لطالما كان للأطفال نصيب في معظم النشاطات الاجتماعية ومن جملتها المشاركة في طقوس شهري محرم وصفر والتي أخذت حيزا كبيرا في الاتساع فلم يتوقف الأمر في حضورهم مجالس العزاء أو المساهمة في خدمة الزائرين في المواكب الخدمية أو بناء التكايا الصغيرة بمحاذاة بيوتهم بل نالت شرفا أعظم بكثير وهو اعتلاء العديد من الصبية المنابر لتصدح حناجرهم بأجمل الأبيات وهي ترثي مصيبة عاشوراء..
(بشرى حياة) تنقلنا عبر سطورها لدور الأطفال في نشر الثقافة الحسينية وأبعادها العقائدية من خلال مشاركتهم في المجالس الحسينية:
طقوس مستحدثة
الحاج عبد الله الخالدي استهل حديثه قائلا: إن تواجد الأطفال في المجالس الحسينية كان موجوداً منذ الأزل فهي ليست طقوس مستحدثة، حيث كان يحرص الرواديد القدامى على تصدرهم المجلس وافساح المجال لهم أمثال الرادود المرحوم حمزة الصغير وغيره، وذلك ليتعرفوا على القضية الحسينية وعقائدها.
بداية مشرقة
وينقل لنا الرادود أحمد الفاطمي/ 14 سنة تجربته قائلا: لقد دخلت الميدان الحسيني منذ الصغر حيث نذرتني أمي لمولاتي فاطمة الزهراء (عليها السلام) وحينما بلغت الخامسة من عمري بدأت بتدريبي على قصائد الملا باسم الكربلائي، ثم بدأت أنشر بعض المقاطع الحسينية لي على تطبيق الفيس بوك حيث قام بتشجيعي مجموعة من خدام الحسين (عليهم السلام) وأخذوا يرسلون لي القصائد ووالدتي تدربني على الألحان والأداء، حتى شاركت في مسابقات على مواقع التواصل الاجتماعي لأحصد المرتبة الأولى في الالقاء وكانت هذه بدايتي المشرقة في ميدان المجالس الحسينية وبعدها شاركت بعدة مسابقات آخرها كانت وجهيا بالحسين.
ختم الفاطمي حديثه: أشعر بأنني ما زلت في بداية الطريق وأحتاج إلى المزيد لأقدم لإمامي الحسين (عليه السلام) وأمه الصديقة الطاهرة ما يليق بهم.
ظاهرة ايجابية
يرى الشيخ عقيل الحمداني أن قضية تواجد القراء الحسينيون الصغار في مجالس العزاء ظاهرة ايجابية لأنها تؤسس لجيل يساير تفاصيل القضايا التي تتعلق بثقافة عاشوراء وهي جزء من تطبيق وصايا أهل البيت (عليهم السلام) في ضرورة احتواء الأحداث وتغذيتهم بثقافة العترة وبعقائدهم الأصيلة وبما يرتبط بمنهجهم المعرفي والفكري الذي لابد أن تعيشه الناشئة وكما قال الإمام الصادق (عليه السلام): "إن قلب الحدث كالأرض الخالية". وبالتالي ربط الجيل الجديد بمعارف عاشوراء هو وضعه على السكة الصحيحة لكي يكوم فيما بعد مستقيم الفكرة ومنضبط السلوك.
وحول البرامج التي تستقطب الأطفال في مجال الانشاد الحسيني قال الحمداني: تعد البرامج التي يزج فيها الأطفال والبراعم المتعلقة بالإنشاد الحسيني أو الردة الحسينية أمر له أثر ايجابي كبير على ارتباطهم المستقبلي بمعارف أهل البيت (عليهم السلام) لكن ينبغي عدم تركهم وتطوير قابلياتهم وتفجير مواهبهم والاهتمام بالرقي الروحي والأخلاقي لهم اضافة إلى الصوت والقدرة على الالقاء.
مضيفا: إن تبني الأطفال في هكذا برامج يسهم بجانب مهم في تنمية التواصل مع الثقافة العاشورائية ويكون مصدر جذب لهم كما وينقلهم إلى ساحة الارتباط الولائي والعقائدي بسيد الشهداء (عليه السلام) وما يترك ذلك الأمر من أثره الجميل على صفحة نفوسهم فحب الامام الحسين (عليه السلام) طاقة هائلة إن استلهم الطفل والفتى من معالمها واقتبس من نورها فهي تزوده بقدرة كبيرة على البصيرة في أمره وايجاد حصن له من المغريات التي تواجهه وأفخاخ الشياطين التي تستقبله في حياته، فالحسين (عليه السلام) له جاذبية كبيرة تنقل الانسان إلى رحاب سمو الذات وسمو النفس الذي يوصله فيما بعد إلى البناء الشامل للفرد والذي بدوره يوصل إلى بناء مجتمع نقي متعاون متحاب يحقق الأهداف المرجوة من نهضة سيد الشهداء (عليه السلام).
يد أمينة
وكان للأديب والشاعر عودة ضاحي التميمي هذه المشاركة حدثنا قائلا:
إن كان هذا التبني بيد أمينة وجهة لها معرفة تامة بأصول الشعر الحسيني والصوت الذي يؤدي هذا الشعر وما يحتاجه الرادود المبتدئ سيكون هذا التبني رائعا وفاعلا وسيتعلم هؤلاء الموهوبون أصول هذه الخدمة الحسينية المباركة ويتربون عليها.
وعن اختيار القصائد والألحان المناسبة لهذه الفئة العمرية في الأداء أضاف التميمي: إن الفئة العمرية الصغيرة التي تلج ميدان الخدمة الحسينية المباركة من خلا الرد والإنشاد تحتاج ابتداءً إلى الألحان البسيطة المناسبة لأعمارهم وحناجرهم ومن ثم ينتقلون بالتدريج إلى الألحان المتوسطة والصعبة، ففي المران المتواصل والعلمي يصل الطفل إلى المراحل المتقدمة.
وفيما يخص البرامج التي تحتضن أصحاب المواهب من الأطفال تابع قائلا: لاشك أن هذه البرامج التي تتبنى مواهب الرواديد الأطفال هي برامج مفيدة ونافعة وهذا الاتجاه أول ما تبناه هو قسم الشعائر في الروضة الحسينية المقدسة وكانت تنطلق لجان إلى كل المحافظات لاكتشاف المواهب الحسينية لدى الأطفال والشاب وتقيم لهم تدريبات مكثفة ومسابقات سنوية وتكريم الفائزين الأوائل منهم، كما كانت لدي مشاركة كأحد المحكمين في تلك اللجان في الروضة الحسينية المطهرة.
كما أن هذا التبني يسهم مساهمة فعالة في ترسيخ العقيدة الحسينية لدى الأطفال وتجعلهم الرواد في المستقبل والمؤمنين برسالة المنبر الحسيني الشريف وثورة الامام الحسين (عليه السلام) وهذا الاعتقاد يجعلهم ينشرون مظلومية الإمام في كل مكان وزمان.
وأكد التميمي في ختام حديثه قائلا: هناك مسألة مهمة تجب على الذين يتبنون مواهب الأطفال الحسينية أن يعرفوا أن أصوات الأطفال قبل البلوغ شيء وبعده شيئ آخر بمجرد بلوغ الطفل يتغير صوته، لذا على المدربين أن لا يرهقوا أصوات الأطفال ولا يجعلوها تتعب لأنها إذا تعبت وارهقت فستكون غير صالحة بعد البلوغ.
اضافةتعليق
التعليقات