في التاريخ الإنساني الطويل، دامت رغبة الإنسان في اكتساب المعرفة، سواء لغايات فلسفية أو عملية، وكانت هذه الرغبة محل تقدير في مختلف الثقافات حيث يُعتبر طالب العلم في الإسلام شهيداً إذا مات في سبيل ذلك.
لكن هنا تكمن اضافة ذات أهمية أخرى للمعرفة بالنسبة للأم كونها مربية جيل، فمن الغير ممكن تبقى الأم في دائرة معلومات مغلقة وسط عالم ضجيج محفوف بالتطور الانفجاري السريع.
الكثير من الأولاد يشكون في تباين أو اختلاف الأفكار بينهم وبين والديهم، ويشعرون أن هناك فارقا شاسعا بين الجيلين، فالأم التي لا تعرف غير ركن المطبخ وتضعه في أولويات هدفها اليومي تفكير خاطىء، وبسبب انغلاق الأم على أفكارها القديمة، حتما ستواجه صعوبات في التعامل مع أولادها، فعلى سبيل المثال عندما تحدثها بنتها عن ميولها في بعض المشاكل التي تتعرض لها البنت سواء في المدرسة أو بما يحيط بها لا تعرف الأم كيف تحتوي تلك الأزمة، بينما لوكان لديها كم معرفي والالمام بالقراءة، كانت ستعرف حتما التصرف بشكل أفضل. فاللأم تربيتان تربية الاهتمام بالأبن والتربية أعدها الأهم هي تربية قيم وأفكار ثم تشذيب العادات السيئة التي ستدخل مملكتها بدون استذان، ولابد وان وتكون مستعدة للمواجهة فكيف لو كانت الأم جاهلة لا تعرف حق نفسها ولا حق من كُلفت بتربيته وتعليمه.
فالمعرفة أمر إيجابي من شأنه أن يجعل حياة الإنسان أفضل وأسهل وأكثر سعادة. فالأم في دورها الرائد كرائدة الأسرة، تقع على عاتقها مسؤولية كبيرة تتطلب منها الاستمرار في تحصيل المعرفة وتطوير ذاتها، بالإضافة إلى تجسيد صفات الصبر والثبات. وهي مرحلة ليست سهلة بل إنَّ رحلتها تتخللها العديد من التحديات والمتاعب.
كيف تستطيع الأم قيادة الأسرة بحكمة وثبات
في زمنٍ تعجُّ فيه الحياة بالتقلبات والتحولات، تكون المعرفة سلاحاً قوياً في يد الأم، فهي تمكّنها من فهم العالم من حولها بشكل أفضل وتوجيه أسرتها نحو النجاح والازدهار. ومع كلِّ قدر من المعرفة يأتي تحدي الصبر، فتربية الأطفال وقيادة الأسرة تتطلب صبراً كبيراً وتحمُّلاً للضغوطات والتحديات التي قد تواجهها الأم يومياً.
من خلال الصبر، تستطيع الأم تجاوز الصعاب والمشاكل، وتبقى ثابتة وقوية فتلك أهم ركيزة تستند عليها الأم، فالصبر من دواعي نجاح المهمات ومهارة التعلم تحتاج الى الصبر. وتوصيل المعرفة إلى الأبناء ايضا تحتاج سعة صدر كبيرة، فهم يعتبرون أنفسهم يعرفون كل شيء وهم يعيشون في مرحلة اثبات الذات والأنا القادرة على كل شيء والتي تعرف كل شيء.
كما أن وسائل التواصل زادت من تلك الصفة وحلقت بأفكارهم إلى عوالم كبيرة وأصبحوا ضائعين بين والسلب والايجاب. فالمهمة صعبة لكن بالصبر ستكون النتيجة مرضية حتما، والزرع مثمر. ومن ذلك تتجلى أهمية تزويد الأم بالمعرفة وتطوير قدراتها على التحمل والصبر.
فمهمتها العظيمة تتطلب منها الاستعداد لمواجهة التحديات بكل قوة وثبات. وبما أننا أصبحنا في عوالم مختلفة ومتسارعة للنمو المعرفي لابد للأم أن تبدأ رحلة نحو المعرفة والاهتمام بتطوير مهاراتها وتعلم كل ما هو جديد، سواء في مجال التربية والتعليم أو في مجالات أخرى تساعدها على فهم العالم بشكل أفضل.
فالمعرفة هي السلاح الأقوى الذي يمكنها من تحقيق التوازن والنجاح في حياتها الشخصية والمهنية. كما من غير الممكن أن يكون النجاح مثمرا فيما اذا فقد التنظيم والتخطيط من خطتها في ادارة الأسرة.
فالتوازن بين الحياة العملية والأسرية، ومواجهة الضغوطات اليومية، يشكلان تحديات حقيقية تتطلب من الأم التفكير الذكي والتصرف بحكمة لتحقيق التوازن المثالي. ومن العوامل المهمة التي لم تأخذ بجدية وبنطاق أوسع في حياة المرأة هو أن تستثمر في نفسها وتسعى جاهدة لتعلم كل ما هو جديد ومفيد، سواء من خلال القراءة، أو الدورات التدريبية، أو التجارب الشخصية. أو اكتساب مهارات جديدة، حتى تكون مؤثرة بشكل كبير وتمتلك قوة إقناع هائلة، فهي غالباً ما تكون الشخص الذي يمتلك الحكمة والتجربة في العائلة، وبالتالي يمكنها أن تؤثر بشكل إيجابي على سلوك أفراد الأسرة وتوجيههم نحو الأمور الصحيحة.
في النهاية، تظل الأم شخصية قوية ومؤثرة، تقود الأسرة بحكمة وثبات، وتعمل على بناء مجتمع أفضل وأكثر استقراراً وتقدماً. ولذا، يجب على المجتمع أن يقدر دور الأم ويقدم لها الدعم والاحترام الذي تستحقه، لتستمر في تحقيق إنجازاتها ومساهماتها القيمة في بناء المجتمع وتربية الأجيال القادمة.
اضافةتعليق
التعليقات