ما هي الطباعة الثلاثية الأبعاد؟
اتخذت الصناعة بالإضافة (Additive Manufacturing) في الآونة الأخيرة أهميةً كبيرةً جدًا، والتي تعرف باسم الطباعة ثلاثية الأبعاد عادةً، وهي عبارةٌ عن عمليةٍ تعتمد على ترتيب عدةِ طبقات واحدة تلو الأخرى للوصولِ إلى نموذجٍ رقميٍّ في نهاية المطاف يجسد أنموذجًا ما بأسلوبٍ ثلاثي الأبعاد، وسُميت بالصناعة الإضافية نظرًا لاعتمادها على إضافةِ أجزاء مستحدثة إلى المنتج النهائي.
ويمكن تعريف الطباعة ثلاثية الأبعاد بأنها تلك التقنية التي تعتمد على إنتاج أشكالٍ ذات درجةٍ عاليةٍ من التعقيد بأقل ما يمكن من المواد المستخدمة في التصنيع بالطرق التقليدية، أي أنها عمليةُ تصنيع مواد جديدة بالاعتماد على ملفاتٍ رقميةٍ بواسطة برامج حاسوبية، ويُشار إلى أنها عمليةُ تكوين أنموذج مطبوع بواسطة إضافة طبقة تلو الأخرى من المواد للخروج في نهاية المطاف إلى مادةٍ ثلاثية الأبعاد، بحيث تظهر على شكل شرائح أو مقاطع أفقية.
ماذا يمكنها أن تصنع؟
الطابعات الثلاثية الأبعاد متعددة الاستخدامات بشكل لا يصدق، إذ يمكنها -نظريا- صنع أي شيء تقريباً، لكنها محدودة بسبب أنواع المواد المستخدمة وحجم التصميم. كما تستطيع الطباعة باستعمال البلاستيك والإسمنت والمعدن وحتى الخلايا الحيوانيّة، لكن معظم هذه الطابعات مصمّمة لاستخدام نوع واحد فقط من هذه المواد.
من بين الأشكال التي تستطيع الطابعة الثلاثية الأبعاد صنعها، هناك الأطراف الاصطناعية وأجزاء الجسم الأخرى، والمنازل والمباني الأخرى، والطعام والدواء والملابس، إلى جانب الأجهزة الطبية.
ومن هذه الصناعات منزل لمسن أمريكي (تيم شيا) البالغ من العمر 70 عامًا في سبتمبر/أيلول الماضي وقد تحولت حياته من مشرد مدمن على الهيروين إلى شخص اجتماعي متفاعل بعد أن انتقل إلى ضواحي مدينة أوستن، في ولاية تكساس في الولايات المتحدة الأمريكية ليعيش في منزل مساحته 37.16 مترًا مربعًا شيدته طابعة ثلاثية الأبعاد طورتها شركة آيكون.
وقالت شركة آيكون لصحيفة نيويورك بوست أن تيم هو أول شخص يعيش في منزل مطبوع ثلاثي الأبعاد.
وانتقل تيم للعيش في القرية المجانية كوميني فرست! بعد أن كان مدمنًا على المخدرات ويعيش في عربة متنقلة، ووصف منزله الجديد بأنه «معجزة» وقال «آمل أن أبقى هنا حتى آخر أيام حياتي.»
وتبلغ مساحة موقع القرية 207 آلاف متر مربع، وبنت فيها شركة آيكون (وهي شركة ناشئة يقع مقرها في مدينة أوستن) حتى الآن خمسمئة منزل متنوع لإيواء المتشردين باستخدام الطباعة ثلاثية الأبعاد.
ويعد شيا نموذجًا لعدد متزايد من كبار السن الأمريكيين الذين يكافحون لتأمين سكن لائق بتكلفة ميسورة.
بنت شركة آيكون المنازل في القرية باستخدام طابعة فولكان 2 للطباعة ثلاثية الأبعاد،.. قال جيسون بالارد المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي لشركة آيكون إن هدفها «توفير السكن اللائق للجميع في كل مكان»
وكشف تيم إن أسلوب حياته السابق جعله ينزوي ويبتعد عن العالم، وقال «أظن من تجربتي الشخصية لنمط حياتي السابق، أنني حبست نفسي في صدفة. لم أكن أشعر بالأمان، وكلما أتيحت لي الفرصة كنت أختبئ أو أنعزل ولم أُرد مطلقًا التفاعل مع الناس.»
لكن بعد انتقاله إلى منزله الجديد في قرية كوميني فرست! تغيرت حياته تمامًا، وقال «كل ما أفعله اليوم العكس تمامًا، فأنا حاليًا أمارس العديد من الأنشطة اليومية مع الآخرين.»
طورت شركة آيكون حتى الآن ستة نماذج مختلفة للمنازل القابلة للطباعة بالطابعة ثلاثية الأبعاد، وهي تستخدم مواد بناء مقاومة أكثر للكوارث للطبيعية مثل الأعاصير مقارنة بالمنازل المبنية بالطريقة التقليدية.
وقال شيا «أشعر أن هذا المنزل يحتضنني، لا توجد فيه زوايا ضيقة، إنها مستديرة فأشعر وكأنها تحيط بي..»
وتجدر الإشارة إلى أن شركة آيكون جمعت تمويلًا للاستثمار فيها وصل إلى 59 مليون دولار حتى الآن، وأنجزت أكثر من عشرين مبنى ثلاثي الأبعاد في الولايات المتحدة الأمريكية والمكسيك، ووقعت الشركة أيضًا اتفاقية مع وكالة ناسا لتطوير أنظمة بناء فضائية للبناء على القمر، ويشمل ذلك بناء المنازل والبنية التحتية وغير ذلك.
وتشكل الطباعة ثلاثية الأبعاد حلًا منخفض التكلفة لإنشاء العديد من المباني والبنى التحتية مثال المدارس والمكتبات في العديد من الدول.
ولا تزال الطباعة ثلاثية الأبعاد تتطور وتنمو، وقد تحوّلت إلى طريقةٍ شائعةٍ بتكاليف مقبولةٍ لإنتاج نماذج أوليةٍ ومنتجاتٍ نهائيةٍ. في المستقبل القريب، من المحتمل أن يستخدم طفلٌ طابعاتٍ ثلاثية الأبعاد في المدرسة لبناء نسخٍ مصغرةٍ عن جبل راشمور Mount Rushmore، وقد تتمكن من طباعة نسخ من مفتاح منزلك بنفسك عوضًا عن الذهاب إلى المتجر.
اضافةتعليق
التعليقات