وأخيرا حصلت أم أحمد على موعد من طبيبها المختص بالقلب بعد محاولات كثيرة وذلك لكثرة المراجعين وازدحام وقت الطبيب بين المشفى والعيادة الخاصة.
إلا أن رنين جرس الباب ودخول ضيوفها أفسد عليها موعدها, كما اعتذارها لهم لم يجدي نفعا وذلك بإحراجها, بحجة أنه يمكنها تأجيل الموعد ليوم آخر وارغامها على البقاء بقولهم عبارة:
(قابل الطبيب راح يطير) غير مكترثين لمعاناتها بحصولها على الموعد أو حتى تفاقم وضعها الصحي!.
مراعاة ظروف الاخرين
الكثير يشعر بالضجر ازاء الضيف المفاجئ لكونه غير مستعد لاستقباله وذلك بتهيئة البيت أو يكون مرتبط بموعد ما سواء كان ترفيهي, أو مراجعة طبيب, أو عمل خاص, كما للوضع المادي دور مهم في ذلك.
(بشرى حياة) كانت لها هذه الجولة الاستطلاعية حول هذا الموضوع الاجتماعي:
سردت لنا أم آيات تجربتها بهذا الجانب قائلة: "أنا أرحب بالضيف فالرسول (صلى الله عليه وآله) يحث بأحاديثه بهذا الجانب, ولكن يجب مراعاة ظروف الاخرين فأنا أرملة ووضعي المادي محدود جدا, الأمر الذي يحرجني بقدوم ضيف بشكل مفاجئ على سبيل (ما اريد انخسرج) وفي حقيقة الأمر اضطر لاستلاف بعض المال من الجيران لتأدية واجب الزيارة فقد اعتدت على ان لا أقصر بها منذ أيام زوجي رحمه الله".
من جانب اخر حدثتنا أم ياسر ربة بيت: "حينما زارتني احدى عماتي وابنتيها وزوجات اولادها مع الاحفاد على غير موعد تسمرت مكاني للوهلة الأولى, وذلك لعدم توفر ما يكفي من الطعام لوجبة الغداء, كما كان الوقت متأخرا إذ لا يسعني حتى تجهيز وجبة أخرى وهذا ما زاد امتعاضي, كما أشارت لي بقولها (سنأكل الموجود) وهذا الأمر لا يصلح لكون العدد كثير وليس لائق أن اجهز غداء لا يسد رمق جوعهم".
وأضافت: "وهنا اضطررت للذهاب إلى اقرب مطعم وشراء طعام جاهز بثمن باهض, مما سبب لي بالتكلفة فوق مقدرتي والارباك أيضا".
كما كان للمهندس لؤي عبد الهادي رأي بهذا الجانب قال فيه: "إن الحداثة سهلت الكثير من المهام وأولها التواصل عبر الهاتف, ففي السابق كانت في الهواتف الأرضية أما الآن التواصل أصبح بسرعة البرق ومتاح للجميع إذ يتسنى لأي شخص اخبار من يود زيارتهم بموعد مسبق وذلك لتهيأة ما يلزم حسب وضعه المادي والاجتماعي اذا كان مرتبط, حيث إن هناك الكثير من الاشخاص يكون لديهم مواعيد لا يمكنهم تأجيلها, والزيارة المفاجئة للضيوف تحبطهم".
وشاركتنا ضحى هادي/ موظفة قائلة: "من الضروري جدا أن يكون هناك موعد لزيارة الأقارب أو الاصدقاء, خصوصا أن هناك وسائل كثيرة متاحة لذلك, ولكوني موظفة يكون نهاري نصفه في العمل, وحين عودتي أكون متعبة ومرهقة, الأمر الذي لا يسعني أن أستقبل ضيف بعد عودتي من العمل, أو حتى وجوده في البيت بعد عودتي, فقد أتى لزيارتي في الصباح على غير موعد, خصوصا أن اطفالي لا يستطيعون تأدية واجب الضيافة".
وأضافت: "أرى من الذوق أن يتصل الضيف قبل القدوم, وأن يختار أيام الاجازة إذا كانوا أرباب الأسرة موظفين".
وجهة نظر
بينما تفضل أم محمد/ ربة بيت زيارات الأقارب دون موعد مسبق موضحة رأيها قائلة: "اعدها من الأمور التي لا تخلو من الكلفة والخسائر لأني عندما اقدم على زيارة الأقارب اخذ معي بعضا من واجبات الضيافة سواء إن كانت فاكهة أو معجنات أو حلويات اصنعها بنفسي أو اشتريها من المتجر".
مشيرة إلى: "إن هدفي الأول هو رؤيتهم والجلوس معهم, ولا أريد أن أقيدهم بتجهيز بعض الطعام الخاص بي".
الأمر يختلف هنا لدى الحاجة أم باسم فهي تلتزم بأخذ موعد قبل ذهابها لغير الاقارب, أما عند ذهابها لذويها المقربين فتذهب دون موعد, فهي ليست بحاجة لأخذ موعد قبل الذهاب اليهم, لأني ليست غريبة عنهم ولن تسبب باي احراج لهم عند زيارتهم بغير موعد.
رؤية اجتماعية
استهلت الاستشارية نور مكي الحسناوي حديثها بهذا الجانب قائلة: "تعد زيارة الأقارب والأهل من الامور الايجابية في حياتنا, ومن الواجبات الانسانية التي اوصى بها سيد البشرية نبينا محمد (ص) وحثنا القرآن الكريم عليها بهدف تقوية الروابط والأوامر الاجتماعية, والمشاركة في الافراح والاحزان, لتحقيق صلة الرحم, إلا إنها مع تغير الزمن والظروف اصبحت غير مفضلة, اذا لم تكن مسبوقة بموعد لدى الكثير من الأسر فهي قد تسبب بعض الحرج والارتباك للعائلة المضيفة, لاسيما وقد توفرت بحكم التطور لدى الجميع وسائل اتصال حديثة لتحديد موعد الزيارة".
وترى الحسناوي: "إن رفض الكثيرين للزيارات المفاجئة وعدم قبولهم بها هو أمر طبيعي ومعقول, فالأنسان له مخططاته, وتصوراته الخاصة, والزيارة المفاجئة تخلط الأوراق, وتسبب الارتباك
والصراع نفسي لدى الفرد".
وتضيف: "إن ثقافة الزيارة بموعد محدد باتت شبه معدومة عند فئة من الناس, ومن يكرر الزيارة من دون موعد مسبق, تصبح لديه سمة ينبغي للمقابل اشعاره بسوء هذا التصرف, ولكن بطريقة مؤدبة, وأسلوب طيب لا يفسد الود, فهناك اشخاص يفضلون أن يتم ابلاغهم قبل زيارتهم وهناك من لا يكترث, وهناك بعض الاعتبارات التي يجب أن توضع في الحسبان, أهمها طبيعة العلاقة فمع الوالدان لا يجوز أن يقول لهما الابن ذلك أو يحدد لهما اوقاتا للمجيء خلالها".
وعن كيفية التعامل ازاء الضيف المفاجئ أوضحت: "يمكن الاستئذان بشكل مؤدب ولائق إن كان مرتبط بموعد لا يمكن تأجيله, أما إن امكنه تأجيله, فعليه أن يحسن ضيافته والتنويه في نهاية زيارته بشكل لبق ومؤدب, وأن يبلغه في المرة القادمة فمن الواجب أن يتفق معه على موعد قبل أيام من باب اللباقة, والأدب واحترام ظروف الاخرين".
اضافةتعليق
التعليقات