من أبسط الطرق عند مهاجمة أحد ما والنيل منه تنزيل مقامه واللعب بمكارمه وفضائله وأن يبين بأن ما قام به كان بسيطاً جداً والجميع يستطيع أن يفعل هذا، ولكن لماذا لم يفعل عامة الناس أي شيء، سؤال يطرح نفسه ويضع لافتة حمراء أمام أعين المتكلمين ليقول لهم كفى!.
ولأنهم لم يجدوا أي شيء يخدش تاريخها النبيل خلقوا حجج واهية وكلمات خرافية كي ينزلوا من شأنها ولكن الله يعز من يشاء بقدرته ولا يمكن لأحد أن يغير ما أراد الله.
من الخرافات التي صاغتها يد الأعداء أصحاب القلوب المريضة قضية عمر أم المؤمنين السيدة خديجة سلام الله عليها حيث يقال إنها كانت كبيرة في العمر وتزوجت في سن الأربعين وصدقها البعض وأصبحت كذبة متداولة في لباس الحقيقة!.
كان عمرها خمساً وعشرين سنة عند الزواج، هذا ما ورد في كتاب (حدائق الأنوار: ج1، ص155)، فإنها تزوجت قبل البعثة بخمسة عشر عاماً» مما يدل على أنها حينما اقترنت بالنبي صلى الله عليه وآله كان عمرها خمساً وعشرين سنة.
لأنها عليها السلام عاشت مع النبي الأكرم (خمساً وعشرين) سنة منها خمس عشرة سنة قبل البعثة وعشر سنوات بعدها وتوفيت ولها من العمر خمسون سنة.
من المصادر التي ذكرت أن عمر خديجة عليها السلام كان «خمساً وعشرين» السيرة النبوية لابن كثير: ج1، ص265)، و(دلائل النبوة للبيهقي: ج2، ص71). وتاريخ الخميس: ج1، ص264).
ورد في كتاب (التاريخ الصغير للبخاري: ج1، ص43) بأن عمر النبي صلى الله عليه وآله عند الزواج كان خمس وعشرون سنة كما هو مشهور بين الناس ففي هذه الحالة سيكون عمر النبي صلى الله عليه وآله والسيدة خديجة مساوياً.
ولكن هناك روايات أخرى تبين أن النبي صلى الله عليه واله كان أكبر من السيدة خديجة سلام الله عليها، كان ثلاثون سنة عندما تزوج (تاريخ الخميس: ج1، ص263) و«خمسة وثلاثين»
(الأوائل لأبي هلال العسكري: ج1، ص161) و«سبعة وثلاثين» ( العقد الثمين: ج1، ص224).
عندما نراجع صفحات التاريخ نجد هناك روايات مختلفة في ذكر عمرها المبارك وهذا لإختلاف الكبير بين الروايات يبين هناك علامة سؤال في هذه القضية وتشير بعض الروايات بأن العمر الذي اقترنت سيدتنا خديجة بالنبي صلى الله عليه واله (خمس وعشرين) سنة (دلائل النبوة للبيهقي: ج2، ص71).
وتنتهي بعضها ب(ستاً وأربعين سنة)، (انساب الأشراف للبلاذري: ص98)، وبين هذه الاختلافات في الروايات نتيقن بأن هناك حقائق ضائعة في صفحات التاريخ وأعيدت صياغتها بالحقد والنفاق في زمن خلفاء الباطل، الأمويين والعباسيين و...
لقد عاشت السيدة خديجة مع النبي صلى الله عليه وآله خمس وعشرون سنة حياة مليئة بالإيثار والوفاء ليس من السهل أن يترك الإنسان أهله وأحبابه لأجل شخص ولكن هذه السيدة الجليلة كانت ذات بصيرة نافذة فقد كان النبي صلى الله عليه وآله شخصاً واحداً في نظر العالم ولكن كان العالم بأجمعه في نظر هذه السيدة العظيمة لذلك قدّمت كل ما لديها في طبق الإخلاص لنصرة سيد الإنسانية لأجل هذه الغاية العظمى وهي إخراج الناس من الضلالة إلى النور.
السيدة خديجة عليها السلام هي الزوجة الوحيدة التي تزوجها النبي الأكرم صلى الله عليه وآله لأجل الزواج وهي العذراء الوحيدة والبكر من بين الأخريات لأن بقية زوجاته كانت هناك أسباب عديدة وراء زواجه منهن ولم تكن لدافع الزواج في الدرجة الأولى، بل كان لأجل تحقيق مصلحة دينيه سياسية في ذلك الوقت، ولكن كانت السيدة خديجة هي الوحيدة التي تزوجها الرسول صلى الله عليه وآله لدافع الزواج ولتكن سكناً له ووالدة للكوثر التي هي سر التكوين ولأجلها خُلق الخَلق، وقد أراد كثير من الاشخاص أن يطعنوا في شخصية هذه السيدة الجليلة ويقللوا من شأنها ولكن الله متم لنوره ويبين الحقيقة مهما أراد المنافقون أن يخفوها خلف ستائر الظلم والكذب.
سلام على تلك الزوجة النبيلة التي عرفت أن جميع الأموال لا تقدر بثمن أمام عظمة الرسول صلى الله عليه وآله والتي عرفت أن سعادة الحياة الزوجية هي الحب والإحترام والسعي وراء هدف مقدس وفعلت مافي وسعها ونالت هذه المرتبة العالية.
قالت عائشة: كان رسول الله (ص) إذا ذكر خديجة لم يكد يسأم من ثناءٍ عليها واستغفارٍ لها، فذكرها يوما، فحملتني الغَيرة، فقلت: لقد عوضك الله، قالت: فرأيته غضب غضبا. أُسْقِطْتُ في خلدي وقلت في نفسي: اللهم إنْ أذهبتَ غضبَ رسولك عنّي لم أعُدْ أذكرها بسوء. فلما رأى النبي -صلى الله عليه وآله - ما لقيت، قال: كيف قلت؟ والله لقد آمنت بي إذ كذبني الناس، وآوتني إذ رفضني الناس، ورُزِقْتُ منها الولد وحُرِمْتُمُوه منِّي، قالت: فغدا وراح عليَّ بها شهرا. وفي رواية أخرى أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال مجيباً عائشة: (لا والله ما أبدلني الله خيراً منها).
فسلام عليها بما صبرت..
اضافةتعليق
التعليقات