منذ عام 1992 وإلى يومنا هذا في الثالث من شهر ديسمبر تحتفي دول العالم ومنظمات حقوق الإنسان بالأشخاص ذوي الإعاقة في يومهم العالمي الذي جعلته الأمم المتحدة وأقرته في هذا اليوم، ومع ذلك برغم وجود منظمات حقوق الإنسان ما زالت هذه الفئة تعاني وتفتقر لكثير من الاحتياجات التي لا بد من توفرها لها، بخاصة في الدول العربية التي نرى فيها أن هذه الشريحة مهمّشة إلى حدٍ ما.
ولكن تجول في خواطرنا أفكارًا هل من فقد حاسة من حواسه أو أصيب بعاهة جسدية هو المعاق فعلًا أم من غابت بصيرته؟
لو تأملنا فكثير ممن أصيبوا بعاهة جسدية أو فقدوا إحدى حواسهم يتمتعون بذهنية ومواهب مميزة وتفوق الأشخاص السليمة وهذا إن دل على شيء فيدل على أن الإعاقة هي الإعاقة العقلية والفكرية وليست الجسدية.
فالبصيرة في اللغة معناها: : قوة الإدراك والفطنة. كان على بصيرة من أمره: أي كان مدركًا له.
نافذ البصيرة: ذو ذهن وعقل ثاقب، ذكيّ، وأهل البصيرة تعني : ذوو الخبرة أما أولو الأبْصار فتعني: ذوو الرؤية والإدراك، أصحاب العقول.
وقد أشار الله سبحانه إلى ذلك في كثير من آياته الكريمة منها: قال تعالى {وَتَرَاهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ}، وقال تعالى: {وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا} فالبصيرة سلاح وسبيل للمعرفة والرقي والتكامل، فعن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: "لَيْسَ الْأَعْمَى مِنْ يَعْمَى بَصَرِهِ، إِنَّمَا الْأَعْمَى مِنْ تَعْمَى بَصِيرَتُهُ".ميزان الحكمة ج ١، ص ٢٦٦.
وأمامنا شخصيات كثيرة امتازت وأبدعت برغم فقدها حاسة البصر إثر حادث أو مرض معين، فكان لنا حوار مع المدرب والمسرحي
علي البصير أحد هذه الشخصيات المتميزة:
أستاذ علي حدثنا عنك وهل فقدك للبصر حدث لك مؤخرًا أم منذ طفولتك؟
أنا علي البصير من محافظة كربلاء، خبير متفجرات، كنت أعمل في مكافحة متفجرات كربلاء، فقدت بصري إثر تفجير عبوة ناسفة ونحن نؤدي واجبنا في الدفاع عن أرضنا ضد داعش الإرهابي في المنطقة الحدودية في محافظة البصرة.
هل أثر عليك فقدك النظر وعانيت بسببه؟
من الطبيعي في بادىء الأمر واجهت صعوبات وأخذت وقتي حتى تجاوزت هذا الأمر، ولكن فقدي للبصر أحدث انتقالة في حياتي فقد أكملت دراستي وأنا كفيف وحاليًا أدرس في جامعة كربلاء/ كلية القانون. واكتشفت لدي مواهب لم أكن منتبه إليها.
ما المواهب التي تمتلكها ولم تكن تعلم بها؟
لم أفكر يومًا بأني قد أرتقي خشبة المسرح، واليوم أنا أعمل كممثل مسرحي وقدمت الكثير من الأعمال المسرحية، وشاركت في العديد من المهرجانات المحلية والدولية ومن أهمها: مهرجان بابل الدولي، ومهرجان أيام كربلاء، ومهرجان العراق الوطني الأول، وأيضًا كاتب لنصوص مسرحية، قدمت بعض النصوص المسرحية التي شاركت في بعض المهرجانات.
دخلت أيضًا إلى عالم التدريب والمحاضرات، ففي أي مجال تقدم الورش والمحاضرات؟
أنا مدرب واستشاري في مجال إدارة التسويق، دربت في أكثر من مكان ولي مقابلات إذاعية تحدثت فيها عن التسويق في عدّة حلقات.
لديك حضور أيضًا في المجتمع المدني، فما علاقتك بهذا الجانب، وما هي نشاطاتك معه؟
أسست منظمة أسميتها منظمة بيارق النصر لمكفوفي القوات المسلحة وهي منظمة مختصة بجرحى القوات المسلحة، وسبب اختياري لهذه الشريحة لأني وجدتها شريحة مهمشة جدًا ومهملة، لا يعرف عنها أحد، والأعداد الموجودة في قواتنا المسلحة من الدفاع والداخلية والحشد الشعبي هي أعداد كبيرة جدًا ، لا أحد يعلم عنها أو يهتم لأمرها.
وهذه الشريحة التي استهدفتها من وزارة الداخلية وزارة الدفاع وهيئة الحشد الشعبي لا تتوفر لديهم أبسط الأدوات المُعينة. فمثلاً في وزارة الدفاع والحشد الشعبي لا تتوفر لهم الهواتف الذكية التي تُعد معينة لهم وتسهل عليهم التواصل مع الآخرين، كأهمية الأطراف الصناعية لمن فقد قدمه ، إضافة لعدم توفر العصا البيضاء التي تساعد المكفوف في سيره وعدم وجود دورات تأهيلية للمكفوفين لإعادة دمجهم في المجتمع. لأن الشخص الاعتيادي لما يفقد البصر ينسى أبسط أمور الحياة، مثل: المأكل والملبس وحتى طريقة الحركة، يُصبح كالطفل يحتاج من يعينه. لذا تحتاج هذه الشريحة إلى دورات تأهيلية مكثفة كي يعود المكفوف يعيش حياته بشكل طبيعي.
شكرًا لوقتك أستاذ علي، وبارك الله بجهدك، في كل بلاء نعمة.
اجتهد وقاوم فحقق نجاحًا، ولكن هل كل الأشخاص يستطيعون النجاح ومواجهة صعوبات الحياة وأزماتها، إن لم يعملوا عقلهم وتفكيرهم بما ينتفعون منه، المعاق من أغلق فكره وأصابه الجهل والحمق، فليس كل صحيح سليم وفاعل في مجتمعه، وليس كلّ صاحب إعاقة جسدية غير ناجح، فكثير من المعاقين جسديًا تفوقوا على الأصحاء بدنيًا والمعاقين فكرًا.
اضافةتعليق
التعليقات