ثمة مدن تخلد مع تخليد علمائها وثمة مدن تكتسب الشهرة على يد عظمائها أو على أكثرهم عظمة وثمة أخريات يرفع شأنهن عاليا بسبب حادثة ما فيرتبط اسم المدينة بالحادثة..
مدينة الهندية (طويريج) اسمها يكاد يلامس نجوم السماء رفعة وشهرة رغم أنها لاتتميز بطبيعة خلابة ولا تزينها مباني متطورة إلا أن أهلها أصحاب كرم وضيافة يتسمون بالسخاء وبذلك تشهد العرب والعجم من زوار ابا عبد الله الحسين عليه السلام حيث يستقبلون الزوار العرب والأجانب من العراق ومن خارجه، وذلك لموقع مدينة الهندية والتي تعتبر الطريق الرابط بين كربلاء المقدسة ومحافظات الجنوب.
مدينة لم اتوقع أن أكتب عنها في يوم ما، لسبب أن قلبي لا يتعلق بالمدن، ولعل الذي ينحدر من مدينة كمدينة الحسين (ع) يظل وفي الشوق لترابها دون غيرها.
رغم أنني عشت فيها مايقارب الثلاث اعوام فقط، غير أني اكنّ لها ولاهلها الكثير من الاحترام وذلك لأنها طريق العشق الحسيني وكفاها فخرا ان تطؤها اقدام الزائرين، انها مدينة طويريج إحدى مدن محافظة كربلاء المقدسة، تقع بين كربلاء وبابل ويشطرها نهر الفرات، لها العديد من الأسماء منها عروسة الفرات ومنها طريق المبتغى واشهرها طويريج والاسم الرسمي لها الهندية، ويقال سمي بالهندية نسبة الى يحيى آصف الدولة بهادر الهندي الذي كان وزيرا عند ملك الهند (محمد شاه الهندي)، وعندما جاء آصف الدولة بهادر في زيارة إلى النجف سنة 1793 م استقبله أهالي النجف وشكوا إليه سوء وضع مياه بحر النجف والآبار المالحة في وقتها، فجمع رؤساء القبائل العراقية والمهندسين، وقرر شق جدول لايصال المياه إلى مدينة النجف، وبذل أموالا طائلة، فشق جدولا يأخذ من الضفة اليمنى لنهر الفرات، من فوق مدينة بابل بحوالي عشرة كيلومترات، يجري في اتجاه نهر الكوفة القديم، وقد عرف هذا الجدول والبلدة ب (الهندية) نسبة إلى آصف الدولة الهندي.
واما سبب تسميتها ب طويريج ذكر المؤرّخ العراقيّ الراحل السيد عبد الرزّاق الحسنيّ في كتابه المشهور (تاريخ المدن العراقيّة)، أنّ مدينة طويريج كانت في بدايتها تُسمّى "طريق المبتغى" إلى كربلاء لأنّها في رأيه كانت الطريق الأقرب للوصول إلى كربلاء لزيارة الامام الحسين عليه السلام ثم صغرت "طويريق" ثم جرى عليها تصحيف آخر فأُبدلت القاف جيماً فصارت طويريج.
ثم أصبح اسم مدينة طويريج مقرون بعزاء (ركضة طويريج).
وهي مسيرة كبرى وعزاء مليوني من محبي أهل البيت عليهم السلام فيركضون نحو الحسين (ع)،
تأسس سنة ( 1885م) وأصبح عزاء ركضة طويريج من أشهر العزيات الحسينية على الإطلاق إذ يمتاز بالركضة ولان غرضه التعبير عن الاستجابة لقول الامام الحسين (عليه السلام) وهو: الا من ناصر ينصرني.. فتخرج الملايين تعبيرا عن تلبيتها لندائه (عليه السلام) وفي كل عام تكون الركضة في ليلة العاشر من محرم الحرام في قضاء طويريج ليلا.
ثم في يوم العاشر من محرم بعد صلاة الظهرين تبدأ من (قنطرة السلام) التي تقع على طريق كربلاء طويريج، ومن هنا سميت هذه الممارسة بركضة طويريج، والقنطرة تبعد حوالي خمسة كيلو مترات عن مركز المحافظة وتبدأ بعد صلاة الظهر بالضبط وهو الوقت الذي يسقط فيه الأمام صريعاً على رمضاء كربلاء، وتتقدم الجموع البشرية وهم يلطمون على الرؤوس وينادون ياحسين ياحسين، فينطلقوا من القنطرة مروراً بشارع الجمهورية ثم شارع الأمام الحسين ثم يدخلون إلى الضريح الشريف من باب القبلة ويخرجون من الباب المقابل لمرقد ابي الفضل العباس فيجتازون منطقة ما بين الحرمين إلى ضريح ابي الفضل العباس (عليه السلام) وهم ينادون واويلي على العباس... يعباس جيب الماي لسكينة.... يعباس شوف الحرم عطشانة..
ركضة طويريج عزاء ضخم وأعداد المشاركين فيه تصل إلى عشرة ملايين من أهالي كربلاء ومن قضاء طويريج ومن المحافظات الأخرى وحتى زوار عرب وأجانب.
ولم يعد مجرد عزاء يشاركون فيه أهالي كربلاء فحسب، بل تعدى ان يكون مكانها في كربلاء والمشاركين من طويريج وإنما محبي الحسين أسسوا عزاء ركضة طويريج في الكثير من بلدان العالم وان كانوا بعيدين عن الحسين (عليه السلام).
وبذلك كان الشرف العظيم ان اقترن إسم مدينة طويريج بأكبر عزاء لأبي عبد الله الحسين عليه السلام.
اضافةتعليق
التعليقات