يوافق 20 مارس/ آذار من كل عام اليوم العالمي للسعادة، ويركز موضوع احتفالات هذا العام على فكرة "إعادة البناء بشكل أكثر سعادة" في إطار الجهود الرامية إلى تجاوز مرحلة وباء كورونا.
وقد حددت هذا اليوم الجمعية العامة للأمم المتحدة، التي قالت إن السعادة هي "هدف إنساني أساسي".
لكن بداية.. ما هي السعادة؟
تقول موسوعة ستانفورد للفلسفة إن هناك مفهومين للسعادة، حيث يستخدم المرء الكلمة كمصطلح مرادف تقريبا للرفاهية أو الازدهار، كما أنه قد يستخدمها أيضا كمصطلح نفسي وصفي بحت مشابه لـ "الاكتئاب" أو "الهدوء".
وبدأ الاهتمام البحثي بمفهوم السعادة منذ أكثر من 2500 عام. وكرس فلاسفة عظماء مثل كونفوشيوس وسقراط وأرسطو وبوذا حياتهم لمتابعة هذا الموضوع.
ويقول موقع الأمم المتحدة عن اليوم العالمي للسعادة إنه يوم تشعر فيه بالسعادة والسرور.
وتحتفي الأمم المتحدة بهذا اليوم على اعتبار أنه سبيل للاعتراف بأهمية السعادة في حياة الناس في كل أنحاء العالم. وقد دشنت الأمم المتحدة 17 هدفا للتنمية المستدامة يُراد منها إنهاء الفقر وخفض درجات التفاوت والتباين وحماية الكوكب، وهذه تمثل في مجملها جوانب رئيسية يمكنها أن تؤدي إلى الرفاهية و السعادة.
ويعتمد التقرير 6 معايير لقياس السعادة، منها نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، ومتوسط عمر الفرد، وحرية اتخاذ القرارات، بالإضافة إلى جودة الخدمات الصحية والتعليمية، وانعدام الفساد، وانتشار العدل.
ويختلف مفهوم السعادة من شخص إلى آخر ومن بلد إلى آخر، لكن مفهوم السعادة مثلما تعرّفه الأمم المتحدة مرتبط بـ"مدى رضا الشخص عن حياته".
وتعريف السعادة ليس بالسهولة التي قد تتصورها حيث يتم التعبير عن المشاعر بطرق مختلفة جدا حول العالم بسبب ثقافات الناس الفريدة.
وتعبر الثقافات في جميع أنحاء العالم عن السعادة بطرق مختلفة يجمعها أنها عاطفة مهمة يجب الشعور بها. وعندما يكون الأفراد سعداء، فمن المرجح أن يعيشوا أنماط حياة أفضل وأكثر صحة.
وتحسن السعادة صحتنا العقلية والجسدية، كما تحسن قدرتنا على إدارة المواقف العصيبة وتمكننا من البقاء نشطين .
وقد أظهرت دراسة أجريت عام 2016 في ليتوانيا أن الأشخاص الذين يتمتعون بعقلية إيجابية كانوا أكثر استعدادا بنسبة 33 في المئة لأن يكونوا نشطين بدنيا لمدة 10 ساعات أو أكثر أسبوعيا.
بالإضافة إلى ذلك، وجدت دراسة أجرتها جامعة وارويك في عام 2014 أن السعادة مكنت الناس من أن يكونوا أكثر إنتاجية بنسبة 12 في المئة في مكان العمل، بينما وجدت أبحاث في هولندا عام 2008 أن السعادة تساعد على التفكير بشكل أكثر إبداعا وحل المشكلات بشكل أسهل.
وبالإضافة إلى مساعدة الأفراد، فإن السعادة تفيد من حولنا فهي تحسن الطريقة التي نتواصل بها مع الآخرين وبالتالي تقوي العلاقات مع الأصدقاء والعائلة.
وعندما يكون الناس سعداء، فمن المرجح أن يكونوا أكثر مراعاة للآخرين وتعاطفا معهم.
وفيما يلي 3 مفاهيم للسعادة من 3 بلدان في 3 قارات مختلفة:
جنوب أفريقيا - "أوبونتو"
في جنوب أفريقيا، تمارس العديد من المجتمعات ثقافة "أوبونتو" التي يرون أنها أفضل طريقة لتعزيز اللطف.
ويُعرف كلمة "أوبونتو" بأسماء مختلفة في جميع أنحاء القارة، وهو الاسم الأكثر استخداما والذي نشره مجتمع الزولو في جنوب أفريقيا.
ويشجع مفهوم "أوبونتو" على التعاطف، والذي يتم التعبير عنه من خلال الإنصاف وأعمال التسامح والتضامن.
وفي حين أن المفهوم قيد الاستخدام منذ أربعينيات القرن التاسع عشر، فقد اشتهر من قبل أشخاص مثل رئيس جنوب أفريقيا السابق نيلسون مانديلا والأسقف الراحل ديزموند توتو.
وكان توتو يؤمن إيمانا راسخا بأن ثقافة "أوبونتو" ترفض الأنانية، ولذا قال: "نحن نفكر في أنفسنا كثيرا جدا كأفراد، منفصلين عن بعضنا البعض، بينما أنت متصل بالآخرين وما تفعله يؤثر على العالم بأسره".
اليابان - "أوموتيناشي"
تشتهر اليابان بالترويج للرفق من خلال ثقافة "أوموتيناشي". وتُترجم هذه الفلسفة اليابانية عموما على أنها ضيافة على الرغم من أن الكلمة تغطي العديد من جوانب الحياة اليومية.
ويعني مفهوم "أوموتيناشي" الإيمان بضرورة الاهتمام ببعضنا البعض من خلال الأدب والكرم، وبالتالي جعل حياة الآخرين أكثر سعادة وأكثر سلاما وراحة.
وتُمارس هذه الثقافة في اليابان بطرق مختلفة مثل الانحناء عند الترحيب بالضيوف، وتقديم الهدايا للجيران.
ويهدف مفهوم "أوموتيناشي" لأن يكون غير مرئي للعميل، وهو نهج يقوم على توقع احتياجات الآخرين وتلبيتها مسبقا.
الدنمارك "هيغ"
ظلت الدنمارك، لسنوات عديدة، واحدة من أسعد البلدان في العالم وفقا لتقرير السعادة العالمي السنوي.
ويصنف التقرير البلدان على أساس البيئات الاجتماعية والثقافية والسلوكيات تجاه أية مخاطر مثل انتشار المرض أو التمييز أو الدخل المنخفض.
ومن بين العوامل التي أدت إلى الدرجات العالية المتكررة في الدنمارك هو إحساسها القوي بالمجتمع.
وتعد ثقافة "هيغ" أيضا طريقة أساسية للحياة للشعب الدنماركي.
و"هيغ" كلمة ظهرت لأول مرة في القرن التاسع عشر وتمثل بشكل عام شعورا بالراحة و"الرفاهية"، وتُستخدم اليوم لوصف أسلوب حياة مريح وسلمي.
ويجادل الكثير من الناس بأن ثقافة "هيغ" هي سبب سعادة الشعب الدنماركي، لأنها تشجع على الاسترخاء والعمل الجماعي والراحة.
ويمكن التعبير عن "هيغ" بعدة طرق بما في ذلك قضاء الوقت مع أحبائك أو تناول الطعام الذي تستمتع به أو مشاهدة برنامجك المفضل.
ولا يستخدم الشعب الدنماركي مفهوم "هيغ" فقط لإسعاد أنفسهم، ولكن أيضا للترحيب بالآخرين واحتضانهم.
وقد أدت التأثيرات القوية لهذه الثقافة إلى قيام مجتمعات أخرى حول العالم باستخدام ثقافة هيغ لتحسين سعادتهم ورفاهيتهم.
لكن ماذا عن تأثير المال على السعادة؟
تقول الحكم والأمثال القديمة في جميع الثقافات، ومنذ عصور سحيقة، إن السعادة لا يمكن أن تشتري بالمال، لكن الموضوع في عصرنا هذا أخذ طابع علمي وبحثي.
ففي دراسة أصدرها عدد من علماء النفس الأمريكيين ونشرتها بي بي سي في عام 2001 تبين أن المال والشهرة ليست هي وسائل جلب السعادة، أو النيرفانا حسب التعبير الهندوسي.
وقال الخبراء إن الثراء الفاحش والشهرة التي تترافق معها، وخصوصا عند غير المعتادين عليها كمن يربح اليانصيب مثلا، ليست بالضرورة مجلبة للسعادة، بل قد تكون منفرة لها.
إلا أن الشعور بالاستقلالية والاعتداد بالذات والرضا عن النفس فيما يفعله الإنسان، والتقارب مع الآخرين والثقة بالنفس، كلها أمور تسهم في الإحساس بالسعادة وتقريبها عموما.
وقال الدكتور كينون شيلدون من جامعة ميزوري الأمريكية في تلك الدراسة إن هذه الحاجات والمتطلبات النفسية قد تكون العناصر الرئيسية التي تجلب السعادة للإنسان.
وأشار إلى أن الحاجات النفسية يمكن، في حال السعي إلى تحقيقها، أن تدفع السعادة الشخصية للفرد إلى مستويات وآفاق جديدة، تماما كما هو حال حاجة النبات لمكوناته الطبيعية التي لا غنى عنها في نموه واستمراره.
وقد اتفقت الدكتورة ديانا بيدويل، عضو جمعية الطب النفسي البريطانية حينئذ، مع الرأي القائل بأن المال لا يجلب السعادة بالضرورة، وقالت إن العديد من الدراسات أجريت وركزت على موضوع أهمية أو عدم أهمية المال في نوعية حياة الفرد.
ولاحظت معظم هذه الدراسات أن المال يمكن أن يجلب درجة معينة ومحدودة من الشعور بالسعادة، لكنه بعد عبور هذه الدرجة يصبح الأمر سيان ولا يذكر.
وقالت الدكتورة بيدويل إن هناك دلائل وشواهد كثيرة تشير إلى العدد المتزايد من الأثرياء غير السعداء، وعلى الأخص أولئك الذين لم يولدوا وفي أفواههم ملاعق الذهب والفضة، كالفائزين بثروات اليانصيب الضخمة. حسب بي بي سي
8 أشياء تجعلك سعيدا
هناك 9 سبل لتحسين مستويات سعادتك:
1- تناول المزيد من الفواكه والخضراوات
كشف بحث، أجري في جامعة وارويك البريطانية، أن تناول المزيد من الخضراوات و الفواكه يمكن أن يؤثر بشكل إيجابي على معدلات سعادتنا.
النصيحة: عليك بتناول 8 حصص من الفاكهة أو الخضار في نظام غذائك اليومي. وحاول أن تتناول وجبات خفيفة من الفواكه_المجففة وأن تشرب عصائر طبيعية طازجة.
2- قلل أوقاتك أمام الـ"سوشيال ميديا"
وفقا لتقرير، بعنوان "تجربة علمية: هل تؤثر السوشيال ميديا على جودة الحياة" صادر عن معهد بحوث السعادة، سجل مستخدمو فيسبوك، الذين أقلعوا عنه لمدة أسبوع، تحسنا في معدلات شعورهم بالسعادة.
النصيحة: قم بإلغاء تنشيط حسابك على فيسبوك لمدة 30 يوما: هذا سيؤدي إلى إخفاء حسابك من كل أصدقائك. يمكنك إعادة تنشيطه مجددا بالولوج مرة أخرى.
3- اذهب إلى عملك سيرا على الأقدام
كشف بحث، أجري بواسطة جامعة إيست أنجيليا في عام 2014، أن الأشخاص الذين أقحموا السير على الأقدام في انتقالاتهم اليومية حققوا استفادة في لياقتهم البدنية وقدرة أفضل على التركيز وسجلوا معدلات أقل من التوتر.
النصيحة: إذا كنت تستقل القطار أو الأتوبيس في طريقك للعمل، عليك بالترجل قبل محطتين والسير على الأقدام إلى مقر عملك.
4- شاهد صور الحيوانات اللطيفة
توصل باحثون، في جامعة هيروشيما اليابانية في عام 2012، إلى أن النظر إلى صور الحيوانات اللطيفة تثير عواطف السعادة والحماسة ويمكن أيضا أن تحسن معدلات تركيزنا في العمل.
النصيحة: قم بتحميل موقع buzzfeed.com على هاتفك واستمتع بمشاهدة بعض الموضوعات اللطيفة قبل أن تبدأ بمباشرة عملك لتحصل على شعور بالسعادة ببساطة.
5- امكث ساعة إضافية في الفراش
توصلت دراسة، نشرتها مجلة "بي بي سي" نقلا عن مركز أبحاث النوم بجامعة ساري، إلى أن مجرد ساعة إضافية من النوم ليلا يمكن أن تدعم شعورك بالسعادة وتحسن صحتك.
النصيحة: حاول التوجه إلى الفراش قبل موعدك المعتاد بساعة واحدة لمدة أسبوع كامل وتجنب شرب أي مشروبات تحتوي على كافيين قبل الخلود للنوم.
6- خطط لإجازة
أظهر بحث تطبيقي حول جودة الحياة، تحت رعاية جامعة روتردام بهولندا عام 2010، أن القيام بالتخطيط لقضاء عطلة ترفع معدلات الشعور بالسعادة والتشوق. ويمكن أن يمتد هذا الشعور لـ8 أسابيع.
النصيحة: قم بالتسجيل في قائمة للأماكن التي تود السفر إليها على موقع وتطبيق "بينتريست" Pinterest ، الذي اشتهر بوصف كتالوغ الأفكار العالمي.
7- تبادل الأحضان
أثبتت دراسات، حول قوة تأثير حاسة اللمس على تحسين الصحة، أن القيام بتبادل الأحضان يدعم بوضوح مستويات هرمون_الحب أو الثقة المعروف باسم هرمون "أوكسيتوسين" مما يجعلنا نشعر بالسعادة.
النصيحة: عليك أن تمكث أوقاتا أطول مع المقربين منك. وأن تعطي نحو 8 أحضان باليوم الواحد.
8- جاور السعيد
أكد باحثون، من جامعتي هارفارد وسان دييغو في بحث بعنوان " السعادة.. ظاهرة جمعية وليست فردية فقط"، أن كل فرد سعيد في محيطك يزيد احتمالية شعورك بالسعادة بنسبة 9% .
النصيحة: قم بتنظيم حفل أو تجمع مع أصدقائك المقربين وتحدث عن الذكريات السعيدة لكي تنشر شعور السعادة بين كل الحضور.
بالرغم من أنه من الصعب تعريف السعادة إلا أن الوصول إليها ليس صعبا طالما عرفت كيف تحصل عليها. حسب العربية
اضافةتعليق
التعليقات