عُدت المرأة في زمن الجاهلية عاراً يتوجب دسه في التراب لتخلص منه. حتى جاء الاسلام مُعرفاً بالقيمة الحقيقية للمرأة فجعل منها :
البنت التي هي حسنة لوالدها، روي أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) قال: (البنات حسنات، والبنون نعمة، والحسنات يثاب عليها، والنعمة يسأل عنها).
وجعل منها الزوجة التي تُكمل نصف دين زوجها والنعمة التي يُرزق بها، روي عن الإمام عليّ بن الحسين عليهما السلام أنّه قال: (أمّا حقّ الزوجة: فأن تعلم أنّ الله جعلها لك سكناً وأنساً، فتعلم أنّ ذلك نعمة من الله عليك، فتكرمها وترفق بها).
وجعل منها اماً الجنة تحت اقدامها، روي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): (الجنة تحت أقدام الأمهات).
هكذا كرم الاسلام المرأة، ولكن للأسف ابتكرت عادات سيئة في زمننا هذه تدعي المطالبة بحقوق وحرية المرأة (حرية الوصول للمرأة) بالتعبير الأدق، مُتهمين الاسلام بظلم المرأة وتفضيل الرجل عليها .
وبين كل هذه المبادئ والاشكالات الضحية الوحيدة هي المرأة نفسها، حيث اصبحت جاهلة بمكانتها وقيمتها الحقيقية، ضعيفة في اخذ حقوقها واثبات وجودها في مكان لائق من المجتمع، مُتخذة من بعض الباحثات الاجتماعيات او المدافعات عن حقوق المرأة او الممثلات مثالاً اعلى لها، مُتجاهلة المثال الاعلى الذي اوجده الله تعالى في الاسلام لكل مرأة وهي سيدتنا فاطمة (عليها السلام).
حيث اعتقدت المسلمة ان فاطمة الزهراء (عليها السلام) مثال في حجابها وعفتها وطاعتها فقط، غافلة تماما عن بعض جوانب القوة في شخصية السيدة الطاهرة :
- قوتها في الدفاع عن الدين والحق :
جميعنا نعرف ماجرى بين المسلمين بعد استشهاد رسول الله (صلى الله عليه وآله) من اختلاف في خلافة رسول الله ونكث وصيته، ونعلم حادثة هجوم القوم على دار الامام علي عليه السلام، لكننا لا نعلم ان السيدة فاطمة لم تقم لتفتح الباب فقط، بل قامت لتخاطب القوم وتذكرهم بمنزلتها من رسول الله علهم يعودون الى رشدهم، عندما رأت مولاتنا الدين (المتمثل بأمير المؤمنين عليه السلام) على وشك الاندثار على أيدي مُدعي خلافة الرسول قامت هي لتضحي بنفسها وجنينها في سبيل نصرته، لمّا استخرج أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) من منزله، خرجت فاطمة (عليها السلام) خلفه فما بقيت امرأة هاشمية إلا خرجت معها، حتى انتهت قريباً من القبر فقالت لهم:
خلّوا عن ابن عمّي فو الذي بعث محمداً أبي (صلى الله عليه وآله) بالحقّ، إن لم تخلّوا عنه لأنشرنّ شعري، ولأضعن قميص رسول الله (صلى الله عليه وآله) على رأسي، ولأصرخنّ إلى الله تبارك وتعالى، فما صالح بأكرم على الله من أبي ولا الناقة بأكرم مني، ولا الفصيل بأكرم على الله من ولدي.
قال سلمان – رضي الله عنه -: كنت قريباً منها، فرأيت والله أساس حيطان مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله) تقلّعت من أسفلها، حتّى لو أراد رجل أن ينفذ من تحتها لنفذ، فدنوت منها فقلت: يا سيّدتي ومولاتي إنّ الله تبارك وتعالى بعث أباك رحمة، فلا تكوني نقمة.
فرجعت ورجعت الحيطان حتى سطعت الغبرة من أسفلها، فدخلت في خياشيمنا.
حدثت ضجة في المسجد، فخلى القوم عن امير المؤمنين، عادت مولاتنا معه الى الدار، هكذا بثبات وتضحية دافعت عن إمام زمانها! اين نحن من ثباتها وقوة موقفها، هل ندافع عن إمام زماننا بهذا الشكل؟ هل نُسكت المشككين في وجوده بجدية ..!
اما في جانب المطالبة بالحقوق :
روي انه لما أجمع مدعي خلافة رسول الله على منعِ فاطمة عليها السلام فدك، وبلغها ذلك، لاثت خمارها على رأسها، واشتملت بجلبابِها، وأقبلت في لمة من حفدتها ونساء قومها، تطأ ذيولها، ما تخرم مشيتها مشية رسول الله صلى الله عليه وآله، حتى دخلت على أَبي بكر وهو في حشد من المهاجِرين والأنصار وغيرهم فنيطت دونها ملاءة، فجلَست وهي تقول: الحمد لله على ما أنعم، ولهُ الشكر على ما ألهم، والثناء بما قدم، من عموم نِعم ابتدأها، وسبوغ آلاءٍ أسداها.... حتى قالت: أيُّها الناس! اعلموا أني فاطِمة، وأبي محمد (صلى الله عليه وآله)، أقول عوداً وبدءاً، ولا أقول ما أقول غلطاً، ولا أفعل ما أفعل شططاً: {لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أنْفُسِكُمْ عَزيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ حَريصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤوفٌ رَحِيم} فإن تعزوه وتعرفوه تجدوه أبي دون نسائِكم، وأخا ابن عمي دون رجالِكم، ولنعم المعزي إليه صلى الله عليه وآله ....
هكذا هي بقوة وصلابة تطالب بحقها في فدك لا لحاجة لها فيها، بل لتعطي نساء العالم درس في اخذ حقوقهن والمطالبة بها وعدم الاستسلام والتنازل، كل ذلك مع الحفاظ على الحجاب الاسلامي الحقيقي والحشمة والعفة .
ولعظمة ما فعلته سيدتنا فاطمة في نصرة الدين والحق نصرها الله تعالى وعوضها بإن جعلها الناصرة لمحبيها وشيعتها يوم القيامة .
وذلك لما روي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) حين سأل جبرائيل: (حبيبي جبرائيل لم سُميت (فاطمة) في السماء المنصورة..) فقال جبرائيل: وذلك لقول الله تعالى: (ويومئذ يفرح المؤمنين بنصر الله) يعني نصر فاطمة لمُحبيها .
نسأل الله تعالى ان يجعلنا من محبي فاطمة المنصورين بنصرها عليها السلام.
اضافةتعليق
التعليقات