قال الله تعالى في كتابة الكريم {وَتِلْكَ ٱلْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ ٱلنَّاسِ}. تمضي السنين والشهور والأيام والساعات ويرحل الكثير ولكل شيء نهاية كذلك لكل فردٍ منا نهاية لكن مَن مِنا عاش الحياة كما يجب ان تُعاش؟.
هل تساءلنا يوماً أين إذن هي أيامنا، أين هي الساعات التي لو أحصيناها لكانت مئات الساعات هل هززنا رأسنا قائلين كم هي سريعة تلك السنوات كيف مرت؟ ثم هل تساءلنا مرةً أخرى أين دفنا أفضل أوقاتنا ؟ ثم نصل إلى التساؤل الأهم والأخير هل عشنا أحياء أم لا؟
إن السعيد حقا هو من عاش حتى ولو سنواتٍ قليلة وهو حي وليس من عاش طويلا وهو ميت، فالحياة ليست تلك التي تكون طويلة . نحن نلاحظ أن سرعة الأيام عجيبة ولكننا لا نعي قطعا أنها محسوبة علينا بكل لحظة وكل ثانية لا نعي أننا محاسبون على كل تصرف وكل خطأ.
حاولوا أن لاتركزوا على القيل والقال لاتركزوا كثيرا في الكلام لا تهتموا ما إذا تجاهلكم أحدهم أو لم يجبكم على رسالةٍ ارسلتموها له حاولوا الا تهتموا كثيرا ، اضف إلى ذلك تراقب الناس ماذا فعلت وأين ذهبت؟
انها لحظات محسوبة وايام مكتوبة هذه التساؤلات لاتجلب لنا سوى المشاكل والامراض والإحتراق النفسي.
وبين كل هذا عليكم الا تنشغلوا بالماضي بظلمكم باساءة الناس اليكم بسلب حقوقكم وبخسها فهذا يثير الغضب والاحساس بالعجز . على الإنسان ايضا الا يركز على ما ينقصه، لا تقل ليتني، مثال ليتني لم اصب بمرض، ليتني امتلك المال الوفير، ليتني امتلك سيارة او منزلا. تأكد دائما انك مهما حصلت على كل ماتريد فسيظل هناك شيء ينقصك ، لذا لاتحاولوا ان تقارنوا انفسكم بأحد فكل فرد لديه مزايا تختلف عن الاخر فالله عادل لاتقل فلان أفضل مني أو أبنائي أفضل من أبناء غيري فلان أسعد مني، توقفوا عن المقارنة لان نظرة الإنسان محدودة قاصرة مهما كانت .
عليكم ان تدركوا أن الحياة أكبر بكثير من كل تلك الامور لذا لاتشغلوا أنفسكم بما يرهقكم ويُتعب أعصابكم ويستنزف طاقتكم ويُمرض نفسيتكم فالحياة كبيرة وملئى بالعديد من الفرص . ولو نظرتم إلى من حولكم فستجدون من هم أشدُ منكم ألما لو كنتم تتألمون وأسوء من حالكم وأكثر بؤسًا ، وعلى سبيل المثال الاهالي في لبنان وفلسطين التي خسرت الكثير وفقدت الكثير من الأمان وسوء تغذية متفاقمة.
أقول: إن ما يجري على أرض فلسطين ليس مجرد هذا فقط، على عظمته وجسامته وأهميته البالغة، إنما صارت غزة برجالها ونسائها وأطفالها ملحمة دعوية تتجلى فيها معالم الإيمان، وترتسم فيها صور الإسلام، في الرضا والصبر والثبات والعزة والأنفة والإباء واليقين، وتتجسد فيها معاني العقيدة الإيمانية، ويمارس على أرضها ذروة سنام الإسلام . باختصار إن أرض غزة الآن بثبات أهلها وصمودهم صارت محط أنظار العالم في الوقوف أمام نموذج تاريخي في معاني الإسلام جميعا: إيمانا وأخلاقا وشريعة ومعاملة وآدابا، يرمقه الناس من بعيد بإكبار يجعل الرامقين في حالة ذهول واندهاش عالي.
لهذا اقول ايضا حاولوا ان تجربوا دخول المستشفيات النفسية والعقلية يوما ستندمون على كل لحظة اضعتموها وانتم حزينين او مكتئبين إن كانت أيام أو سويعات لا تُمثل شيئًا أمام مصائب الآخرين وبلائهم. وقد قال الرسول الأعظم محمد (صلى الله عليه واله وسلم ): «إغتنم خمسا قبل خمس: حياتك قبل موتك، و صحتك قبل سقمك، و فراغك قبل شغلك، و شبابك قبل هرمك، و غناك قبل فقرك»، ذلك أن الغالب في هذه الأمور (السقم والهرم والفقر).
وهذه تلهي الإنسان وتمنعه من الاستفادة من وقته وهذه من الأمور التي لابد أن تكن في الحسبان لأن الجسد من دون مداراة يليه السقم والهرم يأتي لامحال وكذلك الفقر فالأرزاق بيد الله لذا حاول اغتنام الوقت قبل ان يضيع، وقد قيل: "وقت الإنسان هو عمره في الحقيقة".
وقال جبران خليل جبران: "إن السماء لا تريد أن أصرف العمر صارخاً متوجعاً في الليالي قائلاً متى يجيء الفجر، وعندما يجيء الفجر أقول متى ينقضي هذا النهار". وحاول ان تأخذ العبرة من الماضين الذين رحلوا ماذا كانت نهايتهم وكيف هي حياتهم.
اضافةتعليق
التعليقات