يقول الإمام علي (عليه السلام): (قيمة كل امرىء ما يحسنه)، فالعلم ساحة سباق وتنافس بين أبناء البشر يتقدم فيها من حاز منه بنصيب أوفر والمرأة كانسانة معنية بهذا السباق في ميدان العلم، ولها حضورها في ساحته، وقيمتها كالرجل تتحدّد بما تحسنه من العلم والمعرفة لذلك قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة). وإذا ما راينا الجهل معشعشاً أكثر في أوساط نسائنا فذلك دليل على تخلفنا وانحرافنا عن هدي الرسالة لقد أثبتت المرأة في الماضي والحاضر أنها لا تقل عن الرجل استعداداً للمعرفة وكفاءة في طلب العلم، فحتى العلوم التخصصية الهامة أحرزت فيها المرأة تفوقاً وتقدّماً.
فـقبل عدة سنوات نشرت وسائل الإعلام تحقيقاً عن امرأة عربية متخصصة في فيزياء الحالة الرابعة للمادة التي يقال عنها (البلازما) وهي أنّ كتلة الكون تتألف منها، تلك المرأة هي «مها عاشور عبدالله» أستاذة الفزياء في جامعة «لوس أنجلس» في الولايات المتحدة الأمريكية، وقد تجاوزت هذه المرأة كل المستحيلات، فاختارتها وكالة الفضاء الأمريكية (ناسا) مستشارة رئيسية في وضع خطة الأبحاث الأساسية في فيزياء الفضاء، وقد منحت جائزة نساء العلم الأميركية.
وذكرت «مهى» المعروفة بأبحاثها المشتركة مع أبرز علماء فيزياء الفضاء من فرنسا واليابان والصين والاتحاد السوفيتي (سابقاً) وألمانيا أنها غالباً ما تجد نفسها المرأة الوحيدة في المؤتمرات العلمية الدولية، وتعتقد أنّ النساء العربيات أكثر اقداماً على العلوم من الغربيات، وأن نسبتهنّ في الكليات العلمية العربية لا تقل كثيراً عن الرجال، وأنّهنّ لو أعطين الفرصة فسيحققن الكثير .
فساحة العلم مفتوحة أمام المرأة، وميدان المعرفة متسع لمشاركتها، واهتمامها بطلب العلم وتلقي المعرفة واجب شرعي عليها أكثر مما هو حق لها، كما ينص الحديث الشريف: «طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة» لكن ظروف التخلف والانحطاط هي التي جعلت المرأة عندنا أسيرة الجهل محرومة من نعمة المعرفة والعلم (غالباً) وقراءة شخصية السيدة زينب تعطي لأمتنا دفعة انطلاق لتجاوز هذا الواقع الخاطيء.
فقد اهتمت السيدة زينب بتلقي العلم والمعرفة منذ نعومة أظفارها وفي وقت مبكر من حياتها، فإنّها روت عن أمها فاطمة الزهراء عليهما السلام).
وقال الطبرسي: (أنها روت أخباراً كثيرة عن أمها الزهراء). بالطبع كان عمرها عند وفاة أمها السادسة وفي طليعة ما روت عن أمها الزهراء خطبتها العظيمة في الاحتجاج على أبي بكر حول منطقة فدك التي كانت تحت يد الزهراء.
وخطبة الزهراء هذه طويلة مفصلة تتضمن زيادة على موضوعها الأساس حول فدك الكثير من المفاهيم والتعاليم الإسلامية، وكلّ أسانيد هذه الخطبة تنتهي إلى السيدة زينب فهي التي حفظت خطبة أمها وانتقلت عبرها إلى الأجيال.
ولم تختزن السيدة زينب العلم لنفسها أو تحتكره لذاتها بل أفاضت من معارفها ومروياتها على أبناء الأمة، فكانت تتحدّث ليس فقط للنساء بل حدثت العديد من رجالات بيتها وسائر الأصحاب والتابعين فقد روى عنها جابر ، وعباد العامري، وابن أخيها الإمام علي بن الحسين زين العابدين وروت عنها بنت أخيها فاطمة بنت الحسين، وقد مر علينا سابقاً أنها كانت مهتمة بتعليم النساء وتثقيفهنّ ضمن مجالسها العلمية.
ويكفي لإدراك مقام زينب الريادي في ميدان المعرفة والعلم أن نتأمل مارواه الصدوق محمد بن بابويه طاب ثراه من أنّه كانت لزينب نيابة خاصة عن الإمام الحسين (عليه السلام): (بعد شهادته، وكان الناس يرجعون إليها في الحلال والحرام حتى برىء زين العابدين).
كما أن شهادة الإمام زين العابدين في حقها لم تكن جزافاً ولا مبالغة وهو الإمام المعصوم حيث قال لها: (أنت بحمد الله عالمة غير معلّمة وفهمة غير مفهمة).
اضافةتعليق
التعليقات