جلست على مقربة منها حاولت بكل الطرق أن أصل لما تفكر به لكن هنالك عرقلة وعرقلتين ومئة عرقلة تعثر النوايا وتخفي بين العثرة والأخرى حكاية طويلة يطرزها غموض لا يفهمه الغريب عن روحها، حكايات لن يفهمها حتى القريب منها كأنها أقسمت على أن تبقى بقدر منعزلة عن ضجة الحياة!.
أخبرتها بتساؤل رافقني معه ابتسامة مسالمة؛ أشعر وكأنك حاولتِ أن تكوني شخص مريض بمرض "الجرب" لتمنعين كل من حولك على أن لا يقتربوا منك لتمثلي دور البطلة الغامضة التي لو احترق العالم لن يستطيع أحد فك شيفرتك العجيبة!، في حين أنكِ كنتِ أهدأ وأبسط بطلة هلّت كهلال العيد في مناسبة اليوم! فلماذا لم تسمحي بمشاركة الحضور أطراف الحديث وبقيتي تتأملين الأجواء من زاوية المكان باستلطاف لا أكثر وكأن صلة المعرفة والقرابة لم يشملاكِ مع الحاضرين..
يا ليتك لو تكسرين صمتك لتجيبيني عن سبب ابتعادك المفاجئ وعن غرابة نظراتك لكل الحاضرين!.
لا بأس، استمري بقيود صمتك وانسحبي للغرفة المجاورة كعصفور داهمته غيوم المطر ولكن دعيني أبوح لك بأمر مهم جدا، كان عليك أن تكوني امرأة ناضجة أكثر مما أنت عليه الآن وأن تفكري في الخطوة الواحدة عشرات المرات لأن في هذه الخطوة بناء لكل علاقة لكِ سواء بالحاضرين أو مع زوجك الذي لم تشاركينه حتى كلمات الحب مثلما كان يفعل معكِ ليخفف عنك ما يجهله.
من الصعب أن تجد المرأة زوجا يحاول ابقاءها سعيدة فاحذري أن تخسري ما بين يديك لأجل ما تخفينه والآن لكِ الحرية في أخذ راحتك تصبحين على ما تتمنين عزيزتي.
أصبحت الساعة الثلاثة فجرا وما زال مصباح الغرفتين مضيئ، هذا ما يدل على أننا كلتينا لم ننم حتى هذه اللحظة ومن الأكيد أنها تفكر في أمر ما يثير حنكي أكثر من ما كان في بداية الليل، إن من الأكيد أن هنالك شيء مبهم تحبسه داخلها لا يمكن حتى توقعه!.
لطالما فهمتها من النظرة، اليوم يتحتم عليّ اخراج صرختها من مخيم عزاءها، ولكن كيف؟!
في الصباح كان للتجسس دور مهم لتحليل الصمت والنظرات وهدوء الكبرياء والغرور في تحلية الوقت بابتسامتها العذبة..
وبمرور القليل من الوقت هل هنالك من سيميز القاتل من المقتول وهل من المعقول أن يتحاكم المقتول ويبرأ القاتل؟!
في النهاية وبطرفة عين اكتشفت بشكل ما أنها تعاني من مرض خطير، خطير لأبعد الحدود كانت تقاومه بمفردها دون اخبار أحد وكل شحوبها وضعفها كان بسبب مرض السرطان، وحين المواجهة كسرت قيود صمتها وقالت: كل الذي يأتي من الله جميل وحلو المذاق ومهما عظمت المصيبة سيهونها تعالى ويرزقني الخير مهما كان نوعه..
صمتي لم يكن سوى تأمل لأحبتي لأنني أجد فيه دواء للوعتي يخفف عني ألم المرض وألم نتيجته، من يضع عينه بعين الله تعالى أجزم له أنه لن يخيب ظنه مهما عانى الأمرين فإنه رؤوف رحيم بنا وأقرب من الوريد إلينا فعلى ما نشكو لغيره، والشكوى لغير الله مذلة.
اضافةتعليق
التعليقات