لكل شيء بداية، وبداية وجود الانسان بهذه الدنيا والانذار ببدء حياته كانت منذ الصرخة الأولى لاستغراب وجوده فيها، كلنا أبناء بداية واحدة وأخوة نتشارك القدر نفسه, القدر الذي لم نختاره بإرادتنا الادراكية, لكن نهاياتنا ليست كذلك لأننا نحن من يصنعها ويشارك برسم خط سيرها، فالبدايات للجميع والثبات وحسن الخاتمات للمثابرين والثابتين والصابرين.
هم أولئك الذين لم تزدهم كدمات الحياة إلا بريقاً معطاء، كمعدن أصيل يعاد صقلهُ من الصدأ حينما يشتد وقع الأثر عليه.
وكثيرا ما تكون وقع بداياتنا مؤلمة لاختيارنا المباغت لبعض تفاصيلها ظنا منا أن اختيارنا هو الأصح والأنسب, وسرعان ما ندرك ماهية ذلك الاختيار المبطن إذ تكمن خلفه حقيقة الواقع حينما يكشر عن أنيابه الحادة, المتمثلة بالأشخاص المحيطين بنا سواء إن كانوا أرباب عمل, أو زملاء, وحتى الأقرباء, وحدها المواقف من تكشف ما في أغوار نفوسهم, اذ تجعلنا نقف ساعات صمت وليس لحظات لتقبل صدمتنا بهم.
يعترينا الندم لما منحناهم من ثقة لم يكونوا أهلا لها, بعد أن تداهمنا نواياهم السيئة نكون قد قطعنا شوطا طويل الأمد من حياتنا برفقتهم.
وقلما نرى البعض بعد ذلك الانكسار يعود لمزاولة خطاه الأولى لبداية جديدة مشرقة, فهناك من تبقى ندباته وليدة اللحظة إذ لا يتغاضى عن تجربته التي عاش في كنفها وجع خفي.
فيولد انسان آخر بداخله مصاب بتخمة الخذلان تتخبط القسوة حنايا روحه الترفة.
وإلى أن يستفيق من حزنه يدرك بأنهم منحوه بذلك عمر جديد ليقف على أول خطى البداية ليختار من يستحق أن يكون في كنف الصداقة التي خصها الخالق بأنبل الصفات حيث تمتاز بمرتبة الشرف, لما تحمل في طياتها أنقى وأنبل المشاعر التي لا تتكرر إن فقدت بريقها.
نجد اليوم الكثير من لا يقدر جوهر الصداقة المكنون إذ ينتهج المصلحة قبلها وإن انتهت يتلاشى وجود الشخص في حياتنا, وكأنه شيء مضى كمرور الأيام, ليتم استبداله بمن يفي بمصالحه الأخرى!.
إن أبشع المشاعر هي حينما نشعر بأننا كقطعة غيار صالحة للاستبدال في أي وقت, ويسد مكاننا الكثير من القطع!.
لهذا علينا أن نحسن اختيار الأشخاص الذين يشاركونا تفاصيل حياتنا, من أجل أن لا نقع ضحية الاستغلال, إذ ليس هناك قانون ينص على حماية المغفلين فكيف إذا كنا مغفلين الصداقة.
اضافةتعليق
التعليقات