أتمت لياليها العشر دون أن تنتظر في فجر عاشرها عيداً... هوّمت بعينيْ يعقوب إلى قافلتها، حاضنة قميص يوسفها... يا رب تقبل حجي واجعله مبرورا...
لا أرى حجاً كحجك سيدتي ياعقيلة الطالبيين... تامّ المناسك والأعمال....
فها انت تسرجين جواد اخيك (الميمون) ولهيب الفقد يستعر في فؤادك الغض كمرجل موقود منذ الأزل، لا تطفئه شطآن الكون بأجمعها.
و من وادٍ غير ذي زرع ، بدأت رحلتك الإلهية ، وفي قفار كربلاء طفتِ حول خيام النبوة ، مزّقتِ ستائر الظلام ، واحرمتِ عن الدنيا وزخرفِها ، رغبة في الدرجات العلى ،
لم تسع بين الصفا والمروة لكنك سعيتِ سبعا بين أخويك.... ورفعتِ قربانكِ المذبوح من الوريد الى الوريد بكفيّك نحو السماء قائلة:
- ربنا تقبل منا هذا القربان.
و بينا انت ترمين جمرات كلماتكِ الملتهبة في جباه الظالمين ، ترجمين بها السلاطين وجلاوزتهم مدى العصور ، أراكِ تنسابين كماء عذب وسط هذا الظمأ القاتل ، ليرتوي منك معكسر الأبرار اباء و عزة .. وشموخا لا نظير له .
فقد ارعدتْ كلماتكِ جحافل الشرك ، وجموع الصامتين الخانعين ، وكل من رضي بالهوان ، فغدوا كأنّ على رؤوسهم الطير واجمين ، واستحالت فرحتهم خزيا وذلا مؤبّدا .
فانشقت السماوات وامطرت دماً عبيطاً ، ينير قناديل الضمائر المطفأة .
رمال الصحراء حبة حبة ، تشهد هي الاخرى على ما جرى يومها.... كربٌ وبلاءٌ بحجم السماوات ، صُبّا على امرأة واحدة هي زينب سلام الله عليها .. صحيح أنهما اوهنا قواها واجلساها في مصلّاها.. لكنها لم تنثن ولم تُكسر شوكتها فنور عبادتها اخترق الحجب السبع.
لقد اصطفاكِ رب العلى من سماكِ .. وكنتِ اهلا للاصطفاء ، واختاركِ كي تكوني شاهدة صدق لحجٍ زينبي .. يبقى صداه مدى الازمان ، ولن تستطيع قوة في الارض مهما تعاظمت ، ان تمحي اثارك من صفحة المجد ، يا عديلة مريم في عبادتها وعديلة امها في صبرها ، بيض الصفاح اللامعة ما هي الا انعكاس لبريق ايمانكِ وشموخكِ.... أي جبل الصبر الذي لا يستقلّ منه شيء... يا بقية الزهراء وترجمان الإيمان.... هبينا نظرة.
اضافةتعليق
التعليقات