ها قد أقبل الشهر الفضيل بأيامه وبدأت ساعاته تمضي وتسرق لحظات العمر فهنيئاً لمن استغل أوقاته فيه بالتقرب من الله عزوجل ليشغل مكانه في ركب النجاة..
ولهذا الشهر مراسيم وعادات تختلف من مكان لاخر ومن بلد لاخر ومن وقت لاخر وفيه تختلف التعاملات الخاصة سواء من ناحية الغذاء او العبادات او طريقة التعامل فهي تختلف تماما في هذا الشهر لما يحويه من نفحات نورانية تغشي الصائم حيث يكون فرصة مناسبة لكثير من الناس ان يحسنوا اخلاقهم او يتركوا عادات سيئة ومنهم من يبدأ بالتقرب من الله عزوجل وقراءة القرآن كي يشعر انه قد استغل وقته فيما يرضي ربه هذا من المفترض أليس كذلك؟!
الصائم في رمضان تحيطه هالة من التأثيرات فالقرآن له تأثير خاص على الجسد والصلاة فيه لها تأثير خاص والاستغفار كذلك والصدقة وكف النفس عن ملذات الدنيا وتحسين الخلق كل ذلك يندرج تحت مسمى الاحتياجات الروحية للجسد وهي بمثابة الفيتامين للجسد الذي اصبح شيئا ثانويا لا يشغل تفكير الأغلبية اليوم، فبعضهم مكتفين بما يملأ مائدتهم الرمضانية من أشهى وأفخر الأطعمة التي اصبحت من سمات الشهر الفضيل عند الأغلب وان يعد عدته ويبدأ بالتبضع وشراء المواد وتخزينها للشهر الفضيل لتصبح المائدة الرمضانية خالية من الروحية والنور الذي يغشي الصائم.
وكذلك يضفي الشهر الفضيل روح الإيمان والشعور بالمسؤولية تجاه الفقراء ومواساتهم لأنهم انشغلوا بما يروي عطش النهار فقط وبما يملأ بطونهم بما لذ وطاب من الأكل الموجود في موائدهم الخالية من ذلك الفطور الذي يغنيهم عن اي مائدة اخرى والذي يحتاجه كل فرد وليس فقط من صام في رمضان بل في حياتنا التي باتت تخلو من الحمية الروحية التي تسمو بالفرد نحو الصلاح والرضا فاليوم واجبنا ان نكون أولئك الذين ينفقون الطعام في سبيل الله وعلى فقراء المعرفة والعلم وإفطار عقولهم التي باتت تشكو صياماً طال سنوات والأيام ماضية بهم دون ان ينتبهوا من غفوتهم.
مجتمعنا اليوم يحتاج ان ننهض نحن به فاليوم بات الجهل يكثر ويأخذ بِنَا نحو الضلال وهذه مسؤوليتنا جمعياً حيث قال الرسول محمد (ص): "كلكم رَاع وكلكم مسؤول عن رعيته".
من هذا المنطلق نرى ان المسؤولية جماعية وليست مقتصرة على احد الأفراد دون اخر فالتغيير يبدأ من ذات الشخص ثم يعمل بالإشعاع الفردي ليعم إشعاعه محيطه ثم ينتشر ذلك الإشعاع لمن هم حوله فتبدأ دائرة التغيير بالاتساع فمن يريد ان يغير امة عليه ان يغير نفسه أولا وان يعكس صورة مايريده للناس كي يستطيع ان ينجح في ذلك.
الكثير من الناس يقيمون محافل قرآنية في شهر رمضان والبعض يقيم مجالس وتتنوع النشاطات بين الناس لكن ذلك لايكفي لإفطار تلك العقول التي بات الصيام كجدار يصعب هدمه، لكن لاشئ مستحيل مع العلم لأنه كالنور الذي يخترق الظلام ويثبت وجوده حيث ان اقامة ندوات توعية وتدبر وإعمار المجالس بهكذا نقاشات فإن من شانها أن ترفع مستوى الثقافة لدى الناس حيث ان كثرتها واستمرارها يبعث الأمل في توعيه بعض تلك العقول.
على الجميع ان يرى نفسه مسؤول على ذلك ولنبدأ اليوم وندعوا الجميع على تلك المائدة الفاخرة التي تتنوع ب ألذ وأشهى المعارف وبجميع جوانب الحياة والدين، لنكن كرماء علم وان لا نبخل بأغلى ما نملك من المعلومات لأن الكلمة التي نفعتنا بالأمس من الممكن ان تنقذ اليوم شخصاً اخر فلنكن حاتم بكرمنا للعلم..
اضافةتعليق
التعليقات