في الآونة الأخيرة إجتاح المجتمع العراقي ثلة من الجرائم الغربية والبشعة التي تعتبر انتهاكاً لذات الانسان الكريمة وتعدي على حرمتها، ألا وأبرزها امرأة في الجنوب تقتل زوجها بالفأس، ورجل يحرق زوجته بالبنزين، وآخرها شخص يقوم بتشويه الضحية من خلال سكب مادة الأسيد على منطقة الوجه والرقبة..
وكأن سوء الأوضاع الأمنية التي يعيشها العراق ليست كافية، حتى تنتشر جرائم الاقتحام والقتل بصورة مرعبة ولأسباب مجهولة..
وبصراحة تامة أود أن أقول بأن ضجة الاعلام العراقي بل وحتى العربي لا يتعدى أيام المصيبة فقط وما إن تتحول القضية إلى الشؤون العليا من أجل التحقيق والقصاص حتى تضيع خيوط القضية وينتهي الأمر وكأن شيئا لم يكن..
وقضية الفتاة مريم التي اقتحم الجاني بيتها ودخل إلى غرفة نومها وشوه وجهها تماما بسكب مادة الأسيد عليها وهي نائمة في سريرها فقط لأنها رفضت الزواج منه!، وقبلها الفتاة التي احترق جسدها في بيت عائلة زوجها بمادة البنزين وتوفيت بعد أيام في المشفى بأحداث غامضة، وتستروا على الجريمة ولم يقبضوا على الفاعل وبقيت عالقة إلى الآن بلا نهاية!
كل هذه الجرائم هي عبارة عن ملفات مفتوحة لم تجد طريقها إلى القصاص من الفاعل بعد، فحتى الجريمة الأخيرة (قضية مريم) وتفاعل الرأي العام معها ومساندة الناس لم تكن كافية مادام الفاعل يتبختر حرا طليقا في الشارع بلا رقيب ولا حسيب!
ولحساسية الموضوع ولمعرفة تفاصيل أكثر حول هكذا نوعية من الجرائم كان لابد من طرح الموضوع على مختص لمعرفة التداعيات خلف هذه الجرائم، حيث قال القانوني (سيف الأسدي):
"في الحقيقة هنالك أسباب ومسوغات عدة لانتشار هذه الظاهرة الاجرامية بصورة عامة وانتشارها بصورة خاصة، فعلى سبيل المثال لا الحصر:
1-التجارب الفاشلة التي يمر بها بعض الأشخاص سواء كانت هذه التجارب على الصعيد العاطفي والشخصي، أو على الصعيد المادي والتي غالبا ما تترك أثرا في نفس الانسان، وعلى أثرها نجد هذا الشخص تحديدا والذي مر بهذه الظروف يميل إلى العنف والانتقام من المجتمع أو من شخص محدد.
2- الإدمان على المواد المخدرة والتي تصنف من أكبر وأخطر الأسباب التي تؤدي إلى انتشار هكذا ظواهر إجرامية ليس في العراق فقط، بل في جميع دول العالم.
3- التفكك الأسري والمشاكل العائلية تعد من الأسباب التي تولد في نفس الشخص روح الانتقام وبأبشع الطرق من الأشخاص المحيطين به.
بالإضافة إلى هذه الأسباب التي ذكرتها فهنالك أسباب أخرى لا يمكن حصرها في نقاط، فهي تختلف من مكان لآخر ومن بلد لآخر".
ولكن مهما اختلفت الأسباب وكثرت التداعيات تبقى الجريمة جريمة، ويبقى الضحية هو المظلوم والجاني هو الظالم ولابد للجاني أن يعاقب من قبل القانون والدين ويأخذ جزاءه فيما ارتكب، وقال (الأسدي) حول عقوبة الجاني في القانون العراقي:
"عاقب المشرّع العراقي على هذه الجريمة في المادة (412) في قانون العقوبات رقم (111) لسنة 1969 المعدل، ويعدها من جرائم الجرح والضرب والإيذاء العمد
وتصل عقوبتها إلى (15) سنة.
وتتراوح مدة العقوبة من خمس سنوات إلى خمسة عشر سنة أي السجن لمدة لا تزيد عن 15 سنة وهذا التراوح في العقوبة يترك تقديره للمحكمة حسب طبيعة الجاني والأسباب الدافعة والاضرار التي لحقت بالمجني عليه".
وكما يقول الله تعالى في كتابه العزيز: (في القصاص حياة يا أولى الألباب لعلكم تتقون) (١٧٩/ البقرة)، فلو ترك الجاني حرا طليقا دون حساب بالتأكيد ستشاع الجرائم وستزداد الانتهاكات، لأن الشخص الذي في نفسه بذرة شر وأمن العقاب بالتأكيد سيسيئ الأدب في المجتمع وسيكون سببا في ضرر وفساد الأمة.
ومع كل ما سيلحق بالجاني لا شيء يعادل الضرر النفسي والجسدي الذي ألحقه بالمجني عليه، فحتى لو تشافى المجني عليه جسديا سيبقى الألم النفسي يتجذر فيه ويأخذ وقتا طويلا حتى يتعدى هذه المرحلة وينسى أو يتناسى ما حصل معه.
ولمعرفة الطرق التي من خلالها يمكن الحد أو التقليل من ارتكاب هكذا فعل اجرامي قال القانوني (سيف الأٍسدي) في ختام كلامه نقطتين مهمتين وهي:
1"- تشديد العقوبة المقررة للجريمة في حال استخدم الجاني مادة الأسيد (التيزاب) أو أي مادة كيميائية حارقة تسبب أثرا خطيرا وجعل العقوبة هي السجن المؤبد.
2- حكر بيع هكذا مواد وعدم إتاحتها للناس ومعاقبة من يبيعها بشكل مخالف للقانون والأنظمة والتعليمات".
وفي الختام عندما تضيع الانسانية في مستقنع الأنانية وحب الذات ولا يعرف الانسان كيف يسيطر على غضبه ويكف اذاه عن الناس حينها يجب أن يأخذ القانون مجراه في التعامل مع النماذج التي لا تحترم الذات البشرية التي خلقها الله تعالى وصاغ لها حياة كريمة، ويجب أن يكون العقاب قاسيا حتى يكون درسا لكل شخص فكر في التعدي على غيره، وفي كل الأحوال لن يكون العقاب مقتصرا على الجانب الدنيوي فقط بل سيكون هنالك دستورا إلهيا يصيغ لكل انسان تعدى على النفس المحرمة وانتهك كرامة الانسان قصاصا إلهيا يشمله في الدنيا والآخرة.
اضافةتعليق
التعليقات