استجار فلان بفلان واستجاره فأجاره: أي طلب حمايته فحماه ومنعه وحقيقته طلب جواره ليكون في كنفه ويستوجب رعايته فيأمن وأجاره: قبل جواره وحمايته، ومنه قوله تعالى (يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ) (الآية31/الأحقاف) (وَهُوَ يُجِيرُ وَلا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ) (الآية88/المؤمنون)، ومنه جار فلان عن الطريق يجور جورا فهو جائر، كأنه تركها وصار إلي جوارها، وقد جعل ذلك أصلا في العدول عن كل حق، فبني منه الجور(1).
ومن أشهر قصص الإجارة في أخبار العرب هي قصة مجير الجراد وهو مدلج بن سويد الطَائي ومن حديثه أَنه خلا في خيمته ذات يوم فإذا هو بقوم معهم أوعية فقال: ما خطبكم قالوا: غزونا جارك قال وأي جيراني قالوا الجراد وقبرك بفنائك فقال: أما وسميتموه لي جارًا فلا سبيل إليه وركب فرسه وأخذ رمحه وقال لا يتعرض له احدا إلا قتلته فما زال يحميه حتى حميت الشمس عليه فطار وأحمى من مجير الظعن (2).
ومن قصص الإستجارة في عائلتي هو ما حدث مع خالتي التربوية الست حامدة إذ تقول: كنت أعمل مديرة لمدرسة في منطقة شعبية في إحدى ضواحي بغداد حين سمعت جلبة وصراخ وقبل أن أصل إلى باب غرفة الإدارة لاستطلع الأمر كان قد دخل الإدارة علي كلب نازف البطن وأحتمى بمكتبي عندها وصلت الباب وألتقيت وجهًا لوجه مع مجموعة شباب فيهم من يحمل عصا ومن يحمل حجارة ومن يحمل مسدسًا فقالوا نريد الكلب النازف الذي دخل إدارتك.
فقلت لهم: لا أعطيه وقد استجار بي
قالو: عض طفلًا منا وحالة الطفل خطرة
قلت: حين يغادر الإدارة افعلوا ما شئتم هو الآن في حمايتي
فقالو نقتحم الإدارة، قلت: يجب أن تقتلوني أولًا
وتأدوا الدية لأهلي.
فتركوني وخرجوا ينتظرون الكلب خلف سور المدرسة لكني بقيت حتى بعد الدوام أطببه وأعتني به حتى بلغ مأمنه، كنت سأحتقر نفسي كثيرًا لو إني سلمته؟
كيف يعيش من سلم إنسانًا؟
والحوادث الأخرى مع أبي وأذكر منها: كنا نستعد لصيف العام 2008 في البصرة حيث كنا نسكن يومئذ وعادة ما تبدأ العوائل بتنظيف مكيفات الهواء استعدادًا للصيف حتى لا يجهز عليها بحره ورطوبته وفعلًا بدأت ترتفع درجات الحرارة فيها وهي الغرفة التي تجتمع فيها كل العائلة لتنعم بنوم هانئ يخلقه الهواء المبرد لكن فوجئ والدي بفاختة اتخذت لها عشًا فوق المكيف وهي تنتظر بيضها أن يفقس فتنعم بالأمومة.
وهنا اتخذ أبي موقفًا حازمًا ستنتقلون جميعًا لنوم في غرفة المعيشة ولن ننظف المكيف ونفسد الأمن على هذه الحمامة التي استجارت بنا وأمنت على عشها في بيتنا لكن غرفة المعيشة ليس فيها مكيف هواء ، سأشتري لكم مبردة حتى يتوفر ثمن مكيف هواء ، مبردة مع هذا الجو الرطب ستزيد الأمر سوءًا ، فكان جوابه سنتحمل من أجل احترامنا لأنفسنا.
اضافةتعليق
التعليقات