مواقف الحياة تتباين صعودا ونزولا وكما يروى عن الامام علي عليه السلام: يوم لك ويوم عليك، وكلما زادت مكانة الشخص في المجتمع كلما كثر محبيه وأعدائه، وحتى الافراد من عامة الناس يتعرضون لشتى مواقف الاستفزاز أو عدم الاحترام لتحقير المقابل أو لأظهار عيوبه أو ليثبت نفسه وغيرها من الاسباب وما دام الانسان معرضا لهذه المواقف فلا بد أن يعرف كيفية التعامل معها.
قد يكون التجاهل من أهم أساليب التعامل مع الشخص المستفز وتجنب الدخول معه في حوار. والتهميش قد يكون مجدياً فهؤلاء الأشخاص لا تجدي معهم أساليب الإقناع وفي تجاهله تحتفظ بقيمة لذات ومعاملتهم على أنهم غير موجودين من الأساس، وهذه الطريقة تشعر الأشخاص المستفزين بأنهم مهزومين وأن استفزازهم جاء بلا فائدةٍ وعدم الاهتمام بما يقولون، أو بما يفتعلون وهذا يعد درساً بالغاً لهم ولأمثالهم، فإن الاهتمام بهم والتعامل معهم بالمثل؛ قد يخلق تأزماً أخلاقياً وأدبياً يؤدي إلى استمرارهم في لغتهم الحوارية الغير مريحة للأطراف الآخرين مما يسبب مشاكل لا طائل ولا نهاية له.
ـ التعامل معهم ببرودة أعصاب وعدم الغضب عملاً بقول المولى عز وجل «والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس» سورة آل عمران الآية «134».
والمتأمل بحياة الائمة عليهم السلام يجدهم يتعاملون مع هذه الشخصيات بطريقة مميزة بحيث يستطيع أن يخجل الآخر وهذه الطريقة مادتها الاساس الحلم وهذه الثقافة بالرغم من صعوبة تطبيقها الا انها مجدية في التعامل مع مجموعة من المواقف منها التعامل مع الشخص المستفز، فقد قال له نصراني : أنت بقر ؟.. قال : لا أنا باقر ، قال :أنت ابن الطباخة ؟
.. قال : ذاك حرفتها ، قال :أنت ابن السوداء الزنجية البذية ؟.. قال : إن كنتَ صدقت غفر الله لها ، وإن كنتَ كذبتَ غفر الله لك ، قال : فأسلم النصراني .
ومن الطرق الاخرى التي اختصرها الامام الباقر عليه السلام في كلمتين فقد قال الجاحظ في كتاب البيان والتبيين : قد جمع محمد بن علي بن الحسين عليهم السلام صلاح حال الدنيا بحذافيرها في كلمتين فقال : صلاح جميع المعايش والتعاشر ملء مكيال : ثلثان فطنة ، وثلث تغافل.
وقد كان رجل من أهل الشام يختلف إلى أبي جعفر (عليه السلام) وكان مركزه بالمدينة ويقول له: يا محمّد ألا ترى أنّي إنّما أغشى مجلسك حياءً منّي منك، ولا أقول إنّ أحداً في الأرض أبغض إليّ منكم أهل البيت، وأعلم أنّ طاعة الله وطاعة رسوله وطاعة أمير المؤمنين في بغضكم ولكن أراك رجلا فصيحاً لك أدب وحسن لفظ، فإنّما اختلافي إليك لحسن أدبك.
وكان أبو جعفر (عليه السلام) يقول له خيراً، ويقول: لن تخفى على الله خافية.
فلم يلبث الشامي إلاّ قليلا حتّى مرض واشتدّ وجعه، فلما ثقل دعا وليّه وقال له: إذا أنت مددت عليّ الثوب فأت محمّد بن علي (عليه السلام) وسله أن يصلّي عليّ واعلمه أنّي أنا الذي أمرتك بذلك.
قال: فلمّا أن كان في نصف الليل ظنّوا انّه قد برد وسجّوه، فلمّا أن أصبح الناس خرج وليّه إلى المسجد، فلمّا أن صلّى محمّد بن علي (عليه السلام) وتورّك وكان إذا صلّى عقّب في مجلسه، قال له: يا أبا جعفر إنّ فلان الشامي قد هلك وهو يسألك أن تصلّي عليه.
فقال أبو جعفر (عليه السلام): كلاّ إنّ بلاد الشام بلاد صرد[11] والحجاز بلاد حرّ لهبها شديد، فانطلق فلا تعجّلنّ على صاحبك حتّى آتيكم.
ثمّ قام (عليه السلام) من مجلسه فأخذ وضوءً ثمّ عاد فصلّى ركعتين ثمّ مدّ يده تلقاء وجهه ما شاء الله، ثمّ خرّ ساجداً حتّى طلعت الشمس، ثمّ نهض فانتهى إلى منزل الشامي فدخل عليه فدعاه، فأجابه، ثمّ أجلسه وأسنده ودعا له بسويق فسقاه وقال لأهله: املؤوا جوفه وبرّدوا صدره بالطعام البارد.
ثمّ انصرف (عليه السلام) فلم يلبث إلاّ قليلا حتّى عوفي الشامي، فأتى أبا جعفر (عليه السلام) فقال: أخلني فأخلاه، فقال: أشهد أنّك حجّة الله على خلقه وبابه الذي يؤتى منه، فمن أتى غيرك خاب وخسر وضلّ ضلالا بعيدا.
هذه الرسائل في التعامل الان حديثا تضاف لعلوم النفس وتعتبر من الاساليب المهمة والمميزة في التعامل مع هذا النوع من الاشخاص وحديثا انتشرت مقاطع على السوشال ميديا للتعامل بهذه الطرق وقد ارسلها الامام لنا من خلال التعامل مع الموقفين السابقين.
اضافةتعليق
التعليقات