الأخلاق هي منظومة قيم يعتبرها الناس بشكل عام جالبة للخير وطاردةً للشر وفقاً الشريعة الالهية وهي ما يتميز به الإنسان عن غيره، وقد قيل عنها إنها شكل من أشكال الوعي الإنساني كما تعتبر مجموعة من القيم والمبادئ تحرك الأشخاص والشعوب كالعدل والحرية والمساواة بحيث ترتقي إلى درجة أن تصبح مرجعية ثقافية لتلك الشعوب لتكون سنداً قانونياً تستقي منه الدول الأنظمة والقوانين.
وعرفت الأخلاق على أنها هي السجايا والطباع والأحوال الباطنة التي تُدرك بالبصيرة والغريزة، وبالعكس يمكن اعتبار الخلق الحسن من أعمال القلوب وصفاته، فأعمال القلوب تختص بعمل القلب بينما الخُلُق يكون قلبياً ويكون ظاهرا أيضا.
المسؤولية القانونية والأخلاقية: تختلف المسؤولية القانونية عن المسؤولية الأخلاقية باختلاف أبعادهما، فالمسؤولية القانونية تتحدد بتشريعات تكون أمام شخص أو قانون، لكن المسؤولية الأخلاقية فهي أوسع وأشمل من دائرة القانون لأنها تتعلق بعلاقة الإنسان مع ذاته، فهي مسؤولية ذاتية أمام نفسه وضميره. أما دائرة القانون فمقصورة على سلوك الإنسان نحو غيره وتتغير حسب القانون المعمول به، أما المسؤولية الأخلاقية فهي ثابتة ولا تتغير، وتمارسها قوة ذاتية تتعلق بضمير الإنسان الذي هو سلطته الأولى.
في فكر السيد محمد رضا الشيرازي تجد أن ثلاث منظومات أخلاقية متركزة في حياة الانسان منها الإيمان الكامل والإيمان المنخفض والإيمان المتوسط يتحدد بهذه المنظومات الثلاث فإذا أراد أن يعرف الانسان مستوى ايمانه فيجب أن يلاحظ أن هذه المنظومات الثلاثة مكتملة لديه أو لا، كما روي عن النبي الأعظم صلى الله عليه وآله أنه قال: أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم أخلاقاً.
ما هي هذه المنظومات؟
المنظومة الأولى هي المنظومة العقائدية التي يجب أن يعقد المؤمن عليها قلبه وهذه الأشياء ليست مرتبطة بالعمل أو بالمباشرة وإنما تتعلق بالقلب، الإيمان بالتوحيد وليس الإيمان هكذا بل عقد القلب عليها بشكل مبرهن، في مجمع من المؤمنين يأتي رجل ويطرح سؤال، كيف تثبتون أن الإمام الحجة صلوات الله وسلامه عليه موجود؟ كيف تثبتون أن الحجة صلوات الله عليه قد ولد بالفعل؟.
إن هذا الشخص حقيقي وله وجود حقيقي حيث برهن عليه العلماء من قبل ألف عام، والشبهات التي تطرح شبهات جاهلين أو مغرضين ليست شبهات جديدة، ولكن كيف يكون هذا مؤمن حقيقي؟ كيف يكون متدين؟ هذا الذي لا يتمكن أن يبرهن على وجود الإمام المنتظر، لا يتمكن أن يثبت إمامة إمام زمانه، هل هذا مؤمن حقيقي؟.
المنظومة الثانية الحكامية، ويقصد الأحكام الشرعية التي تشمل مما قبل الولادة إلى ما بعد الموت وتشمل من أول الحياة إلى آخر الحياة هذه المنظومة الأحكامية تستوعب الحياة طولا وعرضاً هذه منظومة أيضاً منظومة الأحكام ومنظومة الواجبات ومنظومة المحرمات ومنظومة المندوبات والمكروهات ومنظومة المباحات والعبادات والمعاملات والأحكام.
المنظومة الثالثة الأخلاق: حسن الخلق في الرواية: يسع العالم بحسن خلقه، وطيب لسان مع الخادمة والسيدة، ومع زوجته وأولاده ومع شركاءه وعائلته، إن النبي صلى الله عليه وآله قال: لا خير فيها إنها من أهل النار، قالوا تلك المرأة تصلي وتصوم وتفعل كذا وكذا ولكن ماذا؟ ولكنها سيئة الخلق فقال لا خير فيها هي من أهل النار.
ويذكر السيد محمد رضا قصة عن سعة الخلق في للتعامل مع الآخرين حيث قال في ليلة من ليالي الجمعة في النجف الأشرف وفي اليوم الخامس عشر من شهر صفر من عام 1347هـ ، بين صلاتي المغرب والعشاء في صحن أمير المؤمنين صلوات الله عليه، جاء فقير أو سائل إلى الابن الأكبر للسيد أبو الحسن الأصفهاني، سيد أبو الحسن المرجع الأعلى في وقته، ويذكر أنه كان رجل فاضل ومؤمن، فجاء هذا الرجل الفقير إلى ابن المرجع وطلب منه مالاً.
قائلا: أنا محتاج شيء من المال أعطيني أي شيء؟.
أخرج ابن المرجع عشرة ليرات من جيبه وأعطاه اياه، عشر ليرات في ذلك الوقت كان مبلغ جداً كبير ليس مبلغ عادي، فغضب ذلك الرجل واسمه علي القمي.
وقال: ماذا أفعل بعشر ليرات وهذا المبلغ قليل.
وأخذ يهاجمه ثم أخرج سكينة كبيرة من جيبه وأخذ ابن سيد أبو الحسن ووضع السكينة الكبيرة على عنقه وقطعها من الوريد إلى الوريد أمام جموع المصلين في حرم أمير المؤمنين عليه السلام بين صلاتي المغرب والعشاء، ذبحه وذهب، أخذت تشخب دماً وبعد منظر القتل وانفرط عقد الجماعة، ثم نقل الخبر إلى سيد أبو الحسن رحمة الله عليه وهو شيخ كبير طاعن في العمر فلم يزد على قوله {إنا لله وإنا إليه راجعون} كرر هذه الكلمة عدة مرات بعد ذلك الشرطة أخذوا المجرم علي القمي ورموه في السجن تمهيداً لإعدامه وقتله، فتدخل الوالد سيد أبو الحسن الأصفهاني، تدخل وطلب إعفاء هذا القاتل وقال أعفوا أنا عفوت عنه أنا ولي الذنب فعفوت عنه.
كيف تعفوا عن قاتل ولدك؟، فقال السيد أبو الحسن الأصفهاني رحمة الله عليه": في الواقع أنا كان لدي ولدين علي القمي وسيد حسن أحد ولدي قتل الولد الآخر، أحد أبنائي قتل الابن الآخر، الابن المقتول ذهب لماذا تريدون أن يقتل الابن الثاني؟ أنا حرمت من ولد واحد فلماذا تريدون أن تحرموني من ولدي الثاني أعفو عنه واتركوه، هذه هي المنظومة الأخلاقية.
اضافةتعليق
التعليقات