عندما تنتظر شخص ما وتعقد عليه امالاً كبيرة وتشعر أنه اذا جاء فإن كل شيء يتغير في حياتك للأفضل وستحصل على حقوقك البسيطة المسلوبة، ولكنك تتفاجأ بأن نظرتك لذلك الشخص كانت خاطئة فبدل اعطائه لحقوقك يبدأ بسلبها، وبدل أن ينثر الطريق ورداً فإنه يملأه بالأشواك، في ذلك الحين تكون نظرتك عميقة وستعرف حينها من تنتظر ومن يستحق أن تعقد عليه الآمال ومن هو المنقذ الحقيقي، المنقذ الذي حددته السماء المنقذ الذي تنتظره جميع الشعوب بمختلف التسميات والعناوين ولكن الشخص واحد.
فالمنتظر هو (عنوان لطموح اتجهت إليه البشرية بمختلف أديانها ومذاهبها، وصياغة لإلهام فطري، أدرك الناس من خلاله، على الرغم من تنوع عقائدهم إلى الغيب. إن للإنسانية يوماً موعوداً على الأرض، تحقق فيه رسالات السماء بمغزاها الكبير وهدفها النهائي وتجد فيه المسيرة المكدودة للإنسان على مر التاريخ استقرارها وطمأنينتها بعد عناء طويل).(1)
ففكرة المنتظر والمصلح العالمي من البديهيات والضروريات الإنسانية، فالشعوب المظلومة تنتظر من يحقق العدل ويأتي بقوانين عادلة حقيقية، ويخلصها من القوانين الظالمة التي شرعها بعض الحكام والجبابرة من أجل السيطرة عليهم وتقييد حرياتهم وقتل الروح الإنسانية فيهم لا لشيء سوى الأنانية والطمع.
(فقد آمن الزرادشتيون بعودة بهرام شاه، وآمن الهنود بعودة فيشنو، وينتظر البوذيون ظهور بوذا،(2) كما ينتظر الأسبان ملكهم روذريق، والمغول قائدهم جنكيز خان، وقد وجد هذا المعتقد عند قدامى المصريين، كما وجد في القديم من كتب الصينيين، وينتظر المجوس اشيدربابي أحد أعقاب زرادشت، وان مسيحي الأحباش ينتظرون عودة تيودور كمهدي في آخر الزمان).(3)
فجميع الشعوب والأمم تحمل في عقائدها وطيات فكرها الفكرة أو الأطروحة المهدوية، ولم يقتصر الأمر على الشعوب المتدينة أو التي نشأت الفكرة لديها عن طريق الاعتقاد الديني.
بل إن الكثير من الملحدين والمنكرين للوجود الإلهي، آمنوا بهذه الفكرة وكذلك الفلاسفة والكتاب والعلماء وخاصة من أهل الغرب.
فقد (صرح عباقرة الغرب وفلاسفته بأن العالم في انتظار المصلح العظيم الذي سيأخذ بزمام الأمور ويوحد الجميع تحت راية واحدة وشعار واحد).
منهم الفيلسوف الانكليزي الشهير برتراند راسل قال (إن العالم في انتظار مصلح يوحد العالم تحت علم واحد وشعار واحد).
ومنهم العلامة اينشتاين صاحب النظرية النسبية، قال: (ان اليوم الذي يسود العالم كله الصلح والصفاء ويكون الناس متحابين متآخين ليس ببعيد).(4)
فهناك يوماً ما وعدنا به يتحول فيه العالم اجمع الى جنة على الأرض وينتهي فيه الظلم وتزول العداوات وينتهي الظلام وتشرق الأرض وهنا يحضرني البيت الشهير لآية الله السيد حسن الشيرازي الذي يقول فيه:
ويل العراق فليله لاينقضي * * * حتى تقوم حكومة الإسلام
فكأنه رحمه الله قد تنبأ لما يجري في بلدنا في تلك القصيدة التي يخاطب بها أمير المؤمنين علي (عليه السلام) وفي هذا البيت بالخصوص تتلخص فكرة المنقذ وتتعمق في النفوس عاماً بعد آخر وانه سيأتي يوماً ما وينتشل العالم اجمع من الوحل الذي اسقط نفسه فيه وأن الذي يدعي في نفسه شخصية المنقذ والمخلص سرعان ما ينكشف زيفه لأن الوعود والكلام شيء والتطبيق شيء اخر، فالسلام على المنقذ محيي النفوس يوم ولد ويوم يظهر لكي يملأ الدنيا بسنا نوره الوهاج.
اضافةتعليق
التعليقات