قد يمر على أذهاننا كثيرا مصطلح المهارات، وعلى وجه الخصوص المهارات الصلبة التي تمثل المهارات التي يكتسبها الفرد من خلال التمرن عليها وصقلها بطريقة صحيحة، وتتمثل بالخبرة والمؤهلات التي يمتلكها الفرد، كمهارات استخدام الحاسوب، أو التكلم بأكثر من لغة، أو مهارة العمل على أجهزة تكنولوجية حديثة.
ولكن مصطلح المهارات ربما يبدو حديثا على مسامعنا ولكنه كفعل حقيقي وكمهارة موجودة في دواخل الانسان الناجح وتعد من أهم مقومات نجاحه.
إذ تتمثل "المهارات الناعمة بالمهارات والقدرات التي تحدد سلوك وشكل العلاقات مع الآخرين، والنهج المتبع في الحياة والعمل مثل مهارات التواصل، حل المشكلات، القدرة على اتخاذ القرارات، العمل الجماعي، القدرة على التفاوض والتفكير الإبداعي وغيرها الكثير".
فوفقاً لدراسة أُجريت من قِبل كل من معهد ستانفورد للأبحاث والدراسات ومركز كارنيجي ميلون، خلصت نتيجتها إلى أنّ النجاح في العمل على المدى الطويل يعتمد على امتلاك الفرد 75% من المهارات الناعمة و25% من المهارات الصلبة.
ولا يقتصر العمل الرسالي وتوجيه المجتمع على المهارات الصلبة بل يحتاج إلى المهارات الناعمة التي تعد الحجر الأساس في بناء أمة ناجحة، إذ إن عملية مخاطبة الجمهور تتطلب أساليب ذكية وحديثة، بالإضافة إلى دراسة نفسية المجتمع وإيجاد لغة تواصل يمكن من خلالها التحدث والوصول إلى حبال الأفكار.
أبرز المهارات الناعمة:
-مهارات التواصل:
وتعني التعامل مع القياديين والزملاء في العمل بلطف وكذلك التعامل مع الجمهور (المستفيدين) بحسن ولباقة.
وتتمثل في القدرة على التحدث بطلاقة – مهارة الإصغاء والاستماع – القدرة على إعطاء تغذية راجعة – تكوين علاقات اجتماعية ناجحة – القدرة على تحفيز الآخرين.
-مهارات التنظيم والتخطيط:
وهي القدرة على تحديد الأولويات والبداية بالأهم ثم المهم، والقدرة على تخطيط وإدارة الوقت والمهام.
وتتمثل في ترتيب الأولويات – إدارة الوقت – الالتزام بالمواعيد – اتخاذ القرارات المناسبة.
-مهارات العمل ضمن فريق:
وهي القدرة على إدارة وتمثيل المجموعة في العمل، والقدرة على تنفيذ الأدوار بفعالية.
وتتمثل في القدرة على بناء فريق عمل – التعاون مع فريق العمل – الاتباع الواعي للتعليمات والقواعد.
-مهارات التأقلم والمرونة:
وهي قدرة الفرد على استيعاب متطلبات بيئة العمل والتكيف معها.
وتتمثل في العمل تحت الضغط – العمل في بيئات متنوعة ثقافياً – اتساع الأفق – تقبل النقد.
-مهارات التفكير الناقد:
وهي قدرة الفرد على إصدار الأحكام على الأعمال، واستنتاج الحلول والأفكار الخلاقة.
وتتمثل في القدرة على توليد الأفكار – التفكير خارج الصندوق – النقد البناء.
-مهارات إدارة الأزمات:
وهي القدرة على حسن التصرف وإيجاد الحلول المناسبة للمشكلات وتوقع المخاطر والإشكاليات.
وتتمثل في مهارة حل المشكلات – التعامل مع المواقف الصعبة – التنبؤ بسلوك الآخرين.
-مهارات الاحتراف:
وهي قدرة الفرد على الاستفادة من تطور التكنولوجيا واستخدامها في بيئة العمل بكفاءة عالية.
وتتمثل في التوظيف الأمثل للتقنية – الرغبة بالتعلم المستمر – البحث عن المعلومات.
-مهارات التفاوض:
وهي قدرة الفرد على عرض وتسويق الأفكار والمشاريع بصورة مقبولة لدى المستفيدين.
وتتمثل في القدرة على التفاوض – القدرة على الإقناع – مهارة العرض والتقديم.
ومن النقاط المهمة التي تساهم في أن يكون الإنسان رسالياً ويحقق غاية الله من خلقه، هو الوصول إلى قناعة تامة بأن كل إنسان خُلق من أجل تقديم رسالة معينة على اختلاف العمر والجنس والمكانة الاجتماعية، والإيمان التام بالقدرات الذاتية وتطبيق الأفكار النظرية على أرض الواقع والثبات على المبادئ السامية، والإصرار في التغيير حتى لو كان الموضوع يعمل على المدى الطويل ويأخذ وقتاً طويلاً حتى يؤثر على المجتمع ويكون سبباً أساسياً لعملية التغيير.
إذن في هذه الحالة يحتاج الإنسان الرسالي صبرا طويلاً وايماناً كبيراً بالله أولاً وبقدراته ثانياً، والعمل الجاد في اكتساب المهارات الناعمة وتنميتها بالطرق التي تخدم الدين الاسلامي ليترك من خلالها بصمة إيجابية كبيرة في المجتمع، خصوصا لو كان يعمل ضمن مؤسسة إسلامية أو مجموعة معينة هدفها الأول والأخير يتمركز حول خدمة الإسلام.
فالإنسان إذا أراد العطاء لابد من الاكتساب، فكم سيحتاج الانسان الرسالي من اكتساب المهارات الناعمة حتى يتمكن من العطاء المستمر للمجتمع الإسلامي وتوجيهه نحو طريق الحق؟.
بالتأكيد يحتاج إلى الكثير من المتابعة ومجاهدة النفس والمطالعة والتدريب الروحي والتدريب على اكتساب القدرات الحوارية، والتعايش حتى يظهر إلى الملأ بطريقة متمكنة ومؤثرة.
وفيما يلي نستعرض أهم وسائل تنمية وتطوير المهارات الناعمة:
- تحديد الفرد ما ينقصه من مهارات.
- التركيز على المهارات الناقصة.
- القراءة والاطلاع على المهارات المستهدفة.
- الالتحاق بالبرامج والدورات التي تنمي المهارات.
- الاحتكاك بأفراد يمتلكون هذه المهارات والاستفادة منهم.
- التدرب على المهارات الجديدة وممارستها.
- نشر وتعليم المهارات الجديدة للأفراد المحيطين بنا.[1]
وتبقى النقطة الأهم، التي تختصر جميع الطرق ليكون الإنسان رسالياً، هي الإحساس والشعور بالمسؤولية.. فعندما يشعر الانسان بالمسؤولية تجاه فكرة خلقه سيقدم كل ما في وسعه لإطاعة الله والعمل على رضاه، وسيعمل جاهدا لتطوير نفسه وامتلاك القدرات والمهارات التي ستخدمه في عمله الإسلامي، ليساهم بكل ما في وسعه على نشر المفاهيم السامية والقيم المؤثرة في المجتمع وتصحيح المسار الثقافي الذي بدأ يحذو حذواً آخر تحت سيطرة الغزو الأخلاقي والتضليل الفكري الناتج من الأيادي الخبيثة التي تحاول طمس الفكر الإسلامي الصحيح ونشر الفسوق والظلم في المجتمعات كافة.
اضافةتعليق
التعليقات