إن الله ليس منهجه في القرآن على التصريح بكل شيء بل كثيراً ما يكتفي باعطاء القواعد والضوابط أو يكتفي بالصفات دون الأسماء أو يكتفي بالإشارة والكناية دون التصريح.
في البداية نقول: هل يصلح عدم ذكر الاسم على فرض قبول ذلك كدليل على عدم كونهم أئمة وأوصياء وخلفاء للرسول صلى الله عليه واله؟ كلا ثم كلا فإنه لا يحق للخصم ان يحتج بذلك علينا إذ نجيبه إن الله تعالى لم يذكر اسم أبي بكر وعمر وعثمان وعائشة وأمثالهم فهل تنكرونهم ولا تقتدون بهم وهل تنكرون خلافتهم كما تزعمون لأجل ذلك؟.
مع انه ذكر اسمهم كان ميسوراً وفي قضايا ترتبط بهم مباشرة وذلك في آية (الغار) وهي قوله (ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ۖ فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَاوَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَىٰ ۗ وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ).
فإنه جل اسمه كان من الممكن أن يذكر اسم أبي بكر فيقول: اذ يقول لأبي بكر أو إذ يقول لصاحبه أبي بكر أو ما أشبه لماذا لم يقل ذلك حتى يرتفع الخلاف من الأمة؟ وانما قال: (إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَاۖ).
هذا اضافة الى الاشكال الكبير على استشهادهم بهذه الآية؛ إذ الآية عليهم وليست لهم فإنها ذم لأبي بكر وليست مدحاً له حيث قال تعالى: (فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ) الضمير فيها خاص وفي الجملة اللاحقة: (وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا) أيضا نجد ان الضمير خاص فعند الفضيلة الضمير خاص بالنبي وعند الامر العام وهو (إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا) مما ليس فضيلة يكون الضمير عاماً فإن الله تعالى يقول: (وهو معكم أين ما كنتم) فليس (ان الله معنا) مما يتضمن مدحاً أو فضيلة لأبي بكر أبداً والآية واضحة لا لبس فيها: إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ۖ فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ..
فلم يقل جل اسمه (فانزل الله سكينته عليهما وايدهما)، كذلك في الجواب النقضي نقول: يوجد خلاف حتى الآن بين اهل الخلاف وبين الشيعة منذ اكثر من ١٤٠٠سنة حول السجود وذلك رغم ان الصلاة عمود الدين ان قبلت قبل ما سواها وان ردت رد ماسواها، والسجود على ما لا يصح السجود عليه يبطل الصلاة والله سبحانه وتعالى كان يعلم بأن هناك خلافاً سيقع في الأمة بخصوص السجود على التراب والتربة او السجود على الفراش وما اشبه ورغم ان الله سبحانه في القرآن الكريم تحدث عن السجود والسجدة أي ان هذه المادة بمشتقاتها المختلفة في مواطن عديدة ناهزت(٩٨) موطناً حيث استخدم الله سبحانه كلمة السجود بمعانيها المختلفة وبالصيغ المختلفة (السّٰجدين) (فاسجد) (اسجدوا) الى اخره، الا انه لم يصرح بكيفية السجود وانه على مطلق وجه الأرض أم على السجاد مع انه كان من الممكن بكلمة واحدة ان يقول (اسجدوا على التراب او التربة او السجاد او ما اشبه أما كان يرتفع الخلاف عندئذ؟.
فلماذا لم يصرح الله تعالى بذلك؟
تصوروا (٩٨) مرة يذكر السجود واسجدوا ومااشبه ذلك ولكنه جل اسمه ولو لمرة واحدة لم يشر الى (على ماذا) فلماذا لم يصرح بذلك؟
لماذا لم يذكر اسم السجود وعلى التراب او السجاد إثباتاً أو نفياً؟
الله سبحانه وتعالى حكيم دون شك ولحكمة مالم يذكر ذلك.
سنشير ان شاء الله في اجوبة قادمة الى وجوه من الحكمة والمصلحة في ذلك باذن الله تعالى..
اضافةتعليق
التعليقات