اكتسح العالم السواد مذ غربت شمس وجودك عن دنياي، اصبح السواد مكللا لكل شيء ومدثرا حتى لأشعة الشمس وخيوط القمر.
ألم ونحيب وبكاء سكن قلوبنا منذ ارتحالك عنا...
بعد استشهادك فقد كل شي جماله وبهتت كل الالوان، لم يبصر عيني سوى الاسود..
لم يتغير شيء في ارضنا، لا زال صوت الحياة والاحياء يخفت، ولا زال صوت الموت يعلو في ارجاء البلد عاليا فوق كل الاصوات..
في كل دولة تدفع ضرائب لاجل حياة افضل، ولكن هنا في نبع الذهب الاسود ولان الارض اغلى من باقي الاراضي، تدفع ضريبة العيش باغلى الاثمان الا وهي (الموت).
مضى اربعون يوماعلى استشهادك ...
لم أصدق!
عندما كنت بجواري كنت تدفئني بضحكاتك، كان قلبي يضخ الدم بسهولة، كان الاربعين كالاسبوع ولكن الان بغيابك اصبح شديد البرودة وكأنه مضت اعوام على رحيلك وقد ابيضت اعيننا من الحزن..
اتتذكر عندما كنت في الخامسة من عمرك وكنت احضر اطباق الطعام في المطبخ كنت تجر ثوبي وتسألني عن كل شيء، كنت ارد على اسئلتك واحد تلو الاخر وكنت تقبّل يدي و رجلي وتقول: ماما احبك، وكنت احضنك بلهفة واقول انا احبك ايضا، كنت تتنقل بين اعضائي مع كريات الدم الحمراء في كل سريان ووريد كنت احلم فيك دائما وكنت فخرا لي دائما..
اتتذكر عندما قلت لي لا تتركيني ابدا وقلت لك: انت شمس دنياي كيف باستطاعتي ان اعيش في الظلام؟ لا اتركك ولا لحظة...
قلت لي: اتعدينني؟ قلت بالتاكيد لا يفارقنا الا الموت.. حبيبي صدقني كنت اقصد موتي! ولم اقصد موتك انت..
كنت اذكى مني، ومبادر الى الخير دائما، في تلك اللحظة من كثرة مشاغلي نسيت ان اخذ منك وعد لئلا تتركني !
لم يخطر على بالي بأن تتركنا فجأة، تعوّدنا بان الابناء يلحدون اباءهم ولكن كل المعادلات تغيرت الان...
مضى اربعون يوما..
كنت اعدّك ذخرا عند كبر سننا..
لم تصدق كم انحنى ظهر ابيك بعد استشهادك اصبح مكسور الظهر ولكن لا زال كالجبل شامخ لم يجعلني ارى دموعه ابدا، يبكي في الليل بعيدا عنا ولكن اسمع صوته عندما يقول: رضا برضاك يا رب..
تعود الجميع على رؤيتكم انتم الثلاثة ولكن الان هناك نقص في كل مكان في البيت في السيارة في الشركة في المكتب في الهيئة مع الشباب، كلما ارى المرقد المقدس ابن الفهد الحلي اذكرك عندما كنت تقف وتسلم على ابي عبدالله الحسين (ع) وتبدأ العمل مع اصدقائك، كنت تفني نفسك لاجله وها انت الان فزت بالجائزة الكبرى وحصلت على اعلى المناصب عند مولاك.
اتدري انهارت قواى عند سماع خبر استشهادك؟
ولولا كلام الناس لم يمكنني الصبر على هذه المصيبة، عندما كانوا يهنئونني باستشهادك كانوا يقولون لولا اخلاصك لما كانت هذه عاقبة امرك، الحق معهم كنت مخلصا دائما، انا ايضا اهنئ نفسي بك..
حبيبي الغالي اتتذكر كنت تقول ساجعلك فخورة بي، لم افهم معنى كلامك في وقتها، كنت اظن بمساعدتك للناس تجعلني فخورة بك ولكن الان عندما هنأني الجميع باستشهادك ادركت معنى كلامك!
أتعرف يا حبيبي سمي ذلك الشارع الذي سقطت عليه مغشيا باسمك؟ شارع الشهيد سيد محمد نصرالله..
كم شارع نريد ان نسميه باسماء شهداءنا؟
اصبح كل بيت يرُفع فوق بابه اسم شهيد!
لو كنت اعرف موعد رحيلك لنظرت الى ذلك الوجه السمائي اكثر...
مضى اربعون يوما....
واخاك يمشي وحيدا، اتصدق لا زال يبحث عنك ولا يصدق انك رحلت عنا؟
في كل مرة عند خروجه من البيت تعاد علينا المصيبة من جديد، تخنقني العبرة لانني تعودت ان اراكما معا منذ الصغر، تعودتما ان تكونا معا في كل مكان ولكن الان يجب ان يمضي وحيدا من دونك..
يخالجني الشعور بالخجل عند رؤية زوجتك، لم اعرف كيف باستطاعتي ازالة الهم عنها كنت احبها دائما ولكن الان اصبحت احب على قلبي، لم اكن اعرف انها صبورة الى هذه الدرجة انها مثلك تماما فخر لنا..
لم اكذب عليك انها ذبلت في اقحوانة شبابها.. ولكن اهنئك على هذه الزوجة الوفية، تذكرك دائما بالخير في كل زيارة وعند مبادرة كل خير وقراءة القران، كنت تستحق هذه الزوجة وكانت تستحق هذا الوسام لتكون زوجة لشهيد..
هل سبق وشعرت انك في مكانين في نفس الوقت؟
ربما انت الان في قبرك ولكنك في قلبي بل قلوبنا..
الن تأتي حقا؟
كنت انقى واروع مما ينبغي.. انقى مما يتحمله القبح في هذه الحياة..
لذلك رفضتك الاقنعة وتلاشى امامك المزيفون..
وبكتك عيوننا امطارا.. غسلتك تلك الشظايا فازددت نقاءا..
عندما تفلت آه من بين اضلعي، اشعر بوجع كبير، فرحيلك عني سلب مني الحياة، اشعر وكانني ميتة امضي بين الاحياء، صغيرتك تفجع قلبي عندما تكرر.. ماذا يعني الموت؟ احقا لا يرجع والدي؟ اختك تموت قهرا عليها تقول البنت ترفع رأسها عندما تسند ظهرها على جبلها الشامخ، ابيها! ولكن من لليتيمة حتى تكبر؟
لا تكترث لامرها ابدا نم مرتاحا فعمها سوف يكون بمثابة ابيها سوف يقوم بالعناية بها مثلك تماما،
صغيرتك ليس باستطاعتها ان تنساك، حقا انها لا زالت صغيرة، من المبكر عليها ان تحذف كلمة (بابا) من قاموس حياتها!
انها اصغر من استطاعتي في ان اجعلها تدرك ان من يمضي الى السماء لن يرجع ...
بعد استشهادك كرهت العراق صممت ان افر من هذا للعذاب تمنيت لو كان باستطاعتي ان احمل نفسي واحبتي الى مكان بعيد لاخبئ ارواحهم عن مخالب الموت..
ولكن ذكرت انني عندما نطقت بهذه الجملة بصمت تحت لائحة السعداء والآن جاء دور العمل ليميز الصادق عن الكاذب يجب ان استعد لكل شيء كما اشير في الروايات من احب عليا (ع) فليستعد للعداء...
اني مستعدة للبلاء والعداء، فليعرف العالم اني لن اترك حب علي (ع) ابدا..
كيف امضي عن قربك يا حسين فانت مسكني وملجأي ومأواي، عندما اقول بأبي انت وأمي ونفسي ومالي وولدي يا اباعبدالله اعنيها بصدق، نحن لا نهزم ومنا عطاء الدم...
وكأنه يرد علي: اماه ربما الاسلام فقد السلام في هذه البرهة من الزمن ولكن بقي منه الالف، ظن البعض انه الألم ولكن برايي بقي الأمل، سيأتي العزيز ونصبح أعزّة سآتي معه مرة اخرى وننتقم من اولئك الخونة، نحن لا نهزم ومنا عطاء الدم..
اللهم عجل لوليك الفرج.
اضافةتعليق
التعليقات