التوقف على المصادفات والاعتقاد بها نوع من أنواع العجز عن البحث في علاقات الأشياء بعضها ببعض، وخير دليل وجدته في قوله تعالى: (انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ ثُمَّ هُمْ يَصْدِفُونَ)، فكل ما يحدث فيه تقدير إلهي وتخطيط بلغ منتهى الاحكام والتدبير، ومن أجمل الأمور التي يمكن البحث فيها هي تزامن ذكرى ولادة الرسول الأكرم مع حفيده الامام جعفر الصادق في نفس التاريخ وفي نفس اليوم ألا وهو الجمعة، لو بحثنا في المشتركات بين الرسول الأكرم وحفيده وجدناها تتمثل في:
الجانب الأخلاقي
وصل المجتمع إلى ذروة التيه والضياع في العصرين، مجتمع نخره الفساد فبين مخلفات الجاهلية ومخلفات الاموية لا يوجد فرق سوى الأخيرة حملت من الإسلام اسمه واستطاعت أيضا أن تشوه صورة الإسلام وتناقلت مشوهة إلى بعض الأجيال إلى الآن!.
استطاع النبي والامام عليهما صلوات الله أن يثبتا الدعائم الأخلاقية ولهما مواقف وأحاديث في الأخلاق فيقول الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله): "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق" ولذا فإن أحد الأهداف الأساسية لبعثة الرسول السعي لتكامل الأخلاق الفاضلة وتركيز الخلق السامي.
وجاء في حديث آخر عنه (صلى الله عليه وآله): "إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة قائم الليل وصائم النهار".
وورد عنه أيضاً (صلى الله عليه وآله): "ما من شيء أثقل في الميزان من خلق حسن".
أما ما ورد عن الإمام الصادق (علية السلام): حسن الخلق من الدين وهو يزيد في الرزق. والكثير من الأحاديث في ذلك لوضع أسس أخلاقية للمجتمع، قبل الدينية حتى لأنها عامل مهم في تقبل الأفراد لدينهم، وهي التطبيق العملي لدين الإنسانية السمح.
الصفات المشتركة
تنطلق من اللقب الأول حيث لُقبا صلوات الله عليهما بأنبل صفة أخلاقية ألا وهي الصدق وثانيهما الصبر، هناك علاقة وثيقة بين الصفتين حيث يحتاج الصدق إلى الكثير من الصبر على الأذى وغيره.
وتحمل الرسول من الأذى ما تحمل حتى قال: (ما اوذي نبي مثل ما اوذيت)، وكذلك الامام الصادق فقد عاصر أكثر الحكومات حقدا على آل النبي الأطهار ألا وهي الحكومة الأموية ومن بعدها العباسية، وقد أحرقوا دار الامام وآذوه ومن مظاهر صبره أنه لما توفي ولده إسماعيل الذي كان ملأ العين في أدبه وعلمه وفضله دعا عليه السلام جمعاً من أصحابه فقدّم لهم مائدة جعل فيها أفخر الأطعمة وأطيب الألوان، ولما فرغوا من تناول الطعام سأله بعض أصحابه، فقال له: يا سيدي لا أرى عليك أثراً من آثار الحزن على ولدك؟ فأجابه عليه السلام: «وما لي لا أكون كما ترون، وقد جاء في خبر أصدق الصادقين (يعني جده رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم) إلى أصحابه إني ميت وإياكم».
الجانب العلمي
ما دام الرسول الكريم مدينة العلم فهو المؤسس الأول لمدارس العلم وهو المعلم الأول أيضا، واستطاع أن يجعل حتى الأسر عقوبته مختلفة حيث استثمر تلك الفرصة بتعليم المسلمين القراءة والكتابة، وهذا ما قام به الامام جعفر ابن محمد الصادق حيث بلغ عدد تلامذته الأربعة آلاف تلميذ، علمهم مختلف العلوم وهؤلاء التلاميذ أيضا كانت لهم حلقات ويعلمون الآخرين وهكذا استطاع الامام الصادق أن يؤسس لمذهب سُميَ باسمه مذهبا جعفريا يحمل رسالة الرسول محمد صلى لله عليه وآله وسلم.
الحديث عن شخصيتين عظيمتين الأولى جاءت بالدين السماوي والثانية التي عملت منهج لمن يتبع هذا الدين حديث له مهما طال فهو لا يعدو عن كونه نقطة في بحرهما صلوات الله عليهما، والحقيقة أوجه التشابه تحتاج إلى دراسة مكثفة من أهل الاختصاص لننهل من عذبهما الذي منه كل شيء حي.
اضافةتعليق
التعليقات