات المسبحةِ الّتي صنعَتها من ترابِ الأحبّة وخطّت عليها أسماءَهم وختمَتها بإسم المعشوق، "ح س ي ن". تحدّقُ في الحجرة وتستعيدُ تلك الذكريات، تطويها السنون تحت وسادتِها، تصغي إلى صوت الرياح، قد تكون الليلةَ الأخيرة.

تثير شجونها، تبكي من الشوق، ماذا يمتلك الفاقدون غير تلك الدموع والكثير من الذكريات؟.

دجى عليها الليلُ بظلمتِه، ملجؤها الوحيد سجادتُها الّتي افترشتها منذ الغروب، أضاءَت فتيلَ سراجها، لكن ماذا ستبصر فكلّ ما حولها ظلامٌ حالِكٌ! انتظرَت  بصيصَ ضوء النهار، لكنّها تدركُ أنّه الفجرُ الأخير.

أثقلَت خطاها، تتهاوى ما بين جدارٍ وآخر، كلُّ عزمِها أن تكملَ آياتِ ﷲ، سمعَت  همساً في حجرتِها، أرهفَتِ الرّوح له سمعا، يا أيّتها النفسُ المطمئنّة ارجعي إلى ربِّك راضيةً مرضيّة فادخلي في عبادي وادخلي جنّتي.

أشرقَت روحُها كمشكاة، ثوانيَ الليلِ تشاكسها فمرّة تُذكِّرُها بقمرِها وأخرى بعزيز قلبها، خارَت قواها فبعد سنواتٍ مازالَت تنتظرُهم عند عتبة الباب، أثقلَت عليها الأيّام، يمضي الوقتُ بسيف الجرم يقاتل وحدتها، من الصعب أن تعيشَ في دارٍ كان فيها قمرٌ ونجوم، والآن يخيفها رداءٌ الظلمة.

تفزعها إطلالة الظهيرة وتشعر بتلك الحرقة والنار الّتي اشتعلَت فيها، كلّ ركن في الحجرة ينهشها بحداثة قديمة، صوت خرير المياه، صهيل الخيل، إشعال النار وصوت الأطفال كلُّ ذلك يذبحها فتعود إلى حجرتها خاويةً تخنقها العبرة فتمسك المسبحة وتسبّح لجلال وجه اللّٰه، وتردّد في صدرِ العبرة "إنَّ موعدهم الصبحَ أليس الصبح بقريب"..

تهزُّ جذوعَ الصبر ليتساقطَ منها الصبر قليلاً، صدىً يحمل نبضَ الأحبّة يضجُّ في الجدران، في شفق الروح أوجاع تصارع الأوقات، في الساعاتِ الأخيرة ينكشف عن عينِها الغطاءُ فتعود إلى أرشيف حياتها.. أولادها وماقدّموا، وعن ثمرة قلبها، ترهقها الأحداث فتشعر أنّها لم تقدّم شيئا، توقفَّت عند حادثة القمر والكفوف والعين، في لحظة.. في دقائق.. تشعر أنّها كافأت ولدها بتلك الأضاحي، صنعَت من ترابهم مسبحةً تعلّقها بطرف حجابها فكلّما اشتاقَت لمرآهم تأخذها وتقبّلها.  

لم ينتهِ بعد؛ فهناك صور لسيّدةٍ رجعَت خاليةً لا إخوة ولا بنين، هنا صرخَت  وضربَت على رأسها، كانت تذرف روحها لا دمعها، تتهاوى مع الصور، حتّى انتهت عند محطّة الوداع، تحدّق وتمعن التحديق، هل سيكون العِناق قريبا؟ لا أحدَ يبقى هنا، تموت خطاي ونداءاتيَ اليوم، أبقى كما أنا، أبقى أمّ البنين، وأكتب في صفَحات الغياب، فعلى الراحلين مثل الحسين فلْيبكِ الباكون ولْيضجّ الضاجّون.

الحب
اهل البيت
قصة
التاريخ
ام البنين
شارك الموضوع :

اضافةتعليق

    تمت الاضافة بنجاح

    التعليقات

    آخر الاضافات

    ‏ ما بعد الرومانسية: اختيار يصنع العمر

    دخلاء العلاج الطبيعي.. بين وهم المعرفة وخطورة الممارسة العشوائية

    استراتيجيات التعايش الذكي مع التحديات الشخصية في العلاقات

    كيف تحمي نفسك من القاتل الصامت المسبب للسكتة الدماغية!

    عادة يومية توصلك للحياة الطيبة

    التفكير وعلاقته بحالتنا النفسية

    آخر القراءات

    المدن أم الريف.. من يعيش العمر الأطول؟

    النشر : السبت 19 كانون الأول 2020
    اخر قراءة : منذ 25 دقيقة

    كيف تكشف التأثير الإيجابي للذكاء الاصطناعي على الوظائف؟

    النشر : الأربعاء 23 آب 2023
    اخر قراءة : منذ 26 دقيقة

    كيف تعامل الإمام السجاد مع مهمتين ذات اتجاهين؟

    النشر : السبت 04 ايلول 2021
    اخر قراءة : منذ 26 دقيقة

    في اليوم العالمي للوالدين.. لا ترعى نقمة بل ربّي نعمة

    النشر : السبت 01 حزيران 2024
    اخر قراءة : منذ 26 دقيقة

    من عرف مستقره سعى اليه..

    النشر : الخميس 20 تموز 2017
    اخر قراءة : منذ 26 دقيقة

    فرصتي نحو النجاح

    النشر : الأثنين 14 آيار 2018
    اخر قراءة : منذ 26 دقيقة

    الأكثر قراءة

    • اسبوع
    • شهر

    من درر شيخ الأئمة: "أن تنجو بنفسك… هو أرقى رد"

    • 540 مشاهدات

    مولد النور: في ذكرى البعثة المحمدية التي أنارت للبشرية الدرب

    • 478 مشاهدات

    الولادة النبوية.. رسالة كونية غيبية

    • 413 مشاهدات

    الإمام الصادق: رؤيته لقضايا المجمتع ومعالجة مظاهر الإنحراف

    • 368 مشاهدات

    محاولة الانتقال إلى الأفضل..

    • 353 مشاهدات

    علم الإمام الصادق: بين الوحي والاجتهاد

    • 334 مشاهدات

    بحر الزائرين: ذكرى استشهاد الإمام العسكري تعيد رسم خريطة الولاء في سامراء

    • 1194 مشاهدات

    الشورى: وعي ومسؤولية لبناء مجتمع متكامل.. ورشة لجمعية المودة والازدهار

    • 1158 مشاهدات

    الإمام الحسن العسكري: التمهيد الهادئ لعصر الغيبة

    • 1097 مشاهدات

    العباءة الزينبية: رمز الهوية والعفاف في كربلاء

    • 1081 مشاهدات

    اللغة الإنجليزية عقدة الجيل: لماذا نفشل في تعلمها رغم كثرة الفرص؟

    • 1063 مشاهدات

    مشاعرُ خادم

    • 664 مشاهدات

    facebook

    Tweets
    صحيفة الكترونية اجتماعية ثقافية بادارة جمعية المودة والازدهار للتنمية النسوية

    الأبواب

    • اسلاميات
    • حقوق
    • علاقات زوجية
    • تطوير
    • ثقافة
    • اعلام
    • منوعات
    • صحة وعلوم
    • تربية
    • خواطر

    اهم المواضيع

    ‏ ما بعد الرومانسية: اختيار يصنع العمر
    • منذ 10 ساعة
    دخلاء العلاج الطبيعي.. بين وهم المعرفة وخطورة الممارسة العشوائية
    • منذ 10 ساعة
    استراتيجيات التعايش الذكي مع التحديات الشخصية في العلاقات
    • منذ 11 ساعة
    كيف تحمي نفسك من القاتل الصامت المسبب للسكتة الدماغية!
    • منذ 11 ساعة

    0

    المشاهدات

    0

    المواضيع

    اخر الاضافات
    راسلونا
    Copyrights © 1999 All Rights Reserved by annabaa @ 2025
    2025 @ بشرى حياة