كنت أتصفح مواقع التواصل الاجتماعي وأشاهد المقاطع والصور التي تحمل الأجواء الحزينة لشهر محرم فصادفت منشورا لامسني بطريقة غريبة ينقل من خلاله أحد العرفاء عن صديقه يقول: "ذات يوم حضر (اية الله حقشناس) في سبعة مجالس أو ثمانية من المجالس الصغيرة، وكنت أرافقه، فكان يؤكد عليّ مرارا أن "عليك بالمجالس المفلسة" يعني هذه المجالس الصغيرة التي لم يحضرها سوى اثنين أو ثلاثة فيأتيهم ناع ويبكون".
تأثرت جدا بعبارة (مجالس مفلسة)، كم هي عميقة هذه العبارة وتحمل في طياتها معانٍ كثيرة، احتجت وقتا لأفهم رمزيتها العالية، فماذا يعني أن يكون الانسان مفلسا ولا يملك شيئا وفي المقابل يقيم مجلسا على مولاه الحسين وهو في هذه الظروف الصعبة؟
ففي المجالس الضخمة التي تقام في الحسينيات الكبيرة، ويعتلي منبرها الخطيب الفلاني المعروف بفصاحة لسانه وقوة منطقه، والرادود ذو الصوت الشجي الذي يهز ضمائر المعزين بكلمات قصائده الحزينة، حينها ستتجسد لك عظمة الامام الحسين عندما ترى تفاعل الناس وقوة العزاء فيهم، فحضور آلاف من الناس في مكان واحد ينادون بصوت واحد "يا حسين" فعلاً لهو شيء مهيب!.
ولكن ماذا عن تلك المجالس الصغيرة التي يقيمها الفقراء ولا يحضرها سوى عدد قليل؟ هناك لن تشعر بعظمة الامام فحسب بل ستتيقن من عظمة الامام الحسين عندما ترى تأثيره البالغ في نفوس الناس البسطاء الذين لا يملكون شيئا سوى حب الإمام الحسين فيحيون ذكره على بساط قديم وقدح من الشاي فقط!
اليقين في عظمة الامام الحسين هو أمر لن تراه إلا في تلك البيوت الصغيرة والمجالس البسيطة التي يقيمها أناس يقدمون كل ما يملكون للإمام الحسين، هنالك فرق شاسع بين من يملك مئة دينار ويهدي منها دينارا واحدا، وبين من يملك دينارا واحدا ويقدمها كلها!.
فالأول قدما جزءا من الكل والثاني قدم كلا من الكل، شتان بين هذا وذاك والتقادير تختلف عند الامام الحسين (عليه السلام).
فما يجب أن نتعلمه من الفقراء بأن لا نمتنع عن إقامة العزاء بحجة عدم توفر المكان المناسب أو سوء الوضع المالي، بل يجب أن نستمر في ذكر الامام وإقامة مجلس عزاءه ولو على بساط قديم وبحضور قليل!، فكل بيت من بيوتنا مهما كانت مساحته فهو حسينية وكل بساط هو منبر نحيي من خلاله ذكر مولانا الحسين (عليه السلام) وكل قدح ماء نقدمه للمعزين على حب الحسين هو مائدة من موائد الجنة عند أمنا الزهراء صلوات الله عليها.
اضافةتعليق
التعليقات