في فردانية المرء تارة يضمحل وأخرى يجد وهجه , المرء منا عاكف خلف سقوف ما يتمناه سقوف ما يغشاه , يحبذ الحياة التي يرسمها ثم يفاجأ بأيام تولد تيهه وتسمَّى هذه المرحلة: مرحلة التركيز على الذات.
ثم لا يلبث الانسان أن يشعر بوجوده في بيئة لها مطالب معينة. ويحال تدريجيًا أن ينفتح عليها ويراعيها، ليحقق التوازن بين مطالب نفسه ومطالب العالم الخارجي حتى يصل إلى مستوى مقبول، ونسميه: مرحلة الغيْريَّة، التي يوجه فيها الاهتمام الكافي إلى غيره.
التفرد يمنح المرء ألا يكون نسخة مكررة من أوهام تعالت, العزلة كلما تكبدت تصنع شخصا آخر وتتأرجح أهميتها بين أن تكون نافعة في مضمار ما يعيش المرء أو تصنع منه آلة لأحزانه وتوضح الحياة أن الشيء الجوهري الذي يجب أن نتذكره، هو أن الحياة جدلية.
ومبدأ الازدواجية هو جوهر وجودها، وهو تعايش الأضداد. لا يمكنك أن تبقى سعيدًا إلى الأبد، وإلا فقدت السعادة معناها. ولا يمكنك أن تبقى في حالة الانسجام إلى الأبد، وإلا زالت حالة الوعي بالانسجام. يجب أن تلي حالة الانسجام حالة تنافر، ويجب أن تلي السعادة حالة شقاء. كل لذة تحمل في طياتها بعض الألم، وكل ألم يحمل في طياته بعض اللذة، ومع هذا تبقى ذات الفرد هي كينونته التي تحيا داخله وبه.
وعلى ذلك تأخذ العزلة منحى التفرد أحيانا وأحيانا واجهة التيه وقد يكون تيه المرء ايجاد منه لنفسه وهناك تيه التخلص من الناس فيقول في ذلك توماس هوبس ذلك أن كل إنسان يحرص على أن يقيمه صاحبه على النحو الذي يقدر فيه نفسه.
وقد يسعى في مواجهة علائم الاحتقار والازدراء لدى الآخر، وإذا ما أسعفته الجرأة، إلى انتزاع احترام أكبر من محتقريه بواسطة القتال، ومن الآخرين بتحويل نفسه إلى نموذج للاجتزاء.
أيها الانسان لن تستطيع أن تكون شخصا آخر مادمت لم تستطع أن تكون نفسك، أؤمن جيدا أن يكون المرء فردا قائما بذاته متوجسا في كل ما لديه عارفا عالما بما يدور حوله وما يريد وما يستطع الوصول إليه فالتشابه والتناظر شيئا من التقليدية التي تقحم حيواتنا وتجعلنا حول دائرة مكررة رتيبة.
إن وجود الإنسان يعطي للحياة قيمتها الكبرى من خلال هذا التفرد حتى على مستوى النوع نفسه في سيادة الأرض وأن يعيش ويكد ويعرف ويفهم أننا وجدنا لنؤدي رسالتنا ثم نرحل تائهين في آخرتنا والعزلة في النهايات.
اضافةتعليق
التعليقات