في حياة كل منا أخطاء ارتكبها ويخجل منها، قد تكون صغيرة أو كبيرة.. كثيرة أو قليلة، هي تلك الأمور التي ندمنا على ارتكابها وجَلَدنا ذواتنا عليها مراراً، هي تلك الأمور التي تقضُّ مضاجعنا ليلاً، ثم نصحو لنحملها على أكتافنا كلَّ صباحٍ لنعود ليلاً للمبيت وهي جاثمة على صدورنا.
الخطأ وارد، نحن نخطئ كثيراً، قد نخطئ في تربية الأبناء أو في تعاملاتنا مع من حولنا أو في القرارات اليوميَّة التي نتخذها في العمل وفي الحياة، قد نتلفظ بأمور نندم عليها فيما بعد، وقد نرتكبُ أموراً أكبر، ونخجل من مواجهة أنفسنا بها أحياناً.
كلما كانت نظرتنا لذواتنا على قدر أكبر من المثالية كان أكثر عنفاً؛ لأننا أنزلنا أنفسنا منازل الملائكة المنزَّهين عن الخطأ، ثم فوجئنا ببشريتنا؛ فأبينا إلاَّ أن ننغمس أكثر في الشَّعور الرهيب بالذنب برغم أن الله غفور رحيم، يمنحنا فرصاً تلو الفرص لنستغفر ونتوب، ونظل نخطئ ونعاود الكرَّة، ويتقبل عودتنا مجدَّداً.
إنَّ الشعور بالنَّدم شعور مزعج، ولكنه إيجابي مادام في حدود المعقول، هو يعني أنك على قدر عالٍ من الإحساس، أنك أقرب للناس، فتشعر بمعاناتهم، لا بدَّ من توجيه هذه المشاعر إلى المنحى الإيجابي، لتتعلم من أخطائك لا أن تصيرَّها قضباناً تسجنك، أعتبرها دروساً ربانية في التواضع والتسامح، لأنها دليل حيٌّ على أنك لست بملاك أعلى من مستوى البشر، ثق أنك تعلَّمت من أخطائك، ومن النَّدم عليها الكثير، وامضِ في حياتك.
سامح نفسك، واعترف لها أن ما حدث كان أمراً غبيَّاً، ولكنه حدث، لقد أخطأت فأين الغريب في الموضوع؟ سامح نفسك فقد عنَّفتها بما فيه الكفاية، لا تجعل من أخطائك أبواباً للشيطان، يدخل منها ليقنعك أنك سيئ، فترتكب المزيد بهذا المبرر، أنت لست بسيء، وأنت تعلم ذلك، كل ما في الأمر أنك في لحظةٍ ما قمت بتصرف خاطئ، وأنت الآن آسف، ولا تغتر بمثالية من حولك، ففي جعبتهم الكثير من الأخطاء، إن من ستر الله علينا أنها لا تكتب على جباهنا وإلاّ لما خرج شخص من بيته.
دعني أتنبأ لك بالقادم وأخبرك أنه برغم كل ما تظن أنك تملكه الآن من حكمة إلا أنك سترتكب المزيد من الأخطاء في المستقبل؛ ستفاجأ بنفسك كيف أقدمت على أمورٍ کــتلك! هذه هي الطبيعة البشرية، هكذا أراد لنا الرحمن أن نكون إذ لم يخلقنا ملائكة منزَّهين عن الخطأ.
لا بدّ أن يسامح الإنسان نفسه على الماضي كي يستطيع الإستمرار في الحياة.
اضافةتعليق
التعليقات