لكل مرحلة عمرية من مراحل الإنسان خصائصها فتعتبر مرحلة الشباب من أهم المراحل العمرية في حياة الفرد نظراً لكونها المرحلة التي تساهم في تكوين شخصيته المستقبلية وتجعله قادراً على إثبات نفسه ومعتمداً على ذاته ومسؤولاً عنها.
في الوقت الحالي يواجه الشباب العديد من التحديات تحت أطر مختلفة بعض منها من تأثير إهمال الدولة لهذه الفئة المهمة والبعض الآخر من إهمال الشاب عينه، فنجد الفقر وعدم توفر فرص العمل والأمن العام من مسؤولية القائمين على الدولة إلا إنها تتهاون بتقديمها للمجتمع..
وإن لدخول الثقافات الغربية تحد خاص إذ إنها انتشرت في عالم الشباب وأصبحت عادات يمارسونها تحت مسميات مختلفة (حرية، تحضر، تطور) رغم إنها لا تمس التقدم بأي صلة إلا إنهم يعتبرونها كذلك.
علاوة على ذلك نجد الشاب يتوانى في الاعتماد على نفسه واستغلال طاقاته الكامنة بالطرق الصحيحة فتراه يبيد العمر في الملهيات فأغلب الشباب يفتقرون إلى قلة التخطيط لذا ينبه الإمام علي (عليه السلام) على قضية مهمة ألا وهي الفراغ الفكري للشباب، فيقول (عليه السلام) "وإنما قلب الحدث كالأرض الخالية ألقي فيها من شيء قبلته".
بالطبع لا ننسى تأثير التحولات في البناء الأسري على الشاب باعتبار الأسرة اللبنة الأولى في نشأته وتكوين شخصيته، بالإضافة إلى التأثير النفسي يلعب دور مهم في حياة الشاب فالشاب العراقي بالخصوص نجده يعاني الكثير من الأزمات النفسية بسبب الحروب والطائفية والأزمات السياسية والاقتصادية..
فيقول العالم النفسي "وليم جيمس": "إذا قسنا أنفسنا إلى ما يجب أن نكون عليه بدونا معتدلين في هذا القياس، فنحن لا نستعمل إلّا جانباً صغيراً من طاقاتنا الجسمانية والذهنية، أو بمعنى آخر، إنّ الفرد منا يعيش في مساحة صغيرة وضيقة يستعملها داخل حدوده الحقيقية، إنّه يمتلك قوى كثيرة ومتعددة، ولكنه عادة لا يتذكرها أو يفشل في استعمالها".
إن النص القرآني دائماً ما يذكرنا بأن ينظر الإنسان إلى ذاته (وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ) فماذا لو تأمل الشاب إلى داخله وتمعن النظر في نفسه سيرى الكثير من الآفاق كانت أمام عينيه إلا إنه ساهي عنها.
فإذا أهمّ الشاب إرادته وانتزع الخوف المتغلل في جوفة وأطلق العنان لنفسه ليستغل الوقت في العمل وارتياد مجالس العلم والكف عن الاختلاط بإتمام الدين واكتشاف مكنونات نفسه ليطلع على مواهبه ويبدأ بالتخطيط الصحيح للمضي قدماً سينجح بالتأكيد.
كذلك على المؤسسات والمنظمات الإنسانية والدينية توفير الفرص للشباب في مختلف مجالات الحياة فعندما نأتي للنبي الأعظم (صلى الله عليه وآله) معلمنا الأول نجد أنه كعادته يوصي الشباب في كثير من الأمور ومنها الجد والاجتهاد فيقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "إن لله ملكاً ينزل كل ليلة فينادي يا أبناء العشرين جدوا واجتهدوا" ويمكن للشباب أن يشكلوا قوة إيجابية لدفع عجلة التنمية عند تزويدهم بالمعرفة والفرص التي يحتاجون إليها.
فقوة الشاب الشيعي في الوقت الحالي تكمن في (العقيدة)، فعقيدتنا هي الهوية وليست وجهة نظر فنرى مهما عصفت الأيام من أحداث وتغييرات نراه متمسكا بمبدأ أهل البيت وهذا يعود إلى الفطرة السليمة التي نشب عليها الشاب.
ففي حديث للنبي (صلى الله عليه وآله) يبين كيف أن الشباب يتحالفون مع النبي (صلى الله عليه وآله) فقد ورد عنه (صلى الله عليه وآله): "أوصيكم بالشبان خيراً فإنهم أرق أفئدة، وإن الله بعثني بشيراً ونذيراً فحالفني الشبان، وخالفني الشيوخ، ثم قرأ: فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم".
كذلك لا ننسى في الوقت الحالي انتشار العديد من المؤسسات والمراكز التي تهتم بالشباب وأيضاً التقنيات الحديثة من وسائل التواصل الاجتماعي والمنصات الإعلامية والتعليمية التي تساعد في تقوية مهارات الشباب وتعزيز ثقتهم بأنفسهم والاعتماد على ذواتهم.
فكل ما ذكر يعتبر نقاط قوة للشباب إذا ما استثمروها بالشكل الصحيح لصالحهم للبدأ برحلتهم وتكوين شخصيتهم المستقلة فيخضر برعم ربيعهم بالنمو فنحضى بمجتمع صالح قادر على تغيير واقعه بشبابه.
اضافةتعليق
التعليقات