كانت مجنونة بحب الأزهار والفراشات، مولعة بالطبيعة حد الهيام، عاشقة للأشجار ولكل النباتات منذ نعومة أظفارها، أنهت دراستها في كلية الزراعة قبل خمسة أعوام لكنها تعمل الآن في معمل للألبسة النسائية جالسة طوال النهار على ماكينة الخياطة...
العديد من النسوة وجدن بديلا بعيداً عن تخصصهن الأكاديمي ليحققن ذاتهن في سوق العمل دون الخروج من العرف الاجتماعي والحفاظ على مكانتهن، فكانت بداية شروق الفتلاوي قاسية، فبعد تخرجها عملت في مشغل للخياطة لتنجح بعد ذلك في أن تبتاع ماكينة خاصة بها لتعمل (خياطة) في زقاقهم وتكسب العديد من الزبائن حتى أن أختها التي تصغرها بعامين قد تعلمت فنون عمل الخياطة لتشاركها العمل على ماكنة أخرى.
شروق وأخريات لم يستسلمن إلى دوامة الانتظار في الحصول على عمل ضمن القطاع الحكومي أو الخاص، بل استطاعت أن تفكر خارج الصندوق وتأسس لنفسها عملاً خاصاً بها...
بهذا الجانب كان لـ (بشرى حياة) هذه الجولة الاستطلاعية:
آفاق الطف
حدثتنا زينب عبد المنعم في عقدها الأربعين صاحبة مشغل آفاق الطف للألبسة الجاهز: بعد تخرجي من كلية التربية قررت انشاء هذا المشغل حيث عملت جاهدةً للحصول على قرض عن طريق راتب أبي التقاعدي والذي سهل لي تأسيس مشروعي، ثم بدأت بتطوير المشغل في تصميم فساتين السهرة وغيرها حتى ضم مشغلي خمس نساء وأنا بينهن في تجهيز ما يلزم من الطلبيات.
وفيما يخص التسويق قالت: لدي زبائن الجملة وهن أيضا نساء يأخذن مني البضاعة لتسويقها على أصحاب المحال التجارية في الأسواق الشعبية أو يكون بيعهن مباشر في منازلهن أو بحسب ما تحتاجه الزبونة.
ختمت حديثها: أرى أن مشغلي المتواضع قد فتح أبواب رزق أمام الكثير من الفتيات الطموحات المحبات للعمل سواء ربات البيوت أو الخريجات.
معمل البابا
وكانت لإيمان عباس محمد تجربة في إنشاء مشروعها وهو معمل البابا لصناعة المعجنات حدثتنا قائلة: لأني أحب صناعة المعجنات سعيت بعد تخرجي لافتتاح معمل صغير لتصنيع منتجاتي وذلك بمساعدة زوجي، وبحسب دراسة الجدول للمشروع كان المبلغ الإجمالي لكلفتة (40) مليون دينار عراقي وبعد الإجراءات القانونية للتقديم بطلب القرض كان دفع مستحقاته يفوق قدرتي كبداية لهذا جمعنا ما ادخرناه لإتمام المشروع.
وأضافت: ثم بدأت بأول خطوات المشروع واستأجرت بيتاً وجهزته بما يلزم من معدات ومؤونة وبعد بداية صعبة ومتعبة لاقت منتجات المعمل الصغير تسويقا كبيرا من قبل أصحاب المتاجر وكانت هذه بداية النجاح.
وفيما يخص الأيادي العاملة قالت: عمدت على تشغيلهم وفق الطلبيات المراد تجهيزها ويكون ذلك تحت إشرافي، هذا وقد توسع عملي بتجهيز الأطعمة الجاهزة وتشغيل الكثير من الأيادي العاملة من النساء والرجال.
خديجة الكبرى (عليه السلام)
فيما قالت الباحثة الاجتماعية نور الحسناوي: إن ظهور سيدات الأعمال ليس بالحالة غير المتعارف عليها في تاريخنا الاسلامي فقد كان نبينا الأعظم محمد (صلى الله عليه وآله) أجيرا عند سيدتنا خديجة الكبرى (عليها السلام) يرعى تجارتها وهو مثال يتطلب استحضاره في فهم معنى أن المرأة يمكن أن تساهم في أعمال التجارة وفق أطر أعرافنا وتقاليدنا.
وبذلك يمكن للمرأة العراقية أن تصل إلى مكانة سيدات الأعمال المتعارف عليهن في العالم المتحضر، فالعمل يضيف للمرأة حالة متقدمة من التمكن الاقتصادي وهنالك الكثير من المشاريع الصغيرة حققت دخلا مجزيا وأنقذت عوائل من العوز المادي.
سيدات ناجحات
أحيانا ترغم الظروف المرأة على العمل وغالبا ما تجد نفسها في ذلك العمل وهناك من تسعى لتحقيق ذاتها من خلال التحاقها بعمل مناسب أو إنشاء مشروعها الذي كان ضمن حقيبة أحلامها، وفي الحالتين استطاعت أن تعمل ليكون لها دخلها الخاص وذلك وفق ما يناسب عاداتنا الدينية السامية لتحقق جزءا من طموحها ويمكن أن تساهم في مساعدة أسرتها سواء إن كانت متزوجة أو آنسة، وفي الحالتين أصبحت سيدة ناجحة قدمت لنفسها ولمجتمعها ما يساهم في التطور اجتماعيا أو اقتصاديا.
اضافةتعليق
التعليقات