من خديجة بنت خويلد توافدت كل البركات وصبت حيث ملتقى الخير في طهرها وطهارتها وكمال عقلها ..
أيام نداولها بين الناس، ليستيقظ الخلد حيث ذكرى استشهاد أم المؤمنين خديجة، أم الزهراء البتول ونفسها يلهث إلى لقاء الله عند مقتضى القدر المكلف بها ، وهي تودع النبوة وقلبها وجلا على النبي (صلوات الله عليه وآله وسلم) .. البيت مهدد برصد الكافرين وحقد المعاندين ، والماء حظر وقبضة اللهب بلغت حد التراقي، اعتاد المؤمنون في شهر رمضان المبارك على أحياء الرسالة ولزوم الشعيرة لأنه عهد القلوب ..فكانت الدمعة شاهدة المصاب حتى ننال أجر الصبر والتزام العهد وكل العزاء لحضرة سيد الأنبياء محمد (عليه وآله أفضل الصلوات) .
في بيت خديجة الكبرى (سلام الله عليها)، كان الحب وثيقة النبوة حتى تروى الولاية، زهرة
من كان قطافها أجمل وأحلى وأجود ما أهدي إلى رسول الله ..
وأعلى مقام حيث لا يضاهيه وسام إلى حضرة التضحية الكبرى خديجة بنت خويلد (سلام الله عليها).
فالهمة غذت الوصاية باغدق ماتملك لابي الحسن سلام الله عليه ، و الجود المستمر لحماية سيفه من خلوف الأعداء ومكائدهم ..
بيت خديجة الكبرى لم يكن للشرع وعاء فقط بل نقطة تحول لتعيد البشرية توازنها حتى مثول فرجها .
في وقت كان الظلم سواد لقلب المعاند، ورايته أحرزت السيدة خديجة بمواقفها للنبي صلوات الله عليه امتيازات خاصة ، ومكرمة عالية المضامين لم تحوزها أمرأة زمانها ، فكانت هي السيدة التي لقبت بالكبرى وهي أم المؤمنين والمؤمنات ، فامتلكت تلك العزة الثابتة عند الله سبحانه ، أن جعلها رحما طاهرا مطهر لحمل سيدة النساء فاطمة الزهراء، اعظم مافي الوجود، وبيت الثقلين ، ومدار الافلاك ، وعين الله الباصرة لعباده ..
لقد ورد في روضة الواعضين ، للنيسابوري ، أنّه "نزل جبرئيل على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يسأله عن خديجة (عليها السلام)، فلم يجدها، فقال: إذا جاءت فأخبرها أنَّ ربّها يقرئها السلام".
كيف لا وقد كانت للنبي (صلوات الله عليه وآله) خير معين له وفي كل الظروف ، بذلت مالديها في خدمة النبوة ، ودافعت عنه ، وتحملت كل الأذى من أجله ترافقه بكل خطواته ، وقد جندت نفسها ذخيرة متأهبة لتنفيد كل أوامره بدون تردد ..
حتى بقيت تنام هي ورسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في كساءٍ واحد لم يكن لها غيره.
وورد في اصول الكافي ، عن الإمام علي (عليه السلام): "ما كان يصلي مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم غيري وغير خديجة".
حتى أن النبي أثنى عليها في قوله :
«صدّقتني إذ كذّبتني الناس، وواستني بمال إذ حرمني الناس، ورزقني الله منها الولد إذ لم يرزقني من غيرها".
ولقد أغناه الله سبحانه ، بفضل مال خديجة سلام الله عليها وقد روي عن ابن عباس أنه فسّر قوله تعال ﴿وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى﴾ أي وجدك فقيراً، فأغناك بمال خديجة
ولقد ذكر الصدوق ، في الامالي :
فعن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): "لما عرج بي إلى السماء أخذ بيدي جبرئيل عليه السلام فأدخلني الجنة، فناولني من رطبها فأكلته، فتحوّل ذلك نطفة في صلبي، فلمّا هبطتُ إلى الأرض واقعتُ خديجة فحملَتْ بفاطمة، ففاطمةُ حوراء إنسية، فكلّما اشتقتُ إلى رائحة الجنة شممتُ رائحة ابنتي فاطمة" .
في العاشر من شهر رمضان المبارك وقبل تشريع الصيام ، أصيب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بحزنٍ عميق، يوم رحيل رفيقة رسالته ومعاناته زوجته السيدة خديجة الكبرى (عليها السلام).
أي كمال، هذا الذي أخذ من الرسول قلبه لحب خديجة ، حين قال: ( لقد رزقت حبها) فهي كفؤ النبي، والسر الذي قدره الله ورسوله فكانت خديجة (سلام الله عليها) حبل الوثيقة في عنق الحياة ومن مآثرها (سلام الله عليها)، أنها ذكرت وأختصت في جملة الزيارات المتواجدة عن لسان المعصومين في زيارة الإمام الحسين (عليه السلام) أولى لها الأئمة المعصومين (عليهم السلام) مكانة منفرد، أن نسلم قائلين: "السلام عليك يا بن خديجة الكبرى."
وقد حظيت مولاتنا خديجة الكبرى ، ذكرا شاملا في عموم الأدعية ، والزيارات فكان اسمها مرادفا مميزا في صدر كل قول ورد عن الأئمة المنتجبين .
فهي محلّ افتخارٍ للأئمة (عليهم السلام) وقد خطب الإمام الحسين (عليه السلام) في كربلاء :
"هل تعلمون أنَّ جدتي خديجة بنت خويلد أوَّلُ نساء هذه الأمة إسلاماً."
إنه الفخر، والاعتزاز، ودوام الخلد لها فبفضلها قام الاسلام وازدهر، وأثمر عوده، وبشهادة النبي وآل بيته.
مجدتها الأجيال وتوالت الكرامات، إلى يومنا هذا، السيدة خديجة صاغت للمرأة المسلمة المؤمنة شخصية ذات بصمة خاصة ، جعلتها في الصميم وألبستها ثوب الفخر والعز والاقتدار، وعلمت نساء العالم أجمع أن البيت لا يكتمل إلا بوجود المرأة الأم والقاعدة والقائدة ، فلا صياغة للحياة دون ذوقها وتصميمها وجمال أخلاقها والتزامها وتفانيها لدينها.
اضافةتعليق
التعليقات