تعانقنا منعطفات الحياة بحلوها ومرها، تأخذنا تارة إلى سواحل اليأس، ولكن سرعان ما نغرق في طوفان الأمل، بعد رحلة طويلة من الصبر لنصل بر الأمان.
الامان.. الذي يُداهم قلوبنا العامرة بحب من لا مثيل له!، فهو من يجعلنا نخوض تلك التجربة المريرة، ليشرق من رحم الوجع قبس من وميض حبه يجلي تعاسة كل ما تكبدنا به.
هو نفسه الحب؛ الذي يتوق إليه كل الورى، منهم من تثمر رحلة بحثهم سبل الوصول إليه، ومنهم من يجهلوا ذلك الطريق، لعتمة ما بداخلهم فيرفعوا راياتهم البيضاء معلنين استسلامهم لخطى الشيطان!.
أخذتهم الغفلة عنه، وسهوا عن درب الهداية, ألهتهم الحياة بملذاتها فابتعدوا بمسافات تفصل بين آخرتهم ودنياهم الزائفة, غافلين عن وجوده من حولهم!.
بالرغم انهم ليسوا بحاجة نحو طريقه تهافت بالخطى؛ لوصول أحدهم قبل الآخر إليه، فهو بينهم، ومعهم، في كل مكان وزمان يحيط بيهم، يسمع، ويسامح، ويغفر, يتجاوز سيئاتهم, ويضاعف حسناتهم, فهو الكريم المتعال لن يكلفنا التقرب له جاه ولا وسيط، ولا لأي جهد كالجهد الذي يبذله انسان لوصوله لملك بشري!.
ولن نكون بحاجة لقرطاس وورق، ولا حتى إلى مكاتيب!، فرسائلنا إليه تترجمها الشفاه بالمناجاة، والعيون بالتوسل، لنغترف من مناهل رحمته, ونحن في رحاب أيام مباركة لأجمل شهر هداه لنا.
يبحث عنا فيه, ليسقط أي تلوث التصق بنا من بقية الشهور، من غيبة، نميمة، نظرة حسد أو حقد، كلمة عابرة تسببت بأذية أحدهم.
فقط لنجعل قلوبنا خفيفةً كالفراشة, نقيةً كالغيمة, حنونةً كالياسمين بين أصابعِ عاشق, وإن ملأته أكفٌ الوقت بالتجاعيد!.
لننفض الغبار عن قلوبنا ونرتدي النقاء، لنكن بهذا الشهر الفضيل بمحاذاته، ليعيد للروح صفاءها, وللقلب جلاءه, وللجسد صحته, وللذاكرة قوتها، شهر خصه لنا لنجدد فيه كل وظائف الجسد والحياة فينا.
فافتحوا باب المناجاة بينكم وبينه، تواصلوا معه، هو سيسمعكم بلا مقابل، وبلا وسيط، سيستجيب لأناة قلوبكم وهي تطرق بصداها أبواب السماء السابعة ليبث فيكم الطمأنينة حتى تبتسموا..
"الله" رب كل شيء، والنعمة به، والرزق منه والقوة من ينابيع رحمته، فكيف لا نبتسم؟!
اضافةتعليق
التعليقات