إن تفشي الأمية في العراق أصبحت ظاهرة خطيرة تهدد كيان المجتمع العراقي، حيث عادت للواجهة من جديد، وخاصة بين فئة الشباب الذين هم ثروة البلد وسبب تقدمه وازدهاره، ما إن أنتشرت الامية في شعب من الشعوب الا وتسببت في نخر جسده الاقتصادي والتنموي، وقد لوحظ في السنوات الاخيرة ارتفاع الامية وخاصة من هم في سن الأعمار الفتية من 40- 10 عام ، وهي ظاهرة خطيرة ظهرت للعلن بعدما أمتلك العراق قبل حرب الخليج الثانية عام 1991 نظاما تعليميا يعتبر من أفضل أنظمة التعليم في المنطقة. كذلك نسبة عالية للقادرين على القراءة والكتابة كانت في فترة السبعينات والثمانينات من القرن الماضي.
اهتمت الحكومة العراقية نتيجة الاستثمار العقلاني لموارد البلاد بجميع مرافق الحياة ومن ضمنها إرساء اسس التربية والثقافة والتوسع في التعليم الأولي والجامعي ونشطت في مجال مكافحة الأمية في السنوات العشر الأولى من استلام البعث السلطة عام 1968 وزجت النساء في العملية الإنتاجية وصدرت قرارات عديدة لصالح المرأة وخاصة في مجال الرعاية الصحية والاجتماعية وحماية الأمومة والطفولة وصدرت قرارات مهمة بخصوص النساء الموظفات من ناحية تمتعهن بإجازة الولادة والأمومة طويلة الأمد.
وقد فتحت العشرات من مراكز محو الأمية واقيمت كثير من الدورات المنظمة لتوعية المواطن في القضاء على الأمية، وعلى الرغم من الجهود التي بذلها العراق لمحو الأمية والقضاء عليها، إلا أن ملايين الأفراد صغاراً وكباراً ما زالوا لا يتمتعون بمزايا التعليم.
وأما البيانات الصادرة عن الحكومة العراقية ومنظمة اليونسكو في أيلول 2010 تؤكد ذلك بأن ما لا يقل عن خمسة ملايين شخص من سكان البلاد البالغ عددهم حوالي 30 مليون نسمة، أميون، وأن 14 في المائة من هؤلاء هم أطفال إما تركوا دراستهم لتوفير الغذاء لأسرهم أو يعانون من النزوح أو لا يستطيعون الحصول على تعليم مناسب.
وكذلك بسبب ما تعرض له العراق من حروب وحصار وإنعدام الأمن، والهجرة والتشرد الداخلي للمعلمين والطلاب والتهديدات الأمنية، والفساد المالي لذلك عملية القضاء على الأُمية شَهِدت تراجعًا كبيرًا وبخطوات كبيرة إلى الوراء، قبل عام 2003 ساهمت الظروف والسياسات العشوائية التي مرت بالبلد من حروب مدمرة وحصار جائر في تفاقم هذه المشكلة، وبعد عام 2003 استمرت عملية القضاء على الأمية في التراجع ويعود الأمر إلى الاحتلال الأمريكي وحلفائه والى النزاع الطائفي والحكومات المتعاقبة التي عجزت عن توفير الأمن في البلد والذي يعتبر الركيزة الأساس لبناء أية بنية تحتية في هذا الجانب, ولقد ساهمت عوامل عدة في تفاقم المشكلة، مثل:
- التهديدات الأمنية, فإن العمليات التي تم رصدها في الدراسة تشمل إطلاق النار والاغتيال المباشر والتفجير والعمليات الإرهابية من قبل جهات متعددة وتدمير الممتلكات وتجنيد الطلاب القصر واحتلال المدارس من قبل العناصر المسلحة.
وهناك اسباب اخرى تتعلق بوازرة التربية نفسها منها:
- قلة الأبنية الدراسية وعدم حداثتها وألعمل بنظام الدوام المزدوج وقد لايجد الطالب لديه مقعد في الصف بسبب الأعداد الكبيرة للطلاب، وقلة ساعات التعلم التي يحصل عليها الطالب بسبب الدوام المزدوج للمدارس مما دفع اغلبية الطلاب الى التسرب وترك مقاعد الدراسة لعدم الأستيعاب وعدم الراحة.
- يعاني أغلب التلاميذ في معظم المدارس وخاصة في المناطق الريفية والنائية والتي تعاني من انخفاض المستوى المعاشي لأغلبهم من نقص في التجهيزات المدرسية أو تأخرها بعد بدأ العام الدراسي من(قرطاسية، والمناهج الدراسية).
-القضاء على الأمية مهمة كبيرة تقع على مسؤولية الدولة قبل الاسرة نفسها من خلال تشريع القوانين، اذ لا بد من وجود رادع قانوني يجبر الاباء بزج ابنائهم في التعليم، وأن من المؤسف البعض من الأباء هو من يشجع أبناءه على ترك الدراسة ليساعده في العمل او في أعالة العائلة. لذا على وزارة التربية اتخاذ سياسات وتشريعات وقوانين رادعة لتطبيق قانون التعليم الإلزامي وتمديده لمرحلة المتوسطة للقضاء على مشكلة الأمية التعليمية مستقبلاً.
- الاهتمام بتوفير الأبنية المدرسية وتجهيزها وتطويرها بما يناسب التطور والتقدم العلمي أسوة بباقي الدول.
- على وزارة التربية توفير الكتب والقرطاسية ويبدأ التجهيز من العطلة الصيفية.
- تفعيل قانون محو الأمية وتوفير الدعم المادي والمعنوي للمؤسسات والدوائر العاملة في مجال محو الأمية فضلاً عن الدعم المالي للأميين كمحفزات فاعلة للانخراط بالحملات الشاملة لمحو الأمية في العراق. وتشجيع المتفوقين والمتميزين في مراكز محو الامية تشجيعاً، ولرفع الروح المعنوية لديهم.
- الاهتمام بالحملات الاعلامية المقروءة منها والمسموعة والمرئية من قبل قسم الاعلام والعلاقات في الجهاز التنفيذي لما لها من دور في توعية وإرشاد السكان بخطورة مشكلة الأمية وتعريفهم بأهمية القضاء على هذه المشكلة لما للتعليم من مردودات مادية ومعنوية في مجالات الحياة.
- تحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية كالعوز المادي والحرمان والفقر وتوعية الأهل بأهمية التعليم والإستمرار في محاربة الأمية.
- القضاء على ظاهرة عمالة الاطفال والتقليل منها فلها الاثر الكبير في ترك التلاميذ مقاعد الدراسة أو عدم الالتحاق بالمدرسة من خلال التعاون المشترك بين الجهات ذات العلاقة.
- تنسيق الجهود بين المؤسسات لغرض محو الأمية في المناطق المحررة، من خلال التوعية والأرشاد.
-وضع الخطط والبرامج الانية والمستقبلية للحد من تفشي الامية، والاهتمام بتطوير المناهج التربوية والتعليمية بما يتناسب وطبيعة المرحلة التاريخية التي يمر بها المجتمع.
- ضرورة العمل على مكافحة مصادر التسرب الدراسي وتوفير الاجواء.
- الاهتمام بمشكلات المرأة الأمية وجعلهن متفائلات وينظرن للحياة من جانبها المشرق، والتوصية بفتح مركز إرشادي في كل منطقة للنظر في مشاكل المرأة، والاتفاق على أن الأسرة هي المعلم الأول للأطفال وأن المرأة المتعلمة قادرة على تنشئة أفراد أسرتها تنشئة صحيحة، وان محاربة الأمية تبدأ من المنزل.
وفي الختام يجب أن تكون هناك حملة وطنية مكثفة للقضاء على محو الأمية وبتظافر جهود مشتركة من قبل الدولة والمواطن والمنظمات المدنية من أجل الوصول الى تحقيق هذا الهدف وعدم إهماله.
اضافةتعليق
التعليقات