غالباً ما تحرز الفرق الرياضية النجاح حين تلعب على أراضيها، وهذا أمر مؤكد إذ من الصعب مواجهة شخص آخر في مكتبه أو منزله، إن توكيد موقفك في أرضك كلما أمكن ذلك، يمنحك أفضلية حاذقة قوية ولذلك نجد أن الدول تفضل - عند إجراء محادثات هامة مع الأطراف الأخرى ـ أن تجري تلك المحادثات على أراضيها ومن هنا فإن علماء النفس ينصحونك بأن تكون أنت المضيف، إذا كان عليك إجراء مفاوضات جادة مع طرف آخر، لنقل إنك تريد مقابلة جارك للكلام عن شجرته التي تسد حديقة منزلك الخلفية فهل تذهب إليه أم تدعوه إلى منزلك؟
العديد من الناس يكون أشد إقناعاً في محيطه هو، لذلك يسعى المفاوضين إلى عقد الجلسات في مكاتبهم، وليس في مكاتب الأطراف الآخرين، وفي اختبار أجري في بالتيمور في ولاية ماريلاند الأميركية، تولى عالما النفس رالف تيلور وجوزف لاني دراسة 60 طالبا من جامعة جامعة هوبكنو من حيث قابليتهم للسيطرة على الآخرين وجعلوا المجموعة في أقسام من ثلاثة أشخاص واحدهم ضعيف التأثير، والثاني متوسطة، والثالث قوية، طالبين من كل قسم الاتفاق حول عشر نقاط من شأنها خفض موازنة الجامعة واجتمع نصف المشتركين في غرف الأعضاء الأقوى تأثيراً، فيما اجتمع النصف الآخر في غرف الأعضاء الأضعف تأثيراً، وجاءت النتيجة في مصلحة المضيفين، بغض النظر عن قوة حجتهم وهذا يعني أنه إذا لم يستطع أحدنا عقد اجتماع في داره أو مكتبه، فالأفضل أن يقابل الآخر في مكان محايد إذا شاء ضمان التأثير عليه.
من المعروف أن المرء حيث وضع نفسه، فإذا ما وضع امرؤ نفسه مع مجموعة من السفلة، صار منهم، وإذا ما وضع نفسه مع جماعة من الأشراف صار شريفاً كذلك، فالمحيط يحكم من فيه.
فمن أراد أن يحترمه الناس فلا بد أن يكون مع من يستحقون الاحترام إذ لا يجوز أن يتوقع الاحترام بين الناس من يمشي مع جماعة من قطاع الطرق، حتى وإن لم يكن منهم، إن قوة الشخصية تتطلب الابتعاد عن كل أنواع الإسفاف فالمهنة والموقع الاجتماعي، والأصدقاء، كل ذلك له التأثير الكبير على شخصية الإنسان وكلما كانت تلك المؤثرات عالية كانت شخصية صاحبها مثلها، والعكس صحيح ومن هنا كان لا بد من الإعراض عن اللغو، والسفاهة.
يقول تعالى في وصف المؤمنين: (أَوَلَيْكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُم مَّرَتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا ويدرءونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ * وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغَوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وقالوا لنا أعْمَلْنا وَلَكُمْ أَعْمَلُكُمْ سَلَمُ عَلَيْكُمْ لَا يَبْتَغِي الْجَهِلِينَ) سورة القصص.
عليك إذاً ألا تصاحب الجاهلين من جهة وألا تدخل معهم في المواجهة من جهة أخرى لأن أي ارتباط سلبي أو إيجابي مع الجاهلين يؤدي إلى سقوط شخصيتك فحتى المواجهة مع الجاهل ضارة، إذ يجعلك في مستواه، ولذلك مثل: (لا تدخل في معركة مع من لا يجد شيئاً يخسره) ولا بدّ بالطبع من إضافة ولا تدخل في تحالف مع من لا يجد شيئاً ينفعك به.
اضافةتعليق
التعليقات