يقول الله تعالى في كتابه الكريم: "أَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَىٰ كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ".
فهذا الركن العظيم تجتمع فيه أكثر من عبادةٍ في وقتٍ واحد، لذلك أعدّ الله لمن يؤدي الفريضة فيه على أكمل وجه، نجاةً وغفراناً من الذنوب، ويجعله يغتسل من ذنوبه وخطاياه ويعود كيوم ولدته أمه.
تجتمع في أيام الحج عبادات عظيمة، ففي أيام ذي الحجة التي أقسم الله تعالى بلياليها العشر، قد جعل الله فيها يوم هو أعظم الأيام وهو يوم عرفة، يوم الحج الأكبر، الذي يباهي الله سبحانه وتعالى به ملائكته بعباده الذين جاؤوا من جميع أصقاع الأرض لتأدية فريضة الحج التي أمرهم بها.
فهو يحمل الكثير من العبر والثمرات الإيمانية، ففيه يتساوى لباس الأمير مع الفقير، ولا تمييز فيه بين غنيٍ وفقير، ولا بين طويلٍ وقصير، ولا بين ذكرٍ وأنثى، ولا تفريق فيه بين العباد إلا بميزان التقوى.
الله سبحانه وتعالى فرض الحج كفريضة وعبادة لحكمةٍ عظيمةٍ، لأنه رحلة خالصة لوجه الله تعالى، لا يرجو منها العبد إلا رضى الله وغفرانه وطاعته، وترتفع فيه روحانية العبد ويصبح قلبه معلقا بالله تعالى وحده، وهو يهتف بنية خالصةٍ بالنداء دائماً:
«لَبّيكَ اللهمّ لَبيْكَ، لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك»، فيا لها من كلماتٍ يخشع لها القلب، ويا لها من مناسبةٍ عظيمةٍ تسمو فيها أرواح المؤمنين وتترفع عن كل ما هو دنيوي وزائل.
ومن الدورس العظيمة فيه أنه يكسر في القلب حب الشهوات والمعاصي، ويزين للعبد حب الخير والإيمان، ويجعل فكر العبد وقلبه وروحه معلقة بالله وحده، فلا عجب أن يسعى كل عباد الله المخلصين إلى أداء فريضة الحج ليفوزوا، فالله تعالى يُنقذ العباد من ظلم الجهل والتخلف والمعاصي، ولا أحدٌ غيره سبحانه يدخل عبيده نور العبادة الطاهرة.
لذلك أقول لما لا نجعل كل أيامنا عامرةً بذكره العظيم ونردد حروف كتابه الكريم؟، نقترب منه أكثر من كل يوم، ونجعل كل أعمارنا قريبة منه، ليس فقط هذا الشهر بل في كل الشهور، علينا أن نحس فيه، نلتمس حبه، وغفرانه لذنوبنا الكثيرة واخطائنا الكبيرة التي نتساهل فيها على أنها لم يحسبها لنا وهو يقول في كتابه: ((فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَه وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَه)).
هكذا قال سبحانه جل وعلا، فهو يريد عباده دوماً قريبين منه، خاشعين إليه رافعين أيديهم بالدعاء، ذاكريه صباحاً ومساء، وفي كل ثانية تمر من عمرهم.
لذا علينا أن نعد أنفسنا ولنهيىء قلوبنا بين يديه بالطاعة، لنكون عنده من المحسنين لديه وليضع أسماءنا في صحف بيضاء لا يوجد فيها أي نقطة سوداء، لنملأها حباً فيه حينما تتساقط دموعك خشوعا في صلاتك، فاعلم أنك في رحلة إلى الله دائماً..
فلنعمل.. ولنعمل.. ولنعمل.. فهذا من أجلك يا ابن ادم، اللهم اجعلنا من المحسنين لديك ومن العباد الصالحين في صحائف أعمالنا يارب العالمين.
اضافةتعليق
التعليقات