(واثق الخطوة يمشي ملكا) مثلٌ يعطي الأبعاد الواقعية للإنسان ومن لايتبعه يطرح عليه السؤال الذي لطالما طرح علينا ونحن بأصعب حالاتنا (ألا تثق بنفسك؟) حين يطرح علينا هذا السؤال نجدنا دخلنا في دوامة من الصراع النفسي مابين ان نثبت اننا اقوياء او نعود نحو الهاوية منكسرين نطلب المساعدة..
لازلت اتذكر ذلك اليوم الذي عشقت فيه الانكسار وادعيت ان كل شيء ليس بإرادتي انا محكومة، انا وانا واستمريت بالانكسار لكن قط لم اتساءل أكان هذا الإنكسار صادر عن ذاتي التي ادمنت الضعف ام انني فعلا لا أجيد المحاربة من أجل الحياة.
دوما كنت اسير بجانب الزاوية لا أمانع ان كنت الاخيرة فقط كنت اريد النجاة قائلة ان كل شيء يحدث هو بأمر من الله متناسية ان عز وجل ذكر في كتابه (مَّآ أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍۢ فَمِنَ ٱللَّهِ ۖ وَمَآ أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍۢ فَمِن نَّفْسِكَ ۚ ).
دوما مانجدنا نلقي انكساراتنا وفشلنا بتلك الحجة انه القدر ومايشاء الله ولكن نتناسى اننا نحن من نرمي انفسنا بقاع الهاوية مدعين ان اخوتنا هم من رمونا، نحن من نضعف ونترك لهم المجال للاستبداد بل نحن من نقف على حافة الجبل ونترك لهم حرية الدفع او السحب ولم نترك لانفسنا لحظة الاختيار ان نكون نحن من يتحكم بحياتنا فمن يجدنا ضعفاء يستقوي وهذا شيء بديهي..
كنت هكذا تماما تاركة زمام الامور بيد من حولي، رسمت الصداقة صندوقا لحياتي متناسية ان كل سر هو سهم ذات يوم سأرمى به وان كان من اقرب الناس لنا، كان يجب علي وضع حد وترك أسراري لقلبي الذي مد وتينه واثقا بل متوهما ان الجميع يحمل اخلاقه..
ثم انتقلت من قيد الاصدقاء للأقارب فوجدتني اخشى كل كلمة اخشى الجلوس او الدخول في جدالات خوفا من ان يقال عني شيء وايضا تناسيت ان الناس لاتملك سوى اللسان تتكلم ان كنت جيدا ام لا حتى ادركت انني فعلا تلك التي تركت ثقتها بنفسها كالارجوحة ترتفع وتنخفض على مزاج الاخرين، تركت قواعد الكون وان بعد كل سقوط قوة ونجاح بل جعلت السقوط يأخذ بي نحو القاع مدعية أنها النهاية حتى ادركت نقطة الانقلاب، اين انا من نفسي لما الجميع يعرف عني ولكنني لا أعرفني هل انا البلهاء كما يصفون ام تلك الضعيفة التي تقتلها كلمة وتحييها ابتسامة..
أما اليوم ادركت الفرق بعد ان عدت امتلك مفاتيح ذاتي بعد ان صرخت بوجه الخوف واستنشقت الثقة تلك التي كانت ذات يوم ستكون سبب موتي، تمسكت بطرف خيطها وسحبتها للوجود واليوم انا مختلفة بمجرد كوني انا..
ماهي الثقة بالنفس؟
تيسير حسين /علم نفس قال: إن الثقة بالنفس هي رضا الشخص عن إمكاناته وإحساسه بكينونته وفرادته وقدرته على الانجاز والنجاح على صعيد العمل والعلاقات الاجتماعية والحب وهي من الصفات المكتسبة لكن فترة اكتسابها تعود إلى فترة مبكرة من الطفولة - السنتين الأولى والثانية - وهما سنتان حاسمتان في تكوينها وتوطيدها. وهنا يأتي دور الأهل الحاسم في بناء ثقة الطفل بالعالم الذي حوله، فالاستجابة غير المشروطة لحاجات ورغبات الطفل في هذه المرحلة من قبل أبويه وخاصة الأم أمر جوهري في ترسيخ ثقته بنفسه وبالعالم من حوله ولا يتوقف هذا الأمر هنا بل يسري ذلك على مراحل العمر التالية حيث يترتب على الأهل تلبية حاجات الطفل المادية والمعنوية وتجنب إذلاله وتبخيس قدره أو السخرية من إمكاناته المتواضعة والمثال على ذلك محاولات الطفل الأولى في المشي فالسخرية من حركاته أو الإلحاح الشديد على تملكها قبل الأوان يجعل الطفل عرضة لضعف ثقته بنفسه...
وهنا يتوضح ان اولى خطوات الثقة بالنفس تبدأ من المحيط العائلي ذاته فهو من يمتلك مفاتيح القوة والضعف كما ينتشر في مجتمعنا حيث يبدأ الاهل بقتل اولى محطات الثقة بالنفس لدى الفتيات بالتمييز عن الذكور وقتل بذرة ثقتهن بدل تقويتهن لحياة قادمة لانعرف اسرارها ومدى سوء حالها، فيوم بعد يوم نجد من تخشى المواجهة، هي التي تقتل سرا سواء نفسيا او بأي طرق اخرى..
لكن ماذا لو كانت هذه الطرق تغيرت نعم نفرض الحدود لها لكونها انثى لكن بطرق لاتجعلها تندثر فقط لأنها انثى، ماذا لو علمنا الذكر انه رجل لكن له ذات الحدود وعليه ذات الواجبات فلافرق بينهما كلاهما مكملان لمجتمع ناجح ومستقبل مزهر..
كل شيء يبدأ منا نحن، من محيط العائلة نحن من نجعل النبتة تزهر او نتركها في ظلام حتى تموت ازهارها فالاوراق ويستمر السم ليصل الجذور فتندثر كمثيلاتها اللاتي لم يسلط عليهن الضوء.
في النهاية رفقا زارموا بذور الثقة بالنفس.
فلقد كان الرسول (ص) يعلم أن أطفال اليوم رجال الغد، لذا أولى عناية بصغار الصحابة، لأنه أدرك بحِسّ المربي أن الحِمل الذي سيتركه لهم ثقيل، ويحتاج إلى نفوسٍ واثقة في الله أولاً، وفي نفسها وإمكاناتها وقدراتها ثانيًا، فقال(ص): «يا غلام، إني أُعلِّمُكَ كلماتٍ: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيءٍ لم ينفعوك إلا بشيءٍ قد كتبه الله لك).
اضافةتعليق
التعليقات