من سمات المرأة المؤمنة أن تعرف قيمة الوقت والمكان، وتحاول أن تستثمر الوقت لما هو مفيد وناجح، فتكون سيدة حكيمة وناجحة في قيادة نفسها وعائلتها، وأن تكون ذات ثقافة وعلم، وتحسن المعاملة مع الظرف والزمان، قادرة على المواجهة والتحدي والوقوف امام الباطل وإنكاره، لا تلتفت للمناصب والمغريات فالهدف هو نصرة الحق، لا تخشى في ايصال الحق في صوتها وفعلها، ولا تستسلم للباطل وأهله متخطية كل المعرقلات ولديها قدرة هائلة على التحدي كما قالوا "وراء كل رجل عظيم امرأة" وليس رجل..
من بين تلك السيدات النجيبات أم خلف زوجة الشهيد مسلم بن عوسجة الذي تشرف بنصرة سيد شباب أهل الجنة، الامام الحسين بن علي (عليه السلام)، ثم بالشهادة بين يديه، فكان لمسلم ابن عوسجة دور قيادي في كربلاء حتى ذكره الامام المهدي بزيارة صلوات الله عليه له، حيث خاطبه بقوله: السلام على مسلم بن عوسجة الأسدي، القائل للحسين عليه السلام وقد اذن له في الانصراف: أنحن نخلي عنك؟! وبم نعتذر عند الله من أداء حقك؟! لا والله حتى أكسر في صدورهم رمحي هذا، واضربهم بسيفي ما ثبت قائمه في يدي، ولا أفارقك، ولو لم يكن معي سلاح أقاتلهم به لقذفتهم بالحجارة ولا أفارقك حتى أموت معك، ويواصل الامام المهدي سلام الله عليه زيارته لمسلم بن عوسجة فيخاطبه بالقول: وكنت أول من شرى نفسه، وأول شهيد من شهداء الله قضى نحبه أي من الأصحاب في كربلاء، ففزت ورب الكعبة، وشكر الله استقدامك ومواساتك إمامك، إذ مشى اليك "أي الحسين" وانت صريع فقال: يرحمك الله يا مسلم بن عوسجة.
وقرأ "فمنهم من قضى نحبه، ومنهم من ينتظر، وما بدلوا تبديلاً" لعن الله المشتركين في قتلك، عبد الله الضبابي، وعبد الله بن خشكارة البجلي، ومسلم بن عبد الله الضبابي.
ونجد في كتب مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي الحنفي، وكذا في تاريخ الطبري أن مسلم بن عوسجة برز إلى ساحة كربلاء ممتلئا شجاعة وبسالة وغيرة، وهو يرتجز قائلاً: إن تسألوا عني فإني ذو لبد من فرع.
دور السيدة ام خلف ومواقِفها في الطفِ
زوجة مُسلم بِن عوسجة، كانت تدعى بأُم خلف، خلف ولد مسلم والّذي استشهدا مع الإِمام الحُسَين «صلوات الله عليه» في كربلاءٍ يوم عاشوراء، بعد مصرع زوجها مُسلم بن عوسجة نراها تشجع ولدها خلف وتدفعه لنصرة الحسين «عليه السلام» وأهل بيته.
لما رأى خلف مقتل أبيه برز مثل الأسد، فقال له الحُسَين «عليه السلام»:- إن خرجت وقُتلتَ ستبقى أُمك في الصحاري وحيدة».
فوقفت أُمّه في طريقه وقالت له:- يا بُني اختر نصرة ابن بنت النبيّ «صلى الله عليه وآله وسلم» على سلامةِ نفسك، وإن اخترتَ سلامتك لن أرضى عنك.
فبرز لهم وحمل عليهم، وأُمه تناديه من خلفه:
- أبشر يا ولدي إنّك ستسقى مِن ماءٍ الكوثر.
فقتلَ ثلاثين منهم، ثُمّ نال شرف الشهادة بعدها، وقد أرسل أهل الكوفة رأسه إلى أُمّه فاحتضنت الرأس وقبّلته وبكت، وبكى معها آخرون.
هذه القوة والثبات على الموقف وتقديم التضحيات تحتاج همة كبيرة لتعطي كل هذا، فهي ليست حصيلة اليوم أو تربية ساعات وإنما هي حصيلة جهاد الأكبر وهي النفس الأمارة بالسوء ومعرفة إمام زمانها ومنزلته عند الله ليرخص كل شيء دونه، الزوج والابن وحتى النفس، فهنيئا لتلك المعرفة الحقيقية وكشف الحجاب لترى أمام زمانك بهذه العين وتقدم كل شيء لتنال رضاه وتذكر على لسان آخر الائمة، إذن المعرفة كانت محور الاثنا عشر والأئمة أيضا يريدون هذه التضحيات بذكرهم في كلامهم وزيارتهم.
________
اضافةتعليق
التعليقات