(سلم لمن سالمكم وحرب لمن حاربكم) من زيارة عاشوراء ورد هذا المقطع والذي هو مصداق الوقوف مع الحق ونصرته واعلان السلم للموالاة والحرب على الأعداء قد تكون حربا نفسية أو حربا عقائدية فجناح السلم والحرب هو اعلان الموقف عند الشخصية.
وتجد من يقول أنا سلم لمن سالمكم ولست حرب لمن حاربكم فهو سلم لغيركم أيضا وثلة قليلة هم أصحاب القلب السليم الذين يدركون معنى التسليم والعقيدة الصحيحة فسلكوا طريق الحق وناصروا أهله تركوا خلفهم ملذات الدنيا وزخارفها وزبرجها وكانوا خير أصحاب وخير نسوة.
على صفحات التاريخ تجد نسوة خطت اسمها في العلياء قدمت الغالي والنفيس في ساحات المعركة من دون أن تصرخ أو تندب حظها العاثر.
بل كانت تدعم زوجها وولدها في الاستمرار في القتال ونيل الشهادة حتى ترضى عنها السيدة الزهراء عليها السلام.
فقد سمعوا واعية الحسين في يوم كربلاء ولبوا نداءه واستنصاره: (هل من ناصر ينصرنا) فسارعوا إليه كما يسارع النحل إلى الخلية.
ومن النساء اللاتي استنصرن الحسين (عليه السلام) وسارعن في تلبية دعوته هي السيدة أم سعيد بن مرة التميمي هذه المرأة التي قامت بتشجيع ولدها في سبيل نصرة ابن بنت رسول الله.
وتذكرنا قصتها بقصيدة: "يمة ذكريني من تمر زفة شباب" حيث طلب منها ولدها أن تذكر اسمه كلما رأت شاب في سنه. لنتعرف على سعيد الذي قال عنه الامام الحسين عليه السلام: أنت سعيد في الدنيا والآخرة.
ذكر في التاريخ أن سعيد بن مرة التميمي شاب حديث العهد بالزواج لما سمع بأن الامام الحسين (عليه السلام) يستنصر أشراف أهل البصرة وأنه طلب الأعوان والأنصار لم ينتظر حتى يتم تجهيز الجيش بل انطلق بمفرده حيث أقبل على أمه صبيحة عرسه ولم يدخل المنزل ولم يلتفت إلى زوجته ومايتعلق بالدنيا فوقف بباب الدار وصاح: يا أماه..
خرجت أمه قائلة :ماتريد يانور عيني؟
قال: يا أماه علي بلامة حربي وفرسي..
قالت: وما تصنع بها يابني؟
قال: يا أماه قد ضاق صدري وأريد أن أمضي خارج البساتين..
قالت: بني هذه ابنة عمك ادخل عليها ولاطفها فإنه ينجلي مابك من هم وغم..
قال: يا أماه لايسعني ذلك..
وبينما هم كذلك. إذ أقبلت زوجته وقالت: إلى أين يابن العم؟
فقال لها: أنا ماض إلى من هو خير مني ومنك..
فقالت: ومن هو خير منك ومني؟
فقال لها: سيدي ومولاي الحسين بن علي (عليهما السلام).
فبكت أمه وزوجته ثم أخذ لامة حربه وسار نحو جواده وإذا بأمه تركض خلفه وتناديه: بني سعيد قف لي هنيئة..
فوقف سعيد فجاءت أمه وقالت: ولدي جزاك الله عن الحسين خيرا.. لكن ولدي أما حملتك في بطني تسعة أشهر؟
قال بلى..
قالت: أما سهرت الليالي في تربيتك؟
قال: بلى وأنا لست بمنكر لحقك علي.
قالت: إذن عندي وصية.
قال: بلى يا أماه وما هي؟.
قالت: فاذكرني عند فاطمة الزهراء (عليها السلام) يوم القيامة بني إذا أدركت الحسين (عليه السلام) فاقرأه عني السلام وقل له فليشفع لي يوم القيامة لأنني اشتركت بنصرته..
فقال لها: كيف يا أماه؟
قالت: أنا قدمتك لنصرته..
فقال لها: يا أماه وأنا أوصيك بوصية
قالت: وماهي؟
قال: يا أماه إذا رأيت شابا لم يتهنا بشبابه وعريس لم يتهنأ بعرسه فاذكريني بالدعاء.
ثم ودعها وخرج من البصرة واقبل يجد السير في الليل والنهار حتى وصل أرض كربلاء ووافى الامام الحسين عليه السلام في يوم عاشوراء فرآه وحيدا فريدا..
فلما رآه الحسين قال: سعيد هذا؟
قال نعم سيدي.
قال: ياسعيد ماقالت لك أمك؟.
فقال: سيدي تقرؤك السلام.
فقال الحسين عليه السلام: عليك وعليها السلام، ياسعيد إن أمك وأمي في الجنة..
ثم قال سعيد: سيدي أتأذن لي أن أسلم على بنات الرسالة؟
قال: نعم فأقبل سعيد حتى وقف بأزاء الخيام ونادى: السلام عليكم يا آل بيت رسول الله..
فصاحت جارية السيدة زينب عليها السلام: وعليك السلام فمن أنت؟
قال: سيدتي أنا خادمكم سعيد بن مرة التميمي جئت لنصرة سيدي ومولاي الحسين قالت: ياسعيد أما تسمع الحسين عليه السلام ينادي هل من ناصر؟ هل من معين؟ ثم سلم عليهن ورجع للامام الحسين (عليه السلام) وهو ينادي لبيك لبيك سيدي أبا عبد الله..
ثم استاذن للقتال فاذن له الامام فحمل على القوم فقاتل حتى قتل رضوان الله تعالى عليه فجلس الامام الحسين عليه السلام عند مصرعه وهو يقول: أنت سعيد كما سمتك أمك.. سعيد في الدنيا وسعيد في الآخرة..
اضافةتعليق
التعليقات