وقفتُ امام المرآة أضع اللمسات الأخيرة على حجابي، ألتف يمينا وشمالا هل سأنال إعجابه!، قبلتُ نفسي في المرآة جنونا هو أم فرحا لا أعلم فهذا هو خروجي الأول مع فارس الأحلام المبجل، بعد يومين من عقد قِراني عليه، نزلت السلّم بقفزات طفلة ووقفتُ أمام اختاي، هل أبدو جميلة بربكما، أبسمتْ أمي واشارت أختي لها بحركة تعني _إنني مجنونة_ اردت ان اردها بسيل كلماتي لولا قطع ذلك صوت رنين الهاتف مشيرا بقدوم الجميل خطيبي، اخرجتُ لساني لإختي وقبلتُ رأس الوالدة وخرجت للقاء الخطيب، ارتبكت حين نزل وسلم عليّ وفتح الباب بجانبه سرتُ وكأني أميرة فهذه المرة الاولى التي اجلس بجنب شخص غريب في المقعد الامامي فدائما ماتنال شرف هذا المقعد إما أمي او أختي، كل شيء تغير أرى الاشياء كلها ملونة نظرة تختلف، نزلنا في المطعم ثم خرجنا الى الحديقة العامة وكانت رحلة تشبه الاحلام وحتى الافلام.
عدنا الى المنزل دخلتُ مسرعة بعد ان شكرته وابتسمت له بمط الشفاه فقط ثم تحركت قدمي حيث المنزل وقفتُ ونظرت إلى أمي مطولا ثم قلتْ: أمي اريد الطلاق منه، لا أريده،
تعجبتْ أمي واختي بجانبها سالتْ بإستغراب: لماذا؟
أجبتُ بهدوء عينه صغيرة.. صغيرة جدا.
ضحكتْ أختي وابتسمتْ الوالدة، وقالت وهل هذا سبب للطلاق ألم توافقي عليه وانتِ قد رأيتهِ اكثر من مرة، نطقتُ بتذمر: أمي انا لا اعني ذلك فلقد خلقه الله بهذه الصورة ولا اعتراض على خلق الله لكني اعني رؤيته للاشياء فهو يراها بتصاغر كل شيء حوله ينظر اليه نظرة تحقير.. وجه إكْفَهر أمام اكثر من شخص، أيقنت انه متعالي.. متعالي جدا... نَهَر احد الاطفال الذين في يبيعون في الشارع كما زجر العامل في المطعم وكثير من نظرات الغرور يستحيل أن يعيش مرء مع شخص متكبر عقله خالٍ من انسانيته.
من اسوء الصفات التي تتمحور حولها كثير من الآيات والاحاديث هي الكبر وهي أولى الصفات الذميمة بالخليقة، حيث أول من تكبر هو ابليس حين لم يسجد لآدم حيث ذكر الله تعالى في محكم كتابه في ذكر تلك الحادثة:
(قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَن تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِين)(الاعراف 13).
كثير مايُبَطّن الكِبر بجمل ظاهرها طبيعي ولا تشوبه شائبة، لكنها تصنف ضمن هذه الصفة فبعضهم يقول: نفسي لا تعطيني ان اتخالط مع اولئك، والآخر انا غير متكبر لكن لا احب الجلوس مع الفقراء وكثير من الحالات والافكار التي تراود الكثير منا، التي هي درجة من التعالي في داخل الانسان لكن لا يعرفها ويدرجها تحت سياقات أخرى فتخدعه وتخدع معه من يسمعه.
يبقى السؤال الاهم كيف يستطيع الفرد أن يتغلب على هذه الفكرة ما إن حطّتْ رحالها في لب افكاره، نأتي الآن لقول مهم ورد عن امير المؤمنين عليه السلام:
(عليك بالتواضع فإنه من أعظم العبادة)، هذا الحديث يجسد اهم صفة يمكننا ان ننتخذها دواء للقضاء على الداء الاكبر ألا وهو التكبر ولنعالجه فيها قبل ان يسري في تصرفاتنا، ففي حال رأيت ان هذه الفكرة بدأ دبيبها اذهب لحديث الامام علي (ع): (الناس صنفان: إما اخ لك في الدين اما نظر لك في الخلق) فاحيل جانب نظرتي للمقابل انه اخي في الدين فأتعامل معه وفق المفهوم الانساني الذي تجتمع على اساسه البشرية فنظرتي تكون واسعة لتشمل الجميع بنظرة رحيمة، فبذلك نحصل على رضا من الشخص المقابل وراحة نفسية حيث تلك النقطة السوداء تتلاشى تدريجيا من روحك حتى تصفو من وهن الكبر ولتعلم (ما تواضع أحد إلا زاده الله تعالى جلالة)، كما يروى عن سيد التواضع امير المؤمنين، وتذكر ماورد عنه ايضا (التواضع رأس العقل، والتكبر رأس الجهل).
اضافةتعليق
التعليقات