كان البارحة يوما مميزا بالروحانية والإقبال على العبادة، الحمد لله الذي وفقني لأيمم شطر بيت الله الحرام للعمرة بعد كل هذه السنوات التي طالت شوقا لتأدية هذه الزيارة.
عدت الى بيتي الذي غدا بيتا مصغرا لبيت الله الحرام فمازلت اسعى بالعمل الصالح وألبّي دعوات الله للخير، رأيت احتفال اهلي برجوعي من مكة المكرمة واستقبالهم لي بعد اسبوعين من الاشتياق الى وجوه غدت احب الوجوه الي لأنها سببا لرضا الله وغفرانه وقبوله.
رافقني زوجي تلك الرحلة الايمانية وعدنا كعصفورين الى فراخنا المنتظرين لنا ولما نحمله من زاد لهم...
تراهم هؤلاء الصغار كانوا إلى أي شيء أشد اشتياقا لوجهينا أم للهدايا أم ماتحمله تلك الهدايا من معنى..
سمعت أول أذان في وطني فانهمرت دموع عيني حنينا الى ذلك الأذان.. الله اكبر الله اكبر هذه اول صلاة لي تبعدني عن الحرم المشرف كل هذه المسافات، كنت قبل ساعات في وفادة رب السماوات، اذا اردت الوضوء توضأت بماء زمزم، واذا اردت توجيه وجهي نحو القبلة استقبلت عيناي الكعبة، واذا سجدت اطربتني الارض ببرودة تنعش الروح.. اشهد ان لا اله الا الله.. رأيته وحده في قلبي خالقا ومؤدبا ورازقا ضمن الملايين من البشر مثلي يطوفون ويتضرعون يسبحون كل واحد منهم يراه الله الصمد الاحد.
اشهد ان محمد رسول الله.. اشهد ان عليا ولي الله..
هذا النبي فينا ومنا خاتم الانبياء رسول الرحمة الذي تشرفت بزيارته في المدينة فكسرت ذكرى حياته قلبي وانجبر الكسر بماله من فضل عند الله... شفيع المذنبين وسيد الخلق اجمعين ومن خلقت الجنة لاجله بل حبه الجنة والنعيم الابدي الذي لا احب الخروج منه، وخليفته من بعده ولي الله ورسوله علي أمير المؤمنين...
انتهت صلاتي الاولى وها انا اعود الى عالمي الذي غدا كل ما فيه مذكرا لله .. أترى هذه الزيارة وما تحمله من مسؤولية ملقاة على العاتق تبعدنا عن البهجة والفرح والسرور تتساءل ابنتي الكبرى وتسألني فأجيبها: يا ابنتي المتعة الروحية تفوق المتع المادية لذة، يا ابنتي وخلال موسم العمرة كانت لدي صاحبات ورفيقات السفر يزودنني بما يقربني من السماء ويرفعني عن التراب وما التراب سوى هذا الجسد وما السماء سوى توق الروح الى تلك النفخة الاولى يوم خلقنا الله فكنا انقياء من سواه.
تلك المذكرات من الصاحبات هن نسمات من عبير الجنان يرسلهم الله ليؤنسنا إذا ما أوحشتنا الذنوب وصحبتهن يا ابنتي خير صحبة، دقت الساعة السادسة صباحا تنتظر ابنتي موعد طائرتها المتوجهة الى المملكة...
اضافةتعليق
التعليقات