لقد دعا الإسلام للارتقاء بالسلوك في التعامل مع الآخرين (الدين المعاملة).. ودعوته للأخلاق ولصيانة العلاقات بين الناس، هي دعوة لحفظ نفسك وصحتك وحالتك أولاً، ثم حفظ صحة المجتمع والناس أجمعين..
لأن كل شيء مرتبط بالشيء الآخر وكل عنصر في هذا الكون له علاقته بالعنصر الآخر، وكل هذه العناصر تتبادل المعلومات فيما بينها... وتتأثر وتؤثر ببعضها، وتتفاعل باشتباك حميمي.. مرئي وغير مرئي، حتى بين الكائنات الحية وغير الحية.. وكل شيء حي.. وكل شيء هو جزء من هذا الكون وهذه الحياة.. فحينما تحتقر... وتهين... وتشتم... تنتقل لك كل هذه السموم فوراً... حينما تصطدم بمرآة الآخر.. تعود على شكل حالة مرضية... على شكل اضطراب..
ينتشر في الزاوية التي لها علاقة بما فعلت... أو قلت... داخل جسدك.. ولعل الحديث عن الكارما هو الذي يحدد بدرجة ما كان الإسلام يدعو له.. في تنظيمه للعلاقات والمشاعر والأخلاق.. وجعلها أساساً للدين وإطاراً للحياة والمواقف بين الناس، فنحن ننظر ونبحث عن الأخطار من حولنا، والخطر الأكبر موجود بداخل هذا الإنسان الذي حمل أمانة أبت السماوات والأرض أن تحملها.
فحينما يعاني الناس من الأمراض.. يأخذهم الألم للاتكال على أي عنصر جزئي ويتناسون أو ينسون الكل وهو الخالق البارئ المصور، الذي كانت لأسمائه الحسنى فضاءات الدعاء.. وأنوار الاستجابة بأمره في قوله تعالى (( ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها )) وفي قوله عز وجل: ((فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان)).. ليشكل الوعي بالصورة الكلية، بالعلاقة الكلية التي تحكم النسيج المتكامل للكون وعلاقته ببارئه..
وترابط عناصره واتصاله بها من جهة، وبه من جهة أولى، حينما خضعت لقانونه ولقانون خلقه وإبداعه في خلق هذا الكون ((إنّا كل شيء خلقناه بقدر)) بحيث كان لكل عنصر دوره وصورته وفاعليته وطبيعته وتكوينه وهيئته وتأثيره ولكل طبيعة صيغتها وترابطها.. ولكل ذرة اختصارها لمحيطها.. فكانت صورة الإنسان وهو سيد الكون، أكثر تواصلاً . هذه العناصر وتأثيراً عليها وتأثراً بها.
فحينما تنقطع، لا يمكنك أن تصل.. وحينما تخالف قانون بقاء وعمل هذه العناصر.. تبني انفصالاً بينك وبينها وتبدأ بالتلاشي.. تتلاشي حقيقتك وتغيب صورتك وتتجه طاقاتك نحو الانطفاء.. ونحو النهايات التي: تأخذك إلى مرض أو إلى عقدة وتبدأ القوانين تقلب في داخلك معادلاتها.. وتنشر في روحك وجسدك حياة بديلة.. لها لون الهزل.. وحرارة المرض وحقيقة الانقطاع التام للخلية عن محيط النور والعافية وعن فضاء الحياة والنبض الذي تكونت عليه وتشكلت على حرارته.. تمنعه حرارة التعلق بالأرض.. بالمادي.. بالهوائي والارتباط بالقانون المراوغ للعلاقة بين الأشياء، التي غيرت أماكنها وخالفت مسار وجودها، فدفعتها للسير في طريق العتمة.. وأبعدتها عن النور، بالبعد عن الله.. والبعد عن قانونه وشريعته ((ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا)).
والإنسان حينما فقد الحب.. فقد الصحة.. ففي وسط المخالفات الكثيرة التي يرتكبها الناس في حياتهم اليومية يوجد أعظم ما يمكن أن يقترفه الإنسان بحق نفسه وبحق الآخرين، ألا وهو قتل الحب في ظواهر عدة مختلفة ومتباينة.. وهذا الخطر يكمن في عدم فهمنا للعالم، والحوادث والمصائب التي عادة ما تكون نتيجة لروحانيتنا غير المتطورة.
اضافةتعليق
التعليقات